مدارس فنية تشكيلية غيرت نظرة العالم إلى الفن

سيدة ورجل من المهتمين بالفن يتابعون لوحة في متحف للفن الحديث
سيدة ورجل من المهتمين بالفن يتابعون لوحة في متحف للفن الحديث

منذ عصر النهضة، شهد عالم الفن والفنانين ما يمكن وصفه بثورة عارمة على الطقوس والتقالييد الفنية، حيث كلمة "غرائبي ومدهش" اصُطلح على أنها الوصف النهائي للحقائق التي أعادت النظر لسياقات الفن والفنانين، فما بين تجسيد وتصوير واقعي كلاسيكي ورومانسي وتطرق أو تطرف لأحلام ورؤى خيالية، ووحوش وكائنات أسطورية، وتكوينات تجريدية وأخرى هندسية عبرت عن سلوكيات مخفية وحالات نفسية استثنائية، بزغت أفكار جريئة وإبداعات بارعة وحركات ومدارس فنية وتشكيلية متنوعة في مختلف مجالات الفنون البصرية والعمارة والأزياء والتصوير الفوتوغرافي والتصميم وغيرها، غيرت نظرة العالم إلى الفن. بالسياق التالي "سيدتي" تعرفك من موقع www.royalacademy.org إلى مدارس فنية تشكيلية غيرت نظرة العالم إلى الفن.

الأكاديميات الفنية تُساهم في تغيير وإعادة صياغة دور الفنانين

لوحات فنية
مجموعة من اللوحات  بمتحف حيث استطاعت العديد من المدارس الفنية أن تُغير نظرة العالم إلى الفن


تقول هبة نور إسماعيل – فنانة تشكيلية وباحثة في تاريخ الفن لسيدتي: تزامن ظهور أولى الأكاديميات الفنية في أوروبا مع عصر النهضة، حيث حلت الأكاديميات محل النقابات وعملت على تغيير في فهم دور الفنانين، الذين بدأوا يكتسبون دوراً أكثر أهمية على الحرفيين، وقد كانت العديد من المدارس الفنية والأكاديميات المتخصصة المبكرة في التاريخ قصيرة العمر ولم يكن لها علاقة كبيرة بالتدريب الفني أو الأكاديمي. وبدلاً من ذلك، عملت كتجمعات اجتماعية للهواة المتشابهين في التفكير الذين ناقشوا الفن والتصميم، مثل أكاديمية ليوناردو دافنشي التي تأسست في ميلانو حوالي عام 1490، ثم تأسست أكاديمية التصميم، في عام 1563 في فلورنسا على يد الدوق الأكبر كوزيمو الأول دي ميديشي، الذي كان أول رئيس للمؤسسة مع مايكل أنجلو. جاءت فكرة الأكاديمية من الرسام ومؤرخ الفن جورجيو فاساري، وكانت العضوية، على النقيض من النقابات، منحة للفنانين العاملين بالفعل، وخارج إيطاليا، كانت الأكاديمية الفنية الأكثر نفوذاً هي الأكاديمية الملكية الفرنسية والتي غيرت اسمها بعد الثورة الفرنسية إلى أكاديمية الفنون الجميلة، وانضمت إليها لاحقاً الأكاديمية الملكية في لندن، التي تأسست عام 1768، وقبل إنشاء الصالونات والمعارض المستقلة، وفرت الأكاديميات للفنان منفذاً منتظماً لعرض أعماله. على سبيل المثال، بدأت الأكاديمية الملكية الفرنسية للرسم والنحت في إقامة المعارض في عام 1663 وفتحتها للجمهور في عام 1673.
سمحت المدارس الفنية والمعارض الجماعية للفنانين بتحرير أنفسهم، جزئياً على الأقل،  وقد زاد تأثير أكاديميات الفنون على مر العقود، حيث أصبحت هي التي تشكل الذوق العام وأثرت بشكل كبير على مكانة الفنانين، وعلى النقيض من الأكاديميات الجامدة من القرون السابقة، تعد أكاديميات الفن المعاصر مراكز قوة إبداعية. فيما يلي، نُدرج العديد من أكثر أكاديميات الفن الحديث والمعاصر تأثيراً والتي شكلت بشكل كبير عالم الفن المعاصر.
وإذا تابعت السياق التالي فستتعرفين إلى: أعظم فناني عصر النهضة

أهم المدارس الفنية التي غيرت نظرة العالم إلى الفن

 

مدارس فنية
                العديد من المدارس الفنية غيرت نظرة العالم للفن


بحسب موقع www.royalacademy.org ، فهناك عدد من المدارس الفنية التي غيرت نظرة العالم إلى الفن وسياقاته تماماً ومنها:

مدرسة الباوهاوس

بمرور الزمن لا تزال مدرسة الباوهاوس المدرسة الأكثر تأثيراً في الفن والتصميم في القرن العشرين - وربما في كل العصور. فهي واحدة من عدد قليل من المؤسسات ذات الفكر المثير والمؤثر التي تأسست في أعقاب الحرب العالمية الأولى والثورة الروسية. بدأت الإرهاصات الأولى للمدرسة التي أسسها المهندس المعماري والتر غروبيوس في ألمانيا عام 1919، ولم تكن الباوهاوس أقل من محاولة لإعادة تشكيل العالم، وتحويل الصناعة من خلال الجمع بين الفن والتصميم والتكنولوجيا وتفكيك الحدود بين التخصصات، ومن ثمّ فقد غيرت مدرسة الباوهاوس تماماً الطريقة التي كان يتم بها تدريس الفن في الأكاديميات في القرن التاسع عشر، حيث تم حظر دروس الرسم الحي، وتوقف تشجيع التصوير الممارس بعناية، ليتم استبداله بالتجريد الهندسي والأداء والتجريب المادي. وتم تقسيم المدرسة إلى ورش عمل تشبه المختبرات، مثل ورش العمل الخاصة بأشغال المعادن والمسرح والتصوير الفوتوغرافي، وعلى الرغم من إرثها الكبير وزخم ما قدمته الباوهاوس من إنتاجات لم تدم طويلاً. فقد افتتحت في فايمار، ثم انتقلت إلى ديساو قبل أن تقضي فترة قصيرة في برلين، حيث أغلقت أبوابها في عام 1933 تحت الضغط السياسي. وانتقل العديد من الطلاب إلى الولايات المتحدة وخارجها في ثلاثينيات القرن العشرين، لنشر تعاليم الباوهاوس والتي انطلقت وانتشرت في جميع أنحاء العالم منذ تلك الفترة حتى اليوم، ولا تزال مبادئ الباوهاوس تشكل الأساس لكيفية تدريس الفن والعمارة في جميع أنحاء العالم.
ويمكنك التعرف إلى المزيد من ذات السياق إذا تابعت السياق التالي: من الأثاث إلى منتجات أبل.. الباوهاوس محركة للتصميم المعاصر

مدرسة بلاك ماونتن

عندما أغلقت مدرسة الباوهاوس أبوابها، انتقل العديد من أساتذتها وطلابها عبر المحيط الأطلسي، حيث حافظوا على شعلة الفن في مدارس الفنون في الولايات المتحدة. وكانت كلية بلاك ماونتن الأكثر شهرة بين هذه المدارس. وقد افتُتِحَت هذه الكلية، التي تقع بجوار بحيرة في التلال المتدحرجة في ولاية كارولينا الشمالية، في عام 1933، وقد استوحى التدريس فيها أفكار "التعلم بالممارسة" التي طرحها الفيلسوف والمصلح الاجتماعي الأميركي جون ديوي، وقد كانت الحياة المجتمعية وما يسمى "الذكاء التعاوني" من الأهداف الأساسية لكلية بلاك ماونتن. وكان الحرم الجامعي نفسه بمثابة موقع لمشاريع البناء الحية، بما في ذلك أول قبة جيوديسية (وغير قابلة للرفع) لباكمنستر فولر، وقد ضمت المدرسة بعض الشخصيات الرئيسية في الفن الأميركي بعد الحرب العالمية الثانية مثل روبرت راوشينبرج، وروث أساوا، وكينيث نولاند، وقد كان مبدأ المدرسة الرئيسي ينص على أن "الطالب، وليس المنهج الدراسي، هو المركز المناسب للتعليم العام".

مدرسة كالا بهافانا

ظهرت مدرسة كالا بهافانا كرد حاسم وإعلان لرفض الممارسات الفنية الاستعمارية في البنغال، حيث كان التدريس متجذراً في الطبيعة، مع مبادئ بيئية بعيدة النظر، وقد هدفت المدرسة للجمع بين سياقات الفن والحرفة والأداء، أسس المدرسة العالم الموسوعي الحائز على جائزة نوبل رابندراناث طاغور، وقد افتُتِحَت بهافانا للفنون التجريبية في عام 1919، في شانتينيكيتان، غرب البنغال، بالقرب من الحدود الحديثة مع بنجلاديش، وكان أول مدير للمدرسة طاغور الرسام ناندالال بوس، وهو أحد رواد الحداثة في شبه القارة الهندية، وقد لعبت المدرسة الفنية دوراً محورياً في تشكيل الرسم الحديث في الهند، فقد حفزت المدرسة التفكير في معنى أن يكون الفنان حداثياً، على أن اللافت كون المدرسة عابرةً للحدود الوطنية بشكل صارخ، ومرتبطة بشبكات دولية، وقد رفضت المدرسة القواعد الكلاسيكية التاريخية التي كانت سائدة في الأجيال السابقة في الفن ليتم الاحتفال بالانتقائية والنقاء. ومن بين خريجي كالا بهافانا المخرج السينمائي العظيم ساتياجيت راي والرسام كي جي سوبرامانيان، الذي التحق بالكالا بهافانا خلال الأربعينيات وأصبح فيما بعد عميداً للفنون الجميلة في بارودا. لقد شكلت كالا بهافانا، باعتبارها حركة ومدرسة، أعمال أجيال من الفنانين الهنود.
ويمكنك من السياق التالي التعرف إلى: الفرق بين الفن التشكيلي والتجريدي

مدرسة فخوتيماس "الباوهاوس السوفييتي"

كانت تجربة سوفييتية ملهمة في مجال تعليم الفن الطليعي، وهي اختصار للكلمة الروسية التي تعني "أبطال الفن الجديد"، وقد افتتحت هذه المدرسة الفنية العريقة في بيلاروسيا الحالية بالعام 1919، حيث أسس كازيمير ماليفيتش مجموعة UNOVIS، وكان هناك تجربة سوفييتية أخرى في مجال تعليم الفن الطليعي ـ أكبر حجماً، وإن كانت أقل شهرةً من UNOVIS ـ هي VkhUTEMAS (اختصار لإستوديوهات الفن العالي والتقنية)، وقد افتُتحت في موسكو بعد عام واحد، في عام 1920. وتصور VkhUTEMAS، التي يُشار لها باسم "الباوهاوس السوفييتي"، الفن باعتباره نوعاً من الإنتاج الصناعي، حيث أُسُست بموجب مرسوم أصدره لينين. وكان برنامجها يقوم على دمج الممارسات الفنية والعلمية، مدعوماً بنوع من الدورات التأسيسية، التي تعتمد على التجريب المادي، وقد كان أعضاء هيئة التدريس فيها من الفنانين البنائيين الرئيسيين ومنهم إل ليسيتزكي، الذي صمم غلاف كتاب العمارة المدرسي وألكسندر رودشينكو، وفارفارا ستيبانوفا، وليوبوف بوبوفا، بالإضافة إلى ماليفيتش. والمدهش أن هذه المدرسة مثلها مثل الباوهاوس، أثبتت أنها قصيرة العمر. فقد تم حلها في عام 1930.

مدرسة دوسلدورف

كانت فترة ما بين الحربين العالميتين بالنسبة للمدارس الفنية أغرب فترة تجريبية للفنون، حيث كان العقدان التاليان للحرب العالمية الثانية فترة نمو سريع، وقد ارتبطت دوسلدورف بجيل من المصورين الشباب الذين سعوا بهدوء لتفكيك وإعادة تجميع الوسيط الفني والأدائي، ومن رواد المدرسة أندرياس جورسكي وتوماس ستروث وكانديدا هوفر وتوماس روف.
ونحو المزيد يمكنك التعرف إلى: أشهر مدارس الفن التشكيلي