«أنت طالق»، كلمة تنتهي بها حياة زوج وزوجة. ولكن الغريب حقاً هو أن يقولها الزوج لزوجته قبل انتهاء السنة الأولى من الزواج؛ ما يهدد الأسرة العربية، وهو ما أصبح يطلق عليه «فوبيا الطلاق المبكر». فقد أوضحت الدراسات والإحصاءات التي أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر، أن نسبة الطلاق خلال السنة الأولى، تبلغ 50%، وبعد السنة الثالثة تصل إلى 40%، وتقل إلى 10% بعد مرور 8 سنوات، وأكدت أن هناك حالة طلاق كل 6 دقائق، وحالة خلع كل 12 دقيقة.
في التحقيق الآتي نلقي الضوء على هذه الظاهرة من مختلف الجوانب.
قصص الفشل الزوجي كثيرة ومتعددة، منها ما هو مبرر، ومنها ما هو مضحك وغير مقنع، وهنا نستعرض بعضها:
- دعوى قضائية طالبت فيها زوجة بالخلع أمام مكتب تسويات الأسرة من زوجها بعد 18 يوماً زواجاً، وقررت في دعواها أنها اكتشفت بعد أسبوع من الزواج أن اختيارها كان خاطئاً، بعد قيام زوجها بسرقة محفظة وموبايل والدها، بالرغم من أن الخطوبة استمرت ثلاث سنوات، ولكنها لم تعرفه على حقيقته بسبب حبها الشديد له.
- مطلقة عمرها 22 سنة، أكدت أنها انفصلت بعد مرور 4 أشهر فقط من الزواج، وأكدت أنها اكتشفت أنه ليس زوجاً مناسباً، ووجدته شخصاً مغايراً لطبيعته التي عرفتها عنه، حيث تبدلت أحواله وظهر معدنه الحقيقي، واكتشفت أنه شخص عصبي المزاج ومتقلب.
10 أشهر
- منى وسعيد انفصلا بعد فترة زواج استمرت 10 أشهر فقط، وقالت الزوجة إن زواجهما كان تقليدياً، لكن كلاً منهما كان يعيش في وادٍ بعيداً عن الآخر بعد الزواج، وكانت الميول مختلفة؛ فهو اعتبرها زوجة فندقية -على حد كلامها- من أجل الأكل واللبس وتلبية رغباته، وحاولت كثيراً التقرب منه، لكنه ظل على حاله، بعدها قررت الانفصال لأنه لم يشعر بها.
غير مناسبة
- أما عماد فقرر الانفصال عن زوجته بعد أن اكتشف أنها غير مناسبة لظروفه، وقال: «اكتشفت أنها مادية بدرجة كبيرة، وتهتم بالنواحي المظهرية أكثر من الاهتمام بشخصي؛ فهي لا تعمل وأنا لا أحتاج لعملها لأني ميسور الحال، إلا أنها تهتم بصديقاتها والظهور بالمستوى اللائق أمامهن أكثر من الاهتمام بي، وفشلت معها كل محاولات الإصلاح.
شهر ونصف الشهر
- أما نور فقرر الانفصال عن زوجته، بعد شهر ونصف الشهر من الزواج، بعد أن شعر بأنها غير مناسبة له، وبرر طلاقه بأنها غير مسؤولة عن أعمال البيت، ولا تدبيره، ولا ترغب في الانتقال معه إلى مكان بالقرب من عمله، وأضاف أنه صبر عليها عدة أيام على أمل أن تتغير لكنها لم تستجب؛ فقرر الانفصال عنها.
العلاقات النسائية
- وكانت العلاقات النسائية سبباً في طلب زوجة عمرها 23 عاماً الطلاق من زوجها 25 عاماً بعد عام ونصف العام من الزواج؛ حيث كان ارتباطهما في إطار عائلي، وكانت تعلم أن لديه علاقات نسائية، وعلى الرغم من ذلك وافقت على الزواج لأنه ثري، واستمر في تلك العلاقات بعد الزواج، وحاولت تغييره ولكنه كان يعاملها بشكل سيئ؛ مما جعلها لا تتحمل الحياة معه.
أسباب نفسية
ولتحليل هذه الظاهرة يقول د. محمد يحيى- أستاذ علم النفس: هناك أسباب عديدة لظاهرة الطلاق المبكر، منها الاعتقاد الخاطئ عن الزواج من أنه مجرد علاقة عاطفية رومانسية، والزواج في سن مبكر أو في مرحلة المراهقة، والزواج فى سن مناسب، لكن مع عدم تواجد النضوج الفكري والثقافي، والتسرع والسطحية في الاختيار.
كما أن هناك أسباباً أخرى، منها عدم دراسة الشخصيات جيداً، وعدم قدرة الفتاة على تحمل مسؤولية أعباء الحياة الزوجية، وعدم قدرة الرجل على إشباع احتياجات زوجته العاطفية والجنسية، أو الزواج عن عدم اقتناع؛ خوفاً من الوصول إلى سن العنوسة بالنسبة للفتاة، وعدم مراعاة الفروق الاجتماعية والبيئية والثقافية لكلا الطرفين؛ ما يؤدي إلى صعوبة الاستمرار، أو محاولة طرف من الأطراف التقليل من الآخر، أو صفات أخرى مثل البخل، أو الانصياع لأوامر الأم، أو الشخصية الضعيفة، أو سوء أخلاق أحد الطرفين.
عيوب العصر
وتعلق على تلك الظاهرة، د. عزة كريم -أستاذة علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية- وتقول: ظاهرة الطلاق المبكر، تعد من أهم عيوب هذا العصر الذي يتسم بالسرعة وسيطرة النزعة الفردية على كلا الزوجين، الأمر الذي يعجل بهدم الأسرة، واتخاذ قرار الانفصال السريع الذي يعد كارثة اجتماعية، وقد انتشر هذا الطلاق بين الشباب بصورة كبيرة بسبب المتغيرات التي حدثت داخل المجتمع، وهي متغيرات اجتماعية وصحية واقتصادية؛ فالمتغيرات الاجتماعية أبرزها سوء التنشئة، وذلك بعدم اهتمام الأهل بتعليم الأبناء تحمل المسؤولية منذ الصغر، وكيفية التعامل مع الطرف الآخر، ما يؤدي إلى حدوث صدمة بعد الزواج، وبالتالي يختار الزوجان الحل الأسهل وهو الطلاق، هذا بجانب أن دخول المرأة مجال العمل واستقلالها مادياً وإحساسها بأنها ند للرجل سواء في التعليم أو الفكر، ما يدعوها إلى الصدام معه باستمرار، وهذه الندية وذلك العناد يؤدي إلى ضياع الاحترام بين الطرفين، والزواج السليم لابد أن يقوم على الاحترام قبل الحب.
رأي الشرع
حول رأي الشرع، يقول الشيخ عبدالحميد الأطرش -رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر الشريف-: الزواج سكن ومودة ورحمة، ولقد أخذ الله على الزوجين أغلظ المواثيق حيث قال: {وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً}، فلقد حض الإسلام ولي أمر الفتاة أن يزوجها لتقيٍّ، فإن أحبها أكرمها وإن كرهها لم يظلمها؛ فقوامة الرجل على المرأة ليست من باب الاستعباد أو الاستذلال، وقال الله: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة}، وعلى الزوجة أن تطيع زوجها في كل شيء، إلا فيما يغضب الله عز وجل، وفي المقابل قال الرسول (صلى الله عليه وسلم): «أيما رجل صبر على بلاء زوجته دخل الجنة»، ويجب أن تكون المرأة بالغة الأنوثة؛ فلا ترفع صوتها على زوجها، ولا تعصي له أمراً، وأن تكون أمينة على نفسها وعلى ماله وولده؛ لأنها مسؤولة مسؤولية كاملة أمام الله سبحانه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالمرأة راعية في البيت ومسؤولة عن رعيتها... »؛ فبذلك تسير الحياة بينهما، ولكن إذا استحالت الحياة بينهما؛ فكما قال الله تعالى: {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان}.