يعَد البيت هو المعلم الأول للطفل، ولأن الأم والأب يقومان بدَور كبير في حياة الطفل، من أجل تجهيزه للتعامل مع العالم الخارجي. ولذلك تقع مسؤولية كبيرة على الأم؛ لأنها هي الشخص الأول الذي يكون قريباً من الطفل، سواء القرب الجسدي أو النفسي والعاطفي. ونتيجة لتأثُّر الطفل بأمه؛ فهي يجب أن تكون قدوته الأولى لكي يتعلم منها بالتقليد وليس عن طريق الوعظ المباشر.
هناك عدة مهارات حياتية يجب أن تحرص الأم على تعليمها لطفلها؛ لأنه لن يتعلمها إلا منها. ولذلك فقد التقت «سيدتي وطفلك» وفي حديث خاص بها، بالمرشدة التربوية الأستاذة زينب عبدالوهاب؛ حيث أشارت إلى 6 مهارات حياتية أساسية لن يتعلمها الطفل إلا عن طريق الوالدين، ولن يمكنه تعلُّمها في المدرسة، مثل: الادخار والدفاع عن نفسه. في الآتي:
1- مهارة الحفاظ على المال
- علّمي طفلك ومنذ سن مبكر الادخار؛ لأن الطفل يجب أن يعرف أن المال لا يأتي بسهولة، ولذلك يجب عدم إنفاقه بسهولة ومن دون تخطيط. وإهدار المال من علامات الفشل الأولى، سواء على صعيد العائلة، مثل أن تكون الأم مسرفة، أو حتى على صعيد الشعوب التي لا تؤمّن قُوتها لوقت الأزمات. ويجب أن يكون الإسلام هو المعلم الأول لنا، وأن نذكّر أطفالنا دائماً بآيات قرآنية تحث على عدم الإسراف، ليس في المال فقط، ولكن في استخدام الماء وعدم رمي الطعام.
- عوّدي طفلك منذ صغره، ومن طرق تعليم الأطفال الادخار أن تكون له حصالة صغيرة جميلة الشكل يضع بها قطعاً نقدية صغيرة يحصل عليها على شكل عيدية مثلاً أو هدية من الجدين، وقومي بجمع هذه الأموال وفاجئي طفلكِ بأنك تمكّنتِ من شراء شيء ثمين بها. لكي يشعر الطفل بأن القرش فوق القرش يحقق ثروة، يجب ألّا يستهين بأيّ مبلغ صغير؛ لأنه سوف يكبر ويستفيد منه ذات يوم وبطريقةٍ ما.
2- مهارة الاعتماد على النفس
- عوّدي طفلكِ وبعد سن الثانية، الاعتماد على نفسه، واستخدمي نصائح تُعلم طفلك الاعتماد على النفس، من خلال أخصائية تربوية؛ لأنك سوف تكونين أماً فاشلة بامتياز إذا استمر طفلك بالاعتماد عليك في ارتداء ملابسه وربط حذائه مثلاً. وبعد ذلك حين يبلغ السابعة من عمره ويظل معتمداً عليك في ترتيب سريره وتجهيز حقيبته المدرسية؛ فأنت لن تظلي طيلة حياة الطفل فوق رأسه، وسوف يكون طفلك اتكالياً طول حياته، وينعكس ذلك على أدائه في الحياة ونجاحه في العمل الوظيفي؛ لأنه سوف يظل معتمداً على غيره في تيسير أمور حياته.
- علّمي طفلك أن يكون معتمداً على نفسه لكيلا يسخر منه الآخرون؛ لأنه قد يصل إلى مرحلة أن تقومي بدلاً عنه بأبسط أمور حياته. ولذلك لاحظي تطوّر نموّ طفلك. وبناءً عليه علّميه أن يعتمد على نفسه بناء على هذا النموّ؛ فحين يصبح طفلك أطول قليلاً، قومي بتعليمه ترتيب أرفف ملابسه في الخزانة مثلاً، وعوّديه أن يعيد طبقه إلى حوض غسيل الأطباق حين يصبح قادراً على حمل الطبق من دون كسره، وهكذا أيْ أنه يستطيع أن يحافظ على توازنه.
3- مهارة الدفاع عن نفسه
- علّمي طفلك أن من حقه أن يدافع عن نفسه لكيلا يتعرض للأذى المعنوي والجسدي بأيّة صورة من الصور، وأن هناك حدوداً للتعامل مع الأطفال الآخرين الذين سوف يلتقي بهم في المدرسة وفي الشارع وفي الأماكن العامة مثل النادي الرياضي، مثل أنه لا يجوز أن يملسه أيّ طفل تحت أيّ سبب، مثل أن يجذبه من ملابسه، أو أن يقوم بضربه حتى ولو على سبيل المزاح؛ لكي يتعلم أن يضع حدوداً لنفسه ولا يسمح للآخرين بتجاوُزها.
- عوّدي طفلك أن يدافع عن نفسه، ليس عن طريق الضرب ورد الإهانة بإهانة، ولكن عن طريق لغة جسده في البداية، مثل أن يقول لمن يحاول أن يعتدي عليه عبارة حاسمة: أنا لن أسمح لك، وفي هذه الحالة سوف تؤثر لغته على مَن أمامه. وفي حال استمرار الطرف الآخر في محاولة التعرُّض له، يجب أن يُبلغ الكبار، سواء الوالدان أو المعلم في المدرسة. ومن الضروري أن يتعلم رياضة للدفاع عن نفسه، ولكنه لن يستخدمها إلا في أقسى الظروف.
4- مهارة التواصل مع الأشخاص خارج نطاق العائلة
- علّمي طفلك أنه لا يستطيع أن يعيش وحيداً في هذه الحياة الواسعة، ولذلك تقع عليكِ مسؤولية تعليم الطفل؛ فيجب أن يتعلم طريقة التواصل مع الآخرين، والتي يكون من أهم مبادئها: احترام الطرف الآخر؛ لأن الاحترام هو الطريق الذي سوف يساعده لكي يتواصل مع المجتمع حوله؛ فيعرض وجهة نظره، وفي نفس الوقت يستطيع أن يصل إلى ما يريد، ويسير نظام حياته ويكون إنساناً ناجحاً.
- حاولي أن تجنّبي طفلك أن يكون منطوياً أو خجولاً، ويجب أن تخرجي به من البيت في سن مبكر، وعوّديه على التواصل مع الناس، سواء كانوا كباراً أو صغاراً. وعلّميه طريقة استقبال الضيوف والترحيب بهم، واحترام كبار السن وتقديرهم ورعايتهم؛ إضافة للإحسان إلى الأطفال الأصغر سناً، والتعامل مع الفقراء والمعوزين وعدم السخرية منهم.
5- مهارة إقناع الآخرين برأيه
- عوّدي طفلكِ على تقبُّل الرأي الآخر، مقابل ان يكون لديه مهارة إقناع الآخرين برأيه. ويجب عليه أن يتحدث بهدوء ومن دون صوت مرتفع، وذلك من أهم آداب الحوار التي يجب أن يتعلمها طفلك. وإذا ما تساءلتِ: كيف أعلّم طفلي آداب الحوار من عمر 3-8 سنوات؟ فاعلمي أن الطفل بعد سن الثالثة، يجب أن يكون قادراً على ترتيب أفكاره وشرح وجهة نظره على شكل خطوات بالترتيب، وإلا فعليكِ الشك في القدرات العقلية والإدراكية للطفل حين لا يشرح للطرف الآخر مثلاً، لماذا لا يحب ارتداء الأحذية ذات الأربطة.
- اهتمي بأن يكون لطفلك شخصيته المستقلة، وبألا يسمح لأحد أن يفرض رأيه عليه؛ لأنه قد يتعرض جرّاء ذلك للابتزاز والتنمُّر. وكوني حازمة معه في ضرورة أن يكون له رأيه. وساعديه على اتخاذ قرارات صغيرة في البيت؛ لكي يعتاد على أن يكون واثقاً من نفسه ولديه شخصية سويّة ومستقلة.
6- مهارة التعامل مع مشاعره وضبطها
- اهتمي بإفساح مساحة واسعة لطفلك لكي يعبّر عن مشاعره، ولا تسخري منه تحت أيّ ظرف، ولا تستخفّي بمشاعره؛ بل تفرّغي له وامنحيه الفرصة لكي يتكلم عن كلّ ما يشعر به؛ لأن الطفل إذا لم يتعلم التعبير عن مشاعره أمام أمه؛ فسوف ينشأ طفلاً مكبوتاً غيرَ قادر على التعبير عن نفسه؛ مما يؤثر على شخصيته وثقته بنفسه وتقديره لذاته؛ لأنه سوف يشعر بأن الطرف الآخر يستهين ويستخف به.
- حاولي الحديث مع طفلك بهدوء في حال كان يبكي، أو أنه كان يبدو حزيناً، وكذلك يجب أن تعلّميه طريقة التعبير عن مشاعره، واستخدمي خطوات لتشجيع الطفل على التعبير عن مشاعره بصراحة، مثل: أن تجلسي قبالته وتنظري في وجهه وتتحدثي معه بهمس وحنان، وتربّتي على رأسه لكي يشعر بالأمان ويبدأ في الحديث معكِ عما بداخله.
قد يهمك أيضاً: كيف تغرسين أواصر المحبة والألفة بين أطفالك في سن مبكر؟