بلا شك أن ترك الوظيفة أحد الأمور المصيرية التي يُقبل عليها الموظفون لأسباب مختلفة، لكن قبل الإقبال على هذه الخطوة، ينتاب معظم الأفراد مخاوف وشكوك عدة، ومن هذا المنطلق تطرقنا عبر السطور القادمة إلى بعض الأسباب التي تستدعي وتتطلب من الموظف الإقبال على الاستقالة بجسارة جنباً إلى جنب مع بعض الدوافع التي تجعل الموظفين في حالة من الخوف، وذلك وفقاً لمختص ومجلة عالمية.
عدم التهور بترك الوظيفة جرَّاء موقف ودراسة الأولويات!
بداية أخبرنا المختص في التطوير الذاتي والموارد البشرية، عبد الرحمن حاتم، برأيه قائلاً :"قبل أن يقرر الفرد الاستقالة من العمل، عليه أن يتأنى؛ فحدوث موقف واحد مزعج، ليس من الصواب أن يكون سبباً لترك العمل، بل هو دليل قلة الصبر، كذلك أنصح أي فرد يُريد اتخاذ هذا القرار أن يدرس أولوياته بداية وقبل كل شيء، فهل أولوياته تتمثل في المال أو المنصب أو الاستقرار أو الحصول على الراحة في البيئة التي توجد فيها، فالشخص الذي يسعى لجمع المال غالباً لن يكترث ولن يُعطي للأمور الأخرى أهمية، وأيضاً ذلك الذي يبحث عن الاستقرار لا يهمه المنصب، والذي يبحث عن المنصب فغالباً يُفكر كيف يستطيع تنمية نفسه في مجاله أو الحصول على المنصب".
ثلاثة أمور توجِب ترك الوظيفة فوراً
استطرد عبد الرحمن حاتم قائلاً:" وعلى الجانب الآخر هناك، أعتقد أن هناك ثلاثة أسباب موجبة لترك الوظيفة والبحث عن أخرى؛ إذ إن حدوثها يستدعي من الفرد اتخاذ القرار وعدم التردد، وهي كالآتي:
- عندما تستيقظ من النوم ممتلئاً بالطاقة إلا أنك نفسياً مدمر من هذا العمل، ولا تحب المكان، ولا تستطيع الإنجاز فيه سواء كان السبب هو الأشخاص أو بيئة العمل.
- الإنفاق يكون أكثر بكثير من الدخل؛ فمهما اتبعت من أساليب من أجل أن يكون إنفاقك مساوياً لدخلك؛ فإن الإنفاق يتجاوز الدخل بكثير ، جنباً إلى جنب مع عدم تقدير العمل لمجهودك ورفع راتبك.
- عندما يُعذبك المدير ولا يُقصد بذلك عندما يطلب منك عملاً كثيراً، فالطبيعي أن بعض المُديرين يطلبون إنجاز الكثير من الأعمال في وقت قياسي وعلى الموظف التأقلم، ولكن إن أصبح تعامل المدير غير أخلاقي، هنا يجب ترك العمل فوراً، وهنا أقصد بأن المدير يهاتفك خارج العمل دائماً ويوبخك في حال عدم الاستجابة، أو أن يقوم بإهانتك أمام الأشخاص، ويطلب منك طلبات خارج إطار العمل ويوجِب عليك تلبيتها، وإن لم تقم بذلك لجأ إلى الاقتطاع من الراتب أو تقليل حقوقك!
تعرف أيضاً إلى خمسة أمور ذكية يجب القيام بها بعد ترك العمل.
مخاوف تخلق التردد
المجلة العالمية "هافارد بزنس ريفيو" أشارت أيضاً إلى ثلاثة مخاوف قد تنتاب الشخص عندما يريد التخلي عن الوظيفة، وعليه تجاوزها ببعض الخطوات التي تطرقت لها في الآتي:
الولاء للمنظمة والفريق
إن العمل في شركة لفترة طويلة من الممكن أن يخلق شعوراً بالولاء للمنظمة وأعضاء الفريق؛ فقد تقضي الكثير من الوقت في شركتك على حساب حياتك الاجتماعية أو عائلتك رغبة في الحصول على منصب ما أو أن تكون من أحد المساهمين، ولكنك تتفاجأ أخيراً بعدم التقدير، هنا قد تكون هذه النقطة بداية مسار التحول، وعلى الفرد أن لا يشعر بالذنب لترك الشركة القديمة؛ إذ عليك أن تُدرك إدراكاً تاماً بأن العلاقة بين الشركة والموظف تعتمد على الولاء والالتزام من كلا الجانبين، وليس فقط تحقيق الأهداف والحصول على الراتب، وفي هذا الإطار اطرح على نفسك بعض الأسئلة مثل:
- هل توفر لي الشركة مزايا وفرص تطوير من شأنها تعزيز مسيرتي المهنية وحياتي؟
- هل سياسات الشركة تشمل احتياجاتي المحددة؟
- هل تدرك الشركة القيمة التي أحضرها لهم من خلال المزيد من المال، أو الترقية، أو الشراكة، أو أي اعتراف آخر مهم بالنسبة لي؟
الحنين إلى ما كانت عليه الشركة
عندما تنضم إلى شركة وتحظى بخبرة رائعة لشهور أو لسنوات، فإنك تكون منخرطاً بشكل كامل في وظيفتك، ثم يحدث التغيير، سواء من خلال قادة جدد أو هيكل جديد أو تحول في الاتجاه الإستراتيجي للشركة، آنذاك تجد صعوبة في التعامل معه، وقد تؤدي هذه الأنواع من التغييرات التنظيمية إلى الشعور بالصدمة والإنكار أوالإحباط والاكتئاب، لذا إذا وجدت نفسك تكافح لقبول التغييرات والتكيف معها بمرور الوقت ووجدت نفسك تقول "لا أريد المغادرة لأنني أحب الشركة حقاً" بدلاً من "لا أريد المغادرة لأنني أحب وظيفتي"؛ فقد تكون عالقاً في الماضي، على أمل أن تعود الشركة إلى ما كانت عليه في السابق. من دون شك، التغيير صعب؛ لذا امنح نفسك الوقت للتكيف ومعالجة ذلك بنظرة موضوعية. وإن لم يحدث ذلك، وأصبح الأمر مضراً بحياتك المهنية؛ ففي هذه الحالة اطرح على ذاتك الأسئلة الثلاثة القادمة حتى تستطيع اتخاذ القرار:
- كيف كانت الشركة عندما انضممت إليها وما واقع الشركة اليوم؟
- ما الذي من شأنه أن يجعل البيئة أفضل بالنسبة لي؟
- هل يمكنني إجراء أي تغييرات أو طلبات إضافية لتحقيق القيم التي لم تعد قيد التنفيذ؟
الخوف لوحده سبب كافٍ
إذا أصبحت خائفاً من إثبات ذاتك مرة أخرى، إذا كنت تشعر بالإحباط بسبب موقف عمل سيئ يتكرر، الخوف من الصبر وعدم كسب الأجر وعدم وجود الأمل في الشركة، حيث إن هذا الخوف يتركك بلا ثقة في أن إجراء أي تغيير سيؤدي إلى بيئة عمل أفضل، وبدلاً من مجرد الحلم في بيئة عمل إيجابية ولمساعدتك على تجاوز مخاوفك، اطرح على نفسك سؤالين جوهريين:
- ما نوع الدعم الذي أحتاج إليه حتى أشعر بمزيد من الثقة؟
- ما الذي سيحدث عند ترك العمل؟
اطلعوا أيضاً على ظاهرة الاستقالة الهادئة المنتشرة في الشركات.