في لقاء حصري مع المصممة السعودية أروى العماري، تحدثنا عن بداياتها الملهمة في عالم الأزياء، وكيف استطاعت دمج الفن مع ريادة الأعمال؛ لتأسيس علامتها التِجارية "آرام" Aram. منذ طفولتها، كان لديها شغف بالفنون المتنوّعة، ثم تطوّر هذا الشغف إلى حب لريادة الأعمال؛ مما دفعها لابتكار تصاميم تعكس تراث وثقافة السعودية. تتحدث أروى عن التحديات التي واجهتها في البداية، وكذلك الإلهام الذي تستمده من الفنون والثقافات المختلفة؛ خاصة الثقافة السعودية الغنية والمتنوّعة، وعبّرت عن مشاعرها تجاه أهمية يوم التأسيس لها. في هذا اللقاء، نكتشف المزيد عن: أفكارها الإبداعية، مجموعاتها الأخيرة، ورؤيتها لمستقبل علامتها التجارية في السنوات القادمة.
هل يمكنكِ أن تشاركينا القصة وراء بدايتك في صناعة الأزياء؟
منذ طفولتي، كان لديّ شغف كبير بالفنون بأنواعها المختلفة، سواء أكان: الرسم، الموسيقى، أو النحت. ومع مرور الوقت، بدأ يظهر لديّ حبٌ لريادة الأعمال. وعندما كبرتُ، قررتُ أن أبدأ مشروعي الخاص، ووجدت أن عالم الموضة هو المنصة المثالية التي تجمع بين الريادة والفن. ففي الموضة هناك إبداع وتصميم للمنتجات، وثقافة وفن وسرد قصصي. من هنا، شعرت أن التصميم هو الطريقة التي أستطيع من خلالها التعبير عن نفسي، كما أنه يتيح لي فرصة لعكس ثقافة بلدي والعمق الموجود لدينا في السعودية.
وكانت هذه هي بداية مشواري. أنا حاصلة على شهادة في إدارة الأعمال، ودرستُ أيضاً تصميم الأزياء في إسمود Esmod. والحمد لله، منذ أول مجموعة صممتُها، وهي مجموعة التخرُّج، حصلتُ على عدة جوائز.
قد يهمك أيضاً: استعدي ليوم التأسيس السعودي بإطلالات من وحي المناطق في المملكة
هل واجهتِ تحديات أو عقبات معيّنة في المراحل المبكرة لبناء علامتك؟ وكيف تغلبتِ عليها؟
كل بداية تحمل في طياتها تحديات. في السعودية، لم يكن عالم الموضة كما هو عليه الآن. اليوم، لدينا بيئة متكاملة، وتعليم متخصص، وهيئة للأزياء والمصممين، وقد تغيّرت نظرة المجتمع بشكل كبير تجاه تصميم الأزياء كمهنة. لم تكن هذه الفكرة موجودة في الماضي. لكن عندما يمتلك الشخص حباً وشغفاً لشيء معيّن؛ فإنه يستطيع أن يبدع فيه مهما كانت العقبات. أهم عنصر في بناء أيّ مشروع، سواء في مجال الموضة أو غيره، هو: الاستمرارية، الإصرار، والتفكير الريادي. وعندما يواجه الشخص مشكلة، عليه أن يبحث عن طرق لحلها.
مصادر الإلهام

من أين تستمدين إلهامكِ الإبداعي؟
أستلهم من جميع أنواع الفنون، مثل: المسرح، المتاحف، الأفلام، الموسيقى، اللوحات، والقصص. كما أن الثقافات المختلفة تلهمني. في بداياتي، ابتكرتُ مجموعة تحت اسم "Tea Time At Aram"؛ حيث كنتُ أدرس في بريطانيا، واستلهمت الفكرة من ثقافة جلسات الشاي بعد الظهر التي كانت سائدةً هناك.
ولا يوجد أغنى وأعظم من الثقافة السعودية وتراثها. السعودية بلد كبير جداً، وتحوي تراثاً غنياً يتنوّع حسب المناطق. من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، وكلّ منطقة تتميز بثقافة مختلفة من ناحية: الطعام، والموسيقى، والملابس، والعادات. هذا التنوُّع هو مصدر إلهامٍ كبير لنا.
كيف تمزجين بين التأثيرات التقليدية السعودية والاتجاهات الحديثة في عالم الموضة في مجموعاتكِ؟
دمج العنصر التراثي ليصبح عصرياً ليس بالأمر السهل. لكن عندما يمتلك المصمم رؤية واسعة عن مشهد الموضة، واطلاعاً على المتطلبات العالمية، وفهماً للعميل المحلي والعالمي، يصبح قادراً على دمج هذين العنصرين بشكل مبدع.
ما ساعدني كثيراً، هو أنني منذ الصِغر كنتُ أرسم لوحات فنية، وهو ما ساعدني على تصميم مواد خاصة بي. أبدأ التصوُّر بفكرة أو قصة، ثم أترجمها من خلال تصميم الأزياء؛ حيث أكون قد حددت مسبقاً النقوش أو التطريزات أو التفاصيل الأخرى في القطعة.
اسم علامتك التجارية "آرام" Aram مميز جداً. هل يمكنكِ أن تشرحي لنا معنى هذا الاسم، وما الذي يمثله بالنسبة لكِ شخصياً؟
اسم "آرام" Aram مستوحًى من اسمي الشخصي، أروى العماري. كان الهدف من هذا الاسم أن يكون مختصراً وسهلاً. ومنذ البداية كانت الرؤية هي أن تكون العلامة التجارية عالمية.

سر المجموعة الأخيرة
- هل يمكنكِ أن تحدّثينا عن مجموعتكِ الأخيرة؟
آخر مجموعة عرضتُها كانت مجموعة وايلد Wild، هذه المجموعة تحتفي بالحياة الفطرية الساحرة في السعودية، التي تتميز بالغموض والنقاء.
استلهمتُ القطع من حيوانات نادرة مثل: المها والنمر العربي، والذئب العربي، وطائر الحبارى، بالإضافة إلى النباتات البريّة مثل: السنط والغضا والسدر. هذه الحيوانات والنباتات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بثقافتنا العربية والسعودية، وغالباً ما تُذكر في الأشعار والأمثال.
اعتمدتُ في المجموعة على أسلوب دمج الفنون مع الثقافة بأسلوب فاخر؛ لإنشاء قطع فنية يمكن ارتداؤها. وتضمنت المجموعة حقائب Duffle bags، بالإضافة إلى أكسسوارات مثل: الأقراط التي تحمل نقوش جلد النمر العربي، وحيوان المها، والبروشات، والأوشحة، وقِطعٍ للرأس على أشكال الحيوانات، بالإضافة إلى حقيبة الحبارى التي تحتفي بطائر الحبارى، وهو من أهم الطيور البرية في المملكة. استخدمتُ تقنيات حديثة مثل: قص الليزر، والطباعة ثلاثية الأبعاد. واستلهمت أسماء القطع من ثقافة السعودية التي يحبها عشّاق الطبيعة الساحرة.

وكمصممة سعودية، كيف ترَين دَور الموضة في مساهمة المملكة في التطوُّر الثقافي وحضورِها العالمي؟
الأزياء عنصرٌ مهم في الثقافة وأحد أركانها؛ فهي تعكس ثقافة الشعوب وتاريخ الدول. لا ننسى أن السعودية تتمتع بتنوُّع هائل في الأزياء التراثية والمحلية. نحن كمصممين معاصرين، نأخذ هذه الأزياء ونطوّرها لتواكب العصر.
الأزياء هي أيضاً من القوى الناعمة، وهي لغة عالمية يتحدث بها الجميع. الأزياء تعكس قصصاً عديدة، وتروي كيف كان المجتمع في الماضي، وكيف هو الآن، وكيف سيكون في المستقبل. التقنيات الحديثة في الأزياء، تُظهر كيف تطورت هذه الصناعة، ومازالت تُبرز قصة التراث والعصر الحديث. على سبيل المثال: تصميم "مجالسنا" الذي عُرض في معرض 100 براند سعودي Saudi100، كان يحكي قصة المجلس السعودي المستوحى من تراثنا.

الخطط المستقبلية
ما هي خططك لعلامة "آرام" Aram في السنوات القادمة؟
نحن نعمل على توسيع منتجاتنا وأسواقنا، ولدينا مشاريع على مستوى عالمي سنعلن عنها قريباً. كما أنني أعتبر نفسي سفيرة لبلدي من خلال الأزياء والثقافة، وأعمل على نقل هذا الإبداع إلى العالم. تم اختياري أيضاً كسفيرة لمجلس الأزياء العربي، وهو شرف لي أن أكون سفيرة للثقافة العربية ليس فقط في السعودية، ولكن في العالم العربي كله؛ لكي نُظهر عمق ثقافتنا وتراثنا للعالم.
تابعي أيضاً: قبل يوم التأسيس اكتشفي 5 مصممات سعوديات طورن العباية بأسلوب عصري

يعَد يوم التأسيس وقتاً للتأمُّل في تاريخ البلاد. ماذا يعني لكِ هذا اليوم شخصياً وكمصممة؟
يوم التأسيس هو يومٌ مهم جداً لنا كسعوديين وكمصممين. يعكس هذا اليوم عمق وتراث هذا البلد الذي يمتد لـ300 سنة، ويعزز أصالة حضارتنا. كما يضيف هذا اليوم عمقاً أكبر للتصاميم المستوحاة من تراثنا.
