في عصرٍ باتت فيه الشاشات والألعاب الإلكترونية جزءاً لا يتجزأ من حياة الأطفال اليومية، يُثار التساؤل: هل يمكن استغلال هذا الشغف بطريقة إيجابية لتطوير ذكاء الأطفال وتنمية عاداتهم المستقبلية؟ الإجابة هي نعم، إذا ما أُحسن استخدام هذه الوسائل بشكل مدروس.
في هذا التقرير يسلط الضوء الدكتور محمود الألفي أستاذ تكنولوجيا المعلومات على كيفية استغلال تأثير الألعاب الإلكترونية على الأطفال، وكيف يمكن للأمهات تحويلها إلى أدوات تربوية فعّالة؟ بجانب أخذ رأي الدراسات الحديثة وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة.
مستقبل الأطفال في يد التكنولوجيا الواعية
تعتبر الشاشات والألعاب الإلكترونية سلاحاً ذا حدين؛ في حين يمكنها أن تكون وسيلة فعّالة لتطوير ذكاء الأطفال وبناء عادات إيجابية، فإنها قد تصبح مصدر خطر إذا لم تُستخدم بحكمة.
على الأمهات والآباء أن يدركوا أنهم المفتاح في توجيه هذه الوسائل نحو الفائدة، من خلال اختيار المحتوى المناسب، تحديد وقت الشاشة، وتحقيق التوازن بين التكنولوجيا والأساليب التقليدية.
باستخدام هذه الأدوات بشكل مدروس، يمكن المساهمة في تنشئة جيل جديد قادر على مواجهة تحديات المستقبل، مع الاستفادة من التكنولوجيا كوسيلة للتعلم والتطور، وليس مجرد أداة للتسلية.
علامات عفوية وعادات غريبة تكشف ذكاء طفلك من عمر شهور وحتى 15 عاماً
تأثير الشاشات المتزايد على نمو الأطفال
تُظهر الدراسات الحديثة تأثير الشاشات المتزايد على نمو الأطفال، سواءً كان ذلك إيجابياً أو سلبياً؛ إذ وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF)، فإن 71% من الأطفال حول العالم الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و15 عاماً يستخدمون الشاشات بشكل يومي، سواءً للأغراض التعليمية أو الترفيهية.
لا شك أن الألعاب الإلكترونية قادرة على استقطاب انتباه الطفل، مما يجعلها أداة ذات تأثير قوي في تشكيل شخصيته، إلا أن هذا التأثير يتوقف على كيفية استخدامها والمحتوى الذي تقدمه.
إيجابيات الألعاب الإلكترونية: تطوير الذكاء والمهارات
يمكن أن تكون الألعاب الإلكترونية وسيلة فعالة لتنمية مهارات الأطفال الذهنية، خاصةً إذا كانت مصممة بطريقة تعليمية.
تعزز من قدرة الأطفال على حل المشكلات واتخاذ القرارات؛ إذ أظهرت الأبحاث أن الألعاب التي تعتمد على حل الألغاز والتفكير المنطقي تقوم بذلك.
على سبيل المثال، هناك ألعاب تتطلب التخطيط المسبق، اتخاذ خطوات مدروسة، والبحث عن حلول بديلة، وهي مهارات يحتاجها الأطفال مستقبلاً في حياتهم الأكاديمية والمهنية.
لكن هذه الفوائد لا تأتي تلقائياً، وهنا يأتي دور الآباء في اختيار الألعاب المناسبة التي تحفز تفكير الطفل وتثير فضوله العلمي.
التأثير السلبي للإفراط في وقت الشاشة
رغم الفوائد المحتملة، فإن الإفراط في استخدام الشاشات يحمل مخاطر كبيرة على النمو العقلي والجسدي للأطفال؛ فوفقاً لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، فإن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 إلى 5 سنوات يجب ألا يقضوا أكثر من ساعة واحدة يومياً أمام الشاشات؛ لأن التعرض المفرط قد يؤثر على تطور الدماغ ويؤدي إلى تأخر في المهارات الاجتماعية.
المشاكل الصحية مثل ضعف النظر، قلة النشاط البدني، واضطرابات النوم أصبحت شائعة بين الأطفال الذين يقضون وقتاً طويلاً أمام الشاشات، والأمر لا يتعلق فقط بالمدة الزمنية، بل أيضاً بنوعية المحتوى الذي يشاهده الأطفال، قد يؤدي المحتوى غير المناسب إلى تأثيرات سلبية على السلوك والعادات.
دور الأم في توجيه الاستخدام نحو التنمية
لتجنب الآثار السلبية وتعظيم الفوائد، يمكن للأمهات اتباع استراتيجيات مدروسة لتوجيه حب الأطفال للشاشات نحو تنمية ذكائهم وعاداتهم المستقبلية مثل:
اختيار الألعاب التعليمية:
الألعاب التي تعتمد على التفكير، حل الألغاز، وتعلم اللغات، يمكن أن تكون أدوات تعليمية فعّالة.
ألغاز تجعل الطفل ذكياً وسريع البديهة ما رأيك في محاولة حلها؟
تحديد وقت الشاشة:
من المهم أن تُحدد الأم وقتاً معيناً لاستخدام الشاشات بما يتناسب مع عمر الطفل، مع ضمان أن يكون هذا الوقت مخصصاً لأنشطة مفيدة.
دمج الألعاب مع التعليم التقليدي:
يمكن للأمهات المزج بين الأنشطة الرقمية والأنشطة التقليدية؛ مثل الرسم والقراءة، مما يضمن تنمية متكاملة لقدرات الطفل.
المراقبة الدائمة:
الاطلاع على المحتوى الذي يستهلكه الطفل أمر ضروري لضمان ملاءمته لاحتياجاته العمرية وتجنب المواد الضارة.
تحقيق التوازن بين التكنولوجيا والتعليم التقليدي:
التكنولوجيا ليست بديلاً عن الأنشطة التقليدية، بل يمكن أن تكون مكملة لها؛ حيث تساهم الأنشطة مثل الرياضة، القراءة، والتفاعل مع الآخرين في تنمية مهارات الطفل الاجتماعية والجسدية.
على سبيل المثال، يمكن للأم أن تنظم وقت الطفل بين التعلم عبر الألعاب الإلكترونية والأنشطة البدنية أو الحرف اليدوية، وهذا التوازن يساعد في الحفاظ على صحة الطفل العقلية والجسدية ويضمن تطوره بشكل شامل.
*ملاحظة من"سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.