تشكِّل صيحةُ البوكليه حاضنةً للكلاسيكيَّة الفنيَّة، والروحِ العصريَّة، وتضفي لمسةً من الحنينِ والنوستالجيا على ديكورِ الغرف، كما تتوِّج بخامتها رقي الزي الذي نختاره ببصمةٍ دافئةٍ، تكلِّل إطلالاتنا الخريفيَّة. فما الذي جعل هذه الصيحةَ رائجةً في عالمَي الديكورِ والموضة، وما العواملُ التي أدَّت إلى انتشارها بعد ركودٍ، دام عقوداً؟ كانت صيحةُ البوكليه المفضَّلة لدى المصمِّمين في القرونِ الوسطى، لكنَّها سرعان ما تلاشت، فما الذي جعلها تغزو المنصَّات اليوم؟ قبل الغوصِ في أسرارِ هذه الصيحة، يجبُ أن تعودي معنا بالزمنِ إلى منشأها ومميَّزاتها، لنكتشفَ معاً أسرارَ تهافتُ المصمِّمين والمستهلكين عليها.
إعداد:كارلا باسيل
يعدُّ البوكليه نوعاً من القماشِ الصوفي الذي يندرجُ التويد ضمنه مثل الصوفِ والكتَّان، ويعادلُ بجودته ورُقيِّه الحريرَ واللاميه، ويمكن اعتباره بديلاً مناسباً.
البوكليه هو مزيجٌ من خيوطٍ عدة من الصوفِ والكتَّان والحرير، لذا يمكن دمجُ ألوانٍ مختلفةٍ في قماشٍ واحدٍ، وهو محبوكٌ في النسيجِ بتقنيَّةٍ مجعَّدةٍ، وهنا يكمن سرُّ تميُّزه.لقد راجت هذه الخامةُ بشكلٍ لا يُصدَّق، إذ اعتمدتها الدورُ الراقيةُ في الأزياء مثل شانيل، وباتت خيارَ النجماتِ والشخصيَّات السياسيَّة لدرجةِ أن السيدةَ الأمريكيَّة الأولى جاكلين كينيدي، كانت ترتدي تاييراً من التويد الوردي، تلطَّخ لدى اغتيالِ زوجها بدمائه، فاحتفظت به بحالته منذ ذلك النهار. وانتقلت عدوى البوكليه إلى عالمِ الديكورِ في الأربعينيَّات حين استدعت مهندسةُ الديكورِ الأمريكيَّة فلورنس كنول المصمِّم إيرو سارينين Eero Saarinen، وطلبت منه تصميمَ مقعدٍ وثيرٍ، يشبه سلَّةً ممتلئةً بالوسادات، وفي أواسطِ خمسينيَّات القرنِ الماضي عندما صمَّم المهندسُ الألماني فلاديمير كاجان Vladimir Kagan الأريكة الملتوية Serpentine sofa، فراجت في الولاياتِ المتَّحدة، وباتت رمزاً للهندسةِ الداخليَّة الأيقونيَّة في البيوتِ الأمريكية. لقد أثبتت صيحةُ البوكليه نجاحها في عالمِ الديكور، خاصَّةً عندما تُستَخدمُ في تصميمِ الصوفا، والأثاثِ اللولبي والدائري، إذ تجسِّد القطعةُ منحوتةً فنيَّةً. ويحتوي هذا النسيجُ على أليافٍ ملتفَّةٍ ونصفِ دائريَّةٍ، تضفي مظهراً مميَّزاً على القطعِ المنفَّذة منها، وتلاقي هذه الصيحةُ رواجاً كبيراً لدى مهندسي الديكورِ الفرنسيين مثلChristophe Delcourt وPierre Yovanovitch، إذ يرون في استخدامِ هذا النسيجِ ارتقاءً بالديكورِ إلى مصافِ الرفاهيَّة الصامتة التي تركِّزُ على الألوانِ الحياديَّة ذات طابعِ المونوكروم المينيمالي العصري.
الثورة الناعمة
في ثلاثينيَّات القرنِ الماضي، بدأت كوكو شانيل Coco Chanel باستخدام البوكليه في تصاميمها، ولكنّها اعتمدت أوَّلاً التويد الصوفي قبل أن تتحوَّل الى البوكليه في الخمسينيَّات، وهكذا أبصرت سترةُ شانيل الأيقونيَّة النور. راجت السترةُ بسرعةِ البرق، فنوَّعت المصمِّمة في تنفيذِ تنانيرَ، وفساتينَ، ومعاطفَ من هذا النسيجِ الذي لا ينكمشُ، ولا يتجعَّد، ويحافظُ على شكله على مرِّ السنين، لذا شكَّل ابتياعُ سترة تويد من شانيل استثماراً مربحاً يشمل الملابس والإكسسواراتِ. وفي تصميمِ الأزياء، يبرزُ البوكليه الصوفي Wool Bouclé، والبوكليه المجعَّد Curly Bouclé، والبوكليه الشانيل مربَّع التقطيع، وقد عرفَ عالمُ الموضةِ هذا النسيج في القرن الـ 19. وعلى مرِّ السنين، طوَّرت معاملُ النسيجِ صناعته من موادَّ مثل القطنِ، والبوليستير الذي يشتهرُ بمقاومةِ الأوساخ. صحيحٌ أن شانيل روَّجت له في أوساطِ الأثرياء، لكنَّه انطفأ من بعدها حتى تسلَّم كارل لاجرفيلد Karl Lagerfeld مهامه لدى الدارِ الفرنسيَّة، وأعلن أن هناك ثلاثَ قطعٍ عابرةً للزمن، وهي القميصُ الأبيض، والجينز، والستراتُ التويد لدى شانيل Chanel. حاولت باقي الدورِ العالميَّة تنويعَ استعماله في كلِّ الملابس، وليس في الستراتِ، والمعاطفِ فقط، فطال القبَّعاتِ، والأوشحةَ أيضاً. وعلى الرغمِ من أن هذا النسيج، بدأ استعماله في الأزياءِ من أوروبا، وتحديداً من إسكتلندا إلا أنه لا يزالُ رائجاً حتى اليوم، بدليلِ أن دوراً مثل ديور، وستيلا مكارتني، وأنا سوي، وتوم براون، اعتمدته في مجموعاتِ شتاء 2024، وصيف 2025، وتمَّ تنفيذُ عديدٍ من التصاميم من هذا النسيج، الذي يجمعُ بين الرقي، والطابع العملي. لقد نفَّذت دارُ شانيل تصاميمها مقترنةً بالريش، والموسلين مع التويد، فيما استعانت دار أنا سوي Anna Sui بنسيجِ البوكليه بطريقةِ المربَّعات الإسكتلندية مع جواربَ صوفيَّةٍ عاليةٍ، وأوشحةٍ من الحريرِ على الرأس، تتناقضُ مع متانةِ القماش. أمَّا دارُ ميتريدات Mithridate، فاستعانت لخريف 2024 بهذا النسيجِ بقصَّة البليزر، وطوَّرتها على شكلِ فستانٍ طويلٍ، يزدان بصفٍّ من الأزرار. فيما نفَّذت دارُ لويس فويتون Louis Vuitton من هذا النسيج أزياءً بتقنيَّةٍ تعدديَّة الطبقات Layering، واستعانت ببليزراتٍ منفوخةِ الأكمام من الصوف، كما نفَّذت منه السروال البيرمودا مع ستراتٍ وقمصانٍ من الحرير.
ما رأيك بالاطلاع على أسرار لتنسيق غرفة المعيشة المودرن وجعلها أكثر فخامة
![](https://static.sayidaty.net/2025-02/405383.jpg?VersionId=jH2mmhSZuZ5Nml9byxBBetqJP4HSiGG5)
- كنبة Peekaseet، من تصميم Controvento، مستوحاة من حقيبة فندي الأيقونية Peekaboo، من فندي كاسا Fendi Casa.
- ماكس مارا ريزورت 2025 Max Mara - الصورة من Launchmetrics/Spotlight ©
- مقعد Mousse من تصميم Noé Duchaufour-Lawrance لعلامة ذا أنفيزيبل كوليكشن The Invisible Collection.
- سجّادة Terracotta lewitt من تصميم Garcé & Dimofski لعلامة ذا أنفيزيبل كوليكشن The Invisible Collection.
- شانيل خريف 2024 Chanel- الصورة من Launchmetrics/Spotlight ©
- شانيل خريف 2024 Chanel- الصورة من Launchmetrics/Spotlight ©
- مقعد ووسائد بقماش Opio من Fadini Borghi، من بيار فريه Pierre Frey.
أسباب تقف وراء تفضيل البوكليه
ثمَّة أسبابٌ كثيرةٌ، دفعتنا إلى تفضيل هذا القماشِ على غيره من الأقمشةِ في تصميمِ الديكور، وهي على الشكلِ التالي:
- تصميمٌ أيقوني عابرٌ للزمن، فتصاميمُ البوكليه تشكِّلُ جسراً، يصلُ الماضي بالحاضر، وهي خيارٌ راقٍ، يمكن أن تتوارثيه من جيلٍ لآخر.
- شموليَّته، ومرونته، فهو غير محصورٍ بحقبةٍ معيَّنةٍ لدى تصميمِ ديكورِ غرفةٍ ما، إذ يمكن الاستعانةُ بهذه الصيحةِ مهما كان الطابعُ الذي اخترتِه سواءً كان فنتدج مستوحى من القرونِ الوسطى، أو بطابعٍ مستقبلي، فالبوكليه صيحةٌ، تضفي الرقي والأناقةَ على أي غرفةٍ تقومين بتأثيثها.
- طابعه المريحُ، ومتانةُ القماش، وملمسُه، وشكله اللولبي المتنافر، يوحي بالراحة، ويدعوك للجلوسِ من أجل الإحساسِ بالدفء، فكلُّ ما في هذه الصيحةِ ينطقُ بالاسترخاء، وهذا سرُّ ثباتها.
- يتميَّز هذا النسيجُ بأنه لا يتشرَّب السوائل، وبمتانته في مقاومةِ التمزُّق، لذا فهو خيارٌ مثالي للأثاثِ وقطعِ الديكور تماماً كما الملابس.
- هو نسيجٌ مستدامٌ مصنوعٌ من موادَّ طبيعيَّةٍ عضويَّةٍ، ومن أليافٍ قابلةٍ للتدوير والتحلُّل.
طرق عصرية لتنسيق قطع أثاث البوكليه
اختاري الصوفا البيضاء لشقَّةٍ حديثةٍ في مبنى قديمِ الطراز بالعواصمِ التي تحملُ تاريخاً مثل باريس حيث المنازلُ مطليَّةٌ باللونَين الأبيض الرمادي، وتتميَّز بسقفٍ عالٍ، ونسِّقي طاولةَ قهوةٍ متعرِّجةَ الأطراف، يمكن وضعها في منتصفِ الغرفة.
ونظراً لتاريخِ البوكليه القديم، يمكن تنسيقه بطابعِ ريترو. اختاري صوفا، أو كنبةً من قماشِ البوكليه باللونِ البرتقالي النحاسي Rusty Orange، وضعيها وسطَ غرفةٍ مطليَّةٍ باللونِ الرمادي الجريج.
نسِّقي الكرسي المنفَّذ من الخشبِ البني الفاتح، وقماشِ Teddy الأبيض الذي اشتُهر في مجالِ صناعةِ المعاطف لدى ماكس مارا Max Mara، وبنانا ريبابليكBanana Republic في غرفِ النومِ والمعيشة، إلى جانبِ طاولةٍ خشبيَّةٍ مستديرةٍ. ومن أبرز مصمِّمي الديكور الذين طبَّقوا صيحةَ البوكليه في الديكورِ المنزلي، نذكرُEero Saarinen و Florence Knollحيث استعانا بتقنيَّةٍ ثلاثيَّة الأبعاد في تصميمِ الكراسي، مع ظهرٍ نصف دائري، أو متقوِّسٍ لإضفاءِ طابعٍ مريحٍ على القطعة.
يمكن إضافةُ وساداتٍ منفَّذةٍ من البوكليه إلى أثاثٍ مصنوعٍ من الجلدِ الطبيعي المرن.
يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط
![](https://static.sayidaty.net/2025-02/405382.jpg?VersionId=5tT4zdxxveNIWDs_cdebfCehbbP5copR)
- مصباح Totem Luce بزجاج مورانو، من تصميم Peter Marino لعلامة فينيني Venini.
- ورق جدران Aspen من Armadillo، لدى ذا أنفيزيبل كوليكشن The Invisible Collection.
- شانيل خريف 2024 Chanel- الصورة من Launchmetrics/Spotlight ©
- مقعد Vivienne من تصميم Gam Fratesi لعلامة مينوتي Minotti.
- مقعد F-Affair من تصميم Controvento لعلامة فندي كاسا Fendi Casa.
- كرسي مع مقعد لبسط الرجلين Prince “Cord” Indoor من تصميم Rodolfo Dordoni لعلامة مينوتي Minotti.
- لويس فويتون ربيع 2025 Louis Vuitton - الصورة من Launchmetrics/Spotlight ©
- وسائد بقماش Opio من Fadini Borghi، من بيار فريه Pierre Frey.
- أقمشة Opio من Fadini Borghi، من بيار فريه Pierre Frey.
- أريكة ووسادة Baba من تصميم Emmanuelle Simon لعلامة ذا أنفيزيبل كوليكشن The Invisible Collection.
- مقعد Cask من تصميم Norm Architects لدى إكسبورميم Expormim.
- مصباح Lagos من تصميم Wartel لعلامة ذا أنفيزيبل كوليكشن The Invisible Collection.
- فالنتينو ريزورت 2025 Valentino- الصورة من Launchmetrics/Spotlight ©