لم يقتنع أحد لا الجمهور ولا النقاد ولا النجوم أنفسهم نفي الكتّاب والمخرجين العرب واقع استلهامهم شخصياتهم الدرامية في أعمالهم الفنية الجديدة من شخصيات حقيقية مازالت حاضرة بقوة في الذاكرة رغم محاولتهم الفاشلة في تغيير بعض ملامحها الدرامية أو الشكلية. لكن التفاصيل فضحتهم،والتفاصيل الصغيرة منها لا تكذب مهما تجملت على يد كتّاب السيناريو وكاميرات المخرجين ومصوريهم.
"السيدة الأولى" يستحضر أهم إنجازات جيهان السادات وسوزان مبارك
قبل عرض "السيدة الأولى" للمخرج محمد بكير نفى صناع المسلسل أن تكون شخصية السيدة الأولى التي تؤديها الفنانة غادة عبد الرازق (مريم) مستوحاة أو تمثل شخصية السيدة الأولى السابقة سوزان مبارك بأي شكل من الأشكال. لكن الحلقات أثبتت غير ذلك بالوقائع،فبعد أن حققت مريم حلمها وطموحها فأصبحت السيدة الأولى،وصاحبة القرار الأول خلال وقوع زوجها هاشم الرئيس (ممدوح عبد العليم) بغيبوبة إثر نجاته من محاولة اغتياله بالرصاص،تطرح مريم على وزير الثقافة على ضوء طلبه منها افتتاح خمسة مكتبات في القاهرة، أن يكون نواة مشروع ثقافي قومي عبر إنشاء ألف مكتبة في أنحاء مختلفة في مصر حتى لو استغرق تنفيذه فترة طويلة لتصبح القراءة في متناول الجميع،وهذا المشروع الثقافي الذي طالبت به مريم استنساخ طبق الأصل تقريباً عن مشروع "مكتبة الأسرة" و"القراءة للجميع" الذي أطلقته سوزان مبارك قبل سنوات طويلة حيث تتم طباعة نسخة شعبية رخيصة الثمن من أهم وأجمل الروايات ودواوين الشعر والدراسات العربية والأجنبية، لتصبح القراءة في متناول الفقراء.
وتمّ أيضاً استحضار جزء من شخصية السيدة الأولى السابقة جيهان السادات التي اشتهرت في الشرق والغرب بدعمها غير المحدود للمرأة وحقوقها المنتهكة والمسلوبة، وذلك حين طالبت مريم أيضاً بسنّ قانون ضد التحرش الجنسي مع علمها بتعطيل النواب والرجال لإقرار هذا القانون بهدف الإستمرار في التحكم والسيطرة على المرأة لصالح الرجل، وللآن النساء المصريات مدينات بالفضل لجيهان السادات بقانون "الشقة من حق الزوجة" في حال كانت أم حاضنة لأطفالها، وعرف وقت صدوره بقانون: "جيهان".
لكن غادة لم تنجح في نقل شخصية جيهان سادات الأرستقراطية المحافظة التي تفكر بالكلمة وتأثيرها قبل النطق بها حيث كانت جيهان السادات حسب مقرّبين من السادات أنها رغم تأثيرها الكبير فيه لم تحرجه يوماً في المناسبات العامة،وكان هو المتكلم الرئيسي بينما مريم في "السيدة الأولى" فور تعافي زوجها وحضوره أول مناسبة عامة بعد شفائه، تحرجه أمام كبار الشخصيات والإعلاميين حين تتعمد إحراجه أمام الرأي العام بقولها لهم: "هاشم يفكر بالتراجع عن قراراته التي كان ينوي الإعلان عنها يوم محاولة اغتياله"، وفعلت ذلك غير خائفة من رد فعله حتى تمنعه من الإعلان عنها كما أخبرها، وهي تريد منه التراجع خوفاً منها على حياته وعلى مستقبلهما السياسي ،كما لم تنقل تماماً صورة السيدة الأولى القوية المهابة من سيدات المجتمع المصري حيث تسرب يوماً أن هناك سيدات نافذات في مناصب حين يكنّ في استقبالها يقبّل البعض منهنّ يدها،وهي لم تحاول يوما منعهنّ، كما أن أصل مريم المتواضع الشعبي فيه كثير من حرم زين الدين عابدين التي كانت تعمل كوافيرة قبل التقائها به وزواجها منه .
ويبقى أن مخرجه محمد بكير كان أذكى من غيره بتنفيذ هذا الإستلهام بطريقة غير مباشرة مموهة، وذلك بمزجه عدة سيدات أول في سيدة أولى واحدة هي مريم هاشم الرئيس.
هل عادت سوزان تميم للحياة في "المرافعة"؟
تدور أحداث مسلسل المرافعة للمخرج عمر الشيخ حول رجل الأعمال جمال أبو الوفاء (باسم ياخور) الذي يصل للنجاح والنفوذ بالفساد والرشاوى،ويستغل ثراءه في إيقاع الفتيات بزيجات عرفي حتى تقع جريمة قتل فنانة شهيرة (دوللي شاهين) يعثر عليها مقتولة ذبحاً من الوريد للوريد كان قد تزوجها جمال أبو الوفا كعادته عرفي. وأشارت كل الدلائل ضده، فيحاكم. ولا يعرف بعد إن كان هو القاتل الحقيقي أم شخص آخر، فمازالت محاكمة أبو الوفاء جارية على قدم وساق في الحلقات الأخيرة منه.
وقد نفى كاتبه الفنان تامر عبد المنعم في مؤتمر صحفي قبل عرضه وبلقاءات كثيرة أن تكون الفنانة اللبنانية القتيلة سوزان تميم التي ذبحت وقتلت في منزلها بدبي عام 2008 على يد ضابط الأمن السابق محسن السكري بتحريض من رجل الأعمال المصري هشام طلعت حيث حكم على الأخير بـ15 عاماً أشغال شاقة،وعلى القاتل محسن السكري بـ25 سنة أشغال شاقة في مصر هي المقصودة بمسلسل "المرافعة" مع أن قصة العمل شبيهة بقصة سوزان تميم.ونفت بطلته دوللي شاهين بحوار خاص مع "سيدتي" هي الأخرى قبل سفرها مع زملائها إلى لندن لتصوير مشاهد منه هناك،إقتباس فريق المسلسل قصة الراحلة سوزان تميم. لكنها اعترفت أنهم استلهموا طريقة موتها الأليمة الملهمة لأي كاتب أو سيناريست. لكن الوقائع تقول غير ذلك، فالقتيلة فنانة، والمتهم بالقتل رجل أعمال شهير وصاحب نفوذ كبير، يقبض عليه وتتم محاكمته، خيوط كثيرة لا خيط واحد فقط تشير إلى أن قصة الفنانة الراحلة المجني عليها سوزان تميم هي البطلة السرية لمسلسل "المرافعة". وقبل عرض المسلسل، أُشيع بأنه أنتج الآن تحديداً في محاولة لتبرئة ولو متأخرة لرجل الأعمال المحكوم هشام طلعت. ولا يوجد ما يؤكد هذه التلميحات حالياً. لكن إن انتهى المسلسل ببراءة جمال أبو الوفا ستزداد الشكوك وتتأكد مع أن دوللي شاهين لا تشبه بملامحها الشكلية والأنثوية ملامح وأنوثة سوزان تميم إطلاقاً. كما وأثير أكثر من علامة استفهام حول تحجيم دور ومشاهد دوللي شاهين في المسلسل الذي أسهم في عدم تحقيقها أي حضور إيجابي فيه كممثلة. فلم يضف لها ولم تضف له أدائياً كممثلة، ولم يحدث العمل ضجة نقدية كبيرة في مصر رغم انتشاره على عدة قنوات مصرية. لكن إثارة مسألة طرح جريمة سوزان تميم فيه سوّقته إعلامياً. فبيع لقنوات مصرية عديدة من بينها "روتانا" مصرية والمحور.
"إبن الحلال" هل استغل مقتل إبنة ليلى غفران في أحداثه؟
رغم أن قصة مسلسل "إبن حلال" للمخرج إبراهيم فخر ملتبسة،وكل أحداثه لغاية الحلقة الـ20 تؤكد ما قيل عن أن مؤلفه حسان دهشان استوحى الكثير من التفاصيل في نصه الدرامي من حادثة مقتل هبة إبنة الفنانة المغربية ليلى غفران التي قتلت بعدّة طعنات وقتلت معها صديقتها نادية بعدّة طعنات هي الأخرى على يد شاب مجرم اقتحم شقتهما بقصد السرقة ثم قبض عليه،وبينت التحقيقات أنه نجار مسلح فقير في العشرين من عمره،وظلت والدته للنهاية مصرّة على براءته.
قصة مسلسل "إبن حلال" تبدأ بحكاية مشابهة إلى حد كبير بالشاب الصعيدي الفقير الطيب حبيشة الذي يؤدي دوره بتلقائية وأداء طبيعي جذاب الممثل الأسمر محمد رمضان الذي يحاول منذ احترافه التمثيل أن يكون خليفة الفنان الكبير الراحل أحمد زكي، إن كان في في صوته أو في طريقة أدائه الجسدية والتعبيرية،و الذي توقعه شهامته وطيبة قلبه في جريمة لم يرتكبها وورطة لا صلة له بها، لمجرد أنه اندفع في إنقاذ الضحية يسر (سارة سلامة) وصديقتها (ميرهان حسين) التي نجت من الموت على يد حبيشة خلال تواجده بقربهما خلال عمله كنقاش بشقة مجاورة لهما،ويقبض عليه،ويحاول سعد مدير مكتب مسؤول حكومي كبير التستر على المجرم الحقيقي لأنه إبن هذا المسؤول الذي يتستر للمرة الثانية على جرائم إبنه دون رادع من ضمير،مستغلاً منصبه السياسي الرفيع أبشع إستغلال، فيتعمد إلصاق الجريمة كاملة بحبيشة الذي يعذب،ويحبس مع المجرمين ثم يحاولون عبر تهديده بأسرته وإغراء والدته وشقيقته بالمال إكراهه بالجريمة،فيعترف ويمثل الجريمة ثم يتراجع حين يعرف بأن صديقة القتيلة نجت من الموت وقد تشهد لصالحه رداً لمعروفه. لكنها تخضع للتهديد هي الأخرى وتشهد ضده مع شهود زور كثر في المحكمة،فماذا يفعل؟ والفيلم الترويجي له وهو يحمل بندقية ويظهر بشارب سميك يظهر هروبه من السجن في الحلقات المقبلة.
بعد توضيح قصته تأكد للجمهور أنه يطرح بالفعل جريمة إبنة ليلى غفران،ونجاة صديقة الضحية من الموت لا قتلها معها كما حدث مع هبة إبنة ليلى غفران وصديقتها ناديا غير كافية لإقناع المشاهدين والنقاد بغير ذلك، لكن صنّاعه ما زالوا ينكرون صلة العمل بها درءًا للمشاكل القانونية مع أسرة الضحية،لكن كثرة الأقاويل والتأكيدات مؤخراً دفعت بطله محمد رمضان لتكرار النفي والتصريح بأنه يرفض المتاجرة بدم إبنة ليلى غفران والمتاجرة بآلام أم أو آلام أي أحد.
وهذا الإقتباس في شكل الجريمة وملامحها حيث تقتل الضحية بعدّة طعنات هستيرية من القاتل،ووالدتها فنانة مشهورة أسهم في تحقيقه نسبة مشاهدة عالية من حلقاته الأولى،وأسهم إلى جانب إسم بطله محمد رمضان في أولى بطولاته التلفزيونية في تسويقه في عدد من القنوات المصرية والعربية من بينها : إم بي سي 1 وإم بي سي مصر.
ونجاح محمد رمضان في أولى بطولاته التلفزيونية أعلنت خروجه من أدوار البلطجي السينمائية مع السبكي، ليبدأ مرحلة جديدة له كممثل قادر على أداء كافة الأدوار المركبة والصعبة.
هل نجح "سرايا عابدين" في نقل الصورة الحقيقية للخديوي اسماعيل؟
وجاء مسلسل "سرايا عابدين" للمخرج عمرو عرفه والكاتبة هبة مشاري الذي كان واضحاً منذ البداية قراره باستغلال إسم وسيرة الخديوي اسماعيل (قصي خولي) درامياً لا تاريخياً الذي توفي عام 1895. ولكنه مازال حياً بذاكرة المؤرخين وأسرته، مخيباً للأمال حيث لم يقدم الصورة الحقيقية له كإنسان ولا كحاكم حقق الكثير من الإنجازات الوطنية لبلاده،وشوهوا سيرته وسيرة زوجاته بأحداث ومغالطات تاريخية بالجملة، لم يرتكب الكثير منها الخديوي ولا زوجاته. فأثار غضب المؤرخين والنقاد والمشاهدين والملك أحمد فؤاد الثاني مرة واحدة، فلم تكسب مؤلفته أي نجاح أدبي لتشويهها صورته لكن صنّاعه كسبوا أعلى نسبة مشاهدة غير مسبوقة، متفوقاً على أعمال درامية كثيرة. فكثرة الإنتقادات ضده أثارت اهتمام من لم يتابع حلقاته الأولى، فصار يتابعه من باب الفضول تارة،ومن باب التسلية تارة أخرى. ويعرض حصرياً على القنوات الثلاث: إم بي سي ،1 وإم بي سي مصر،وأبو ظبي الإمارات.