تُسلّط السطور الآتية، الضوء، على قصّة كريم محمود محمد كمال، خرّيج كلّية التجارة، المشغوف بصناعة الأثاث اليدوي، ما دفعه إلى تعلّم النجارة على يد حرفيي دمياط المهرة، وتأسيس متجر في دمياط لصنع الأثاث حسب الطلب، وتنفيذ أصعب التصاميم، مع مواكبة الموضة. فعلى الرغم من كلّ المشكلات، التي تعاني منها الصناعة اليدوية للأثاث في دمياط، لا يمكن القفز عن دور حرفيي هذه المحافظة الواقعة في شمال الدلتا، على الضفة الشرقية لنهر النيل، في إعلاء شأن حرفتهم، وإكسابها صيتاً عالميّاً. ففي دمياط، يتكاثر عدد الورش والمصانع والمعارض التي يخرج من أبوابها ثلثي الإنتاج من الأثاث الخشبي الكلي في مصر. وفي دمياط، يمكن الوقوع على قطع أثاث كلاسيكية، وأخرى معاصرة تواكب الجديد الطارئ على عالم المفروشات. جدير بالذكر أن النجارة رحلة تعلم مستمرة، حيث يقدم كل مشروع تحديات جديدة وفرصاً للنمو.
بلد صناعة الأثاث
بدأ كريم محمود محمد كمال مسيرته المهنية، في سنّ صغيرة، فهو عمل في مشاريع كثيرة، واجه فيها العديد من التحدّيات، قبل بيع ترابيزات التلفزيون الجاهزة عبر متجر إلكتروني أسّسه، وسمّاه "لوجار". كانت ترابيزات التلفزيون عبارة عن أربعة موديلات جاهزة، إلا أنه نتيجة لخبرته في عالم التسويق، لاقى مشروعه نجاحاً، وتزايدت الطلبات بشكل ملحوظ. شجعه هذا النجاح على مغادرة محافظة الاسكندرية، فترك أهله وناسه، وتوجه نحو دمياط للحاق بطموحه المتمثّل في صناعة الأثاث.
عن دمياط، يقول كريم إنها "بلد صناعة الأثاث، فالمدينة أشبه بـ"مصنع كبير يعجّ بـالحرفيين المهرة والمتخصّصين في كلّ جانب من جوانب الصنعة إلى حدّ أن تنفيذ تصميم واحد قد يتطلّب مشاركة المئات منهم"، مُضيفاً أن "دمياط تُصدّر قطع الأثاث لكل دول العالم، وأن هناك فضل لبعض المُعلّمين في ابتكار تصاميم محددة".
هناك، تعلّم كريم النجارة، بتفاصيلها، وأسرارها، على أيدي أصحاب الخبرات، وكان متعاوناً مع الحرفيين القدماء، ومستمعاً جيداً لطلبات العملاء، وملاحظاتهم. استحوذت روعة الخامات الخشبية وأصبغتها وروائحها وملامسها على اهتمام ابن الاسكندرية، وسرعان ما أصبحت صناعة الأثاث مهنته وحياته.
شيوخ الصنعة في دمياط
يصف كريم مهنة صناعة الأثاث بـ"الممتعة لمن يعشقها، وينشغف في تنفيذ القطع المختلفة منها، ولا ينظر إلى هذا العالم من باب الربح المادي البحت بل يعمل من أجل حبه لها". ويرفع شعار "شيوخ الصنعة"، وفي سؤاله عنه، قال إن "هناك ناس ضمن فريق عمله يتمتعون بخبرة ممتدة لخمسين عاماً فأكثر في مجال صناعة الأثاث"، وأضاف أن "الفضل يرجع إليهم في إنتاج أي موديل مهما كان الأخير مُعقّداً أو جديداً"، لافتاً إلى أن "شيوخ الصنعه هم أهل الخبرة، الذين نتعلم منهم في كل يوم". بالإضافة إلى ذلك، هو لا يغفل عن ذكر مهندسي دمياط، الذين يقومون بتصميم نماذج أثاث لا مثيل لها في العالم، ويحكي عن تجارب وأوقات طويلة منقضية في الاشتغال على بعض قطع الأثاث وتجربة خامات مختلفة لتتخذ شكلها النهائي المطلوب.
أثاث خشبي
عن الخامات الصلبة المستخدمة في صنع الأثاث، عدّد كريم أخشاب الزان الأحمر الروماني و"الإبلاكاش الثه" الروسي، وركز على الاهتمام في الأعوام الأخيرة بجعل قطع الأثاث ذات منحنيات وليس مستقيمة، ودور ذلك في التأثير على جمالية المنزل.
وعن ألوان أقمشة تنجيد الكنب، أوضح أن "اللون الأبيض هو الأكثر طلباً من العملاء. لكن، هناك الألوان المبهجة الرائجة أخيراً، لا سيما الأخضر والأحمر والأزرق للقطع الرئيسة، الكبيرة، وليس للملحقات الأصغر حصراً".
وعن الكنب كبير الحجم، الذي يُلاحظ حضوره، بكثرة، أخيراً في معارض المفروشات، قال إن "الحجم للواحدة من الكنب هو 2.20 متراً، إلا أنه من دول الخليج، ترد طلبات لكنب كبير يبلغ 3 أمتار لناحية الطول، وهذا الأخير جذاب في مساحات القصور والفلل. لكن، لا أنصح بحلول هذه الموديلات من الكنب في الشقق الصغيرة".
__________
- الصور من Lugar Furniture
