برنامج «إلى الطاولة» برنامج ألماني، يعرض على شاشة تلفزيون «أر تي أ»، وتعتمد فكرة البرنامج على الانتقال من الطاولة إلى حياة الناس وتفاصيل يومياتهم، والتعرف على ثقافة الشعوب من مكونات الصحن الذي يأكلونه، وينتقل البرنامج بين سيدة المنزل التي تتجول في أسواق المدينة لتحضر الطبق، إلى ورشة الرجل صاحب المنزل ومعاناته، حيث يمكن للطبق أن ينضج وللفكرة عن الآخر أن تتشكل.
العرب يريدون السلام
يحاول البرنامج كسر الأفكار النمطية المأخوذة عن الشعوب، فنرى عائلة لبنانية تجلس نساؤها على الشرفة، عند المساء تتناول المشروبات وتأكل الكبة، الأمر الذي قد لا يعرفه الغربي عن بلاد العرب، أما أطباق الفقراء في الصين فتحكي معاناة هذا البلد بالكامل، وفساد مسؤوليه، لتقدم الصين شعباً وبلداً ومعاناةً أكبر كثيراً من مجرد بلوزة أو حذاء رخيص صنع في الصين، وفي القدس كنيسة تقرع أجراسها، ولازال العرب يصلون بها ليهبط السلام المنتظر منذ عهود، فيقول لنا البرنامج دون أن ينطقها حرفياً، إن العرب يريدون السلام.
بعيداً عن السياسة
«إلى الطاولة» برنامج يتجاوز الحدود المكانية والزمنية، فمن طبق الطعام ننتقل إلى جذور الثقافات، ومدى تعايش الناس مع بعضها، ففي الهند طالبة هندوسية وأخرى مسلمة، تأكلان الطبق نفسه، والمكون من الأرز والخضار، وإن كانت واحدة تقرأ القرآن والأخرى لا تقربه. وفي جزر سبق لفرنسا أن استعمرتها، نتعرف إلى عادات وتقاليد، قد لا تتيح لنا الأيام فرصة معرفتها عن قرب، ودون الخوض في السياسة، يدرك المشاهد الفارق بين المستعمر ومستعمراته بعد حين، وكم للأثر أن يبقى زمناً طويلاً في النفوس، دون أن يغير المستعمر من ثقافة البلدان التي استعمرها مهما طال الزمن، فسكان هذه الجزيرة يتحدثون لغة البلد (فرنسا) لكنهم لا يطهون طعامه. لذا لم يكن مستغرباً أن تكون أول حلقاته من دمشق، حين كانت تعيش جواً ساحراً يعشقه كل زائر، تجمع في أحيائها بين الموروث والحديث، وبين أجراس الكنيسة ونداءات الله أكبر، يحيا شعب يحب الأكل الدمشقي، ويتقن أسرار طبخه.
آفاق جديدة
يفتح البرنامج آفاق المشاهدين إلى أبعد من الحدود، ينقل روح الأماكن التي يزورها، من صحن الطعام، يتصرف الناس أمام الكاميرا بحرية، وهم مندمجون بتحضير الطبق المشهور في بلادهم، وقد يضطرهم الطبق أن يتطرقوا إلى معاناتهم، وأحياناً أمنياتهم، يعودون إلى الماضي، ويتحدثون عن المستقبل، يضحكون ويغنون ويأكلون.
هذا البرنامج واحد من البرامج المهمة، الساعية لنقل ثقافة العالم إلى المواطن الألماني؛ لتتسع به المعرفة، ويبني فهماً للآخر، بعيداً عن تعقيدات السياسة وعن الصور النمطية.