في الوقت الذي يبذل فيه رجال الشرطة جهودهم في ملاحقة اللصوص، يبتكر اللصوص طرقاً جديدة للسرقة والخطف. وفي هذا التحقيق حكايات أشخاص، تعرضوا لمحاولات سرقة جديدة، سردوها وهم ما بين الضحك والأسف، وتكمن الطرافة أحياناً في محاولة سرقة السيارات، أو اكتشاف أن البعيد تماماً عن الشبهة هو اللص الذي تبحث عنه الشرطة، أو تتبع اللص للضحية من البنك، أو اقتحام صيدلية، أو الأخطر من ذلك وهو فتح باب «الليموزين» والسرقة، والسرقة الـ«دليفري» حين يصل إليك اللص إلى باب منزلك ويطرق الباب الذي تفتحه له بمحض إرادتك.
ربما لا تخلو بعض حوادث السرقة من الطرافة، سواء بطرقها المبتكرة أو حتى بعد إتمام عملية السرقة، وعن ذلك يقول عبدالله الفيفي «مصمم جرافيك»: «آخر ما سمعت عنه من الطرق المبتكرة في السرقة اللصوص الذين سرقوا منزلاً، ثم تركوا رسالة اعتذار لصاحب المنزل وطلب السماح، أما الطرق الجديدة فهي سرقة السيارات بطريقة التحايل؛ حيث تعرض أحد أصدقائي أثناء سيره بسيارته لمحاولة سرقتها منه حين صدمته من الخلف سيارة أخرى، فنزل مسرعاً ليرى ما حدث لسيارته، وإذا به يجد السيارة تحاول الهرب، وسيارته كان قد ركبها لص آخر وانطلق بها، وبالصدفة تحول لون إضاءة الإشارة إلى اللون الأحمر فتوقفت السيارات كلها، وكانت سيارته من ضمنها، فلحق بها، وإذا باللصوص يتركون سيارته ويفرون».
ويروي مطلق العنزي، قصة رآها بنفسه أثناء خروجه من أحد محلات الخضار، قائلاً: «شاهدت اللص وهو يركب سيارة أخرى كانت في وضعية التشغيل، وبمنتهى الهدوء حاول الهرب بها، وحين لمحه صاحبها أسرع نحو سيارته، لكنَّ اللص كان مدرباً، ففر بالسيارة».
• المال الحلال
تأكد أحد السعوديين من تطابق المثل الشعبي المصري «المال الحلال لا يضيع» على حاله حين سرق منه 800 ألف ريال سعودي، والقصة كاملة يرويها الإعلامي حمود الوادي، قائلاً: «كان لي جار يمتلك عمارة ويسكن فيها، وقد أجّر الدور الأخير منها لمجموعة من الشباب الوافدين، وعندما فكروا في السرقة كان هو الضحية، فقد نزلوا من «منور» العمارة إلى شقته، ودخلوا وسرقوا 300 ألف فقط؛ ظناً منهم أنه لن يلاحظ المبلغ المفقود، لكنه أبلغ الشرطة التي بدأت بالتحري بطريقة سرية وبكل هدوء، وبعد أسبوع حين لم يلحظ اللصوص أي أمر غريب في العمارة ولم يسمعوا عن السرقة، فكروا بأخذ باقي المبلغ، لكنهم حين نزلوا من المكان نفسه وجدوا أنفسهم في قبضة الشرطة، وعند تفتيش شقتهم وجدوا باقي المبلغ المسروق، وحينها قال له كل من علم بما حدث له أو سمع بالقصة «ماله حلال».
• أحدث الحيل
«تغطية وجه المرأة هو الأمر العادي جداً في الرياض، لكنَّ السارقات لم يتركن هذه الفضيلة أيضاً، فقد تكررت حوادث السرقة بالتخفي وراء هذا الغطاء، خصوصاً في الأسواق الكبرى»، هذا ما قالته فنية التجميل صدفة أحمد، وأضافت: «حوادث السرقة كثيرة، ومن أكثر الحيل التي صادفتني سرقة هاتفي الجوال وكل ما في حقيبتي وأنا أتسوق بأحد الأسواق التجارية، إذ لم أشعر أبداً بأني سرقت، وحين اكتشفت ذهبت إلى أمن السوق، ورأيت في كاميرا المراقبة سيدة اقتربت مني جداً وغطت بغطاء رأسها ما بيني وبينها، ثم مدَّت يدها إلى داخل حقيبتي وأخذت كلَّ ما تريد واختفت، ولأنها كانت تغطي وجهها لم أبلغ الشرطة، حيث لم أجد ما أكتبه في البلاغ، فهي امرأة من دون أي ملامح اقتربت مني وسرقتني، لكنني منذ ذلك اليوم وأنا أحاول أخذ الحرص والحيطة الكافية من أي امرأة تقترب مني».
• سرقة «دليفري»
لا تتوقف حوادث السرقة عند هذا الحد، بل أصبح كما أطلقت عليها طالبة الثانوي سارة حسين «سرقة دليفري»، وعن طريق محاولة التسول، وعن قصتها مع السارقة التي ضغطت على زر جرس باب شقتها قالت: «حين سمعت الجرس، كانت أمي نائمة، وإخوتي الصغار يلعبون، فنظرت في العين السحرية للباب، حينها رأيت امرأة تغطي وجهها، فقلت: «من يدق جرس الباب؟» أجابت: «افتحي، أنا صديقة أمك»، ولأني أعرف كلَّ صديقات أمي، قلت لها: «أي خدمة أستطيع تقديمها لك؟»، قالت: «زوجي سقط من الدور الخامس ومات»، فقلت لها: «سأخبر ماما»، وانتظرت دقيقة، وأنا أنظر إليها من وراء الباب، ولم أعرف ماذا أفعل، ثم خطرت بعقلي فكرة لأكتشف كذبها، فقلت لها: «وماذا حدث لزوجك بعد أن وقع من الدور الخامس؟» ردت: «في المستشفى الآن، ونحتاج المال لعلاجه»، وقتها ملأني الرعب، وأيقظت أمي، واتصلت بأبي الذي سرعان ما حضر، لكنَّ المرأة كانت قد ذهبت، والحمد لله لم يصبنا أي مكروه منها».
• الأطفال هدف اللصوص
لم يعد المال وحده هو هدف اللصوص، فالأطفال الصغار أيضاً أصبحوا هدفاً جديداً، خصوصاً لعصابات التسول، بل أطلقت تحذيرات الناس سواء في الأسواق التجارية أو عبر الإنترنت في المنتديات من لصوص يجوبون على البيوت، ويتحينون اللحظة التي يغفل فيها الأهل عن أبنائهم لتتم سرقة «الطفل»، وفي لمح البصر يختفي وربَّما إلى الأبد.
• سرقة وإطلاق نار
يقول الصيدلي المصري علي عبدالواحد عن سرقة الصيدليات: «تعرَّض أحد زملائنا، اسمه الدكتور فيصل، وهو سوداني الجنسية كان يعمل في فرع قريب من الصيدلية التي أعمل بها في حي العقيق، لحادثة سرقة غريبة ومفاجئة؛ حيث دخل عليه شخص لا تبدو عليه أي أمارات للسرقة، لكنَّه فجأة صوب فوهة مسدسه إليه، وأطلق عليه أعيرة نارية أصابته في ذارعه، ولأن اللص لم يكن بحالة طبيعية كان يطلق النار عشوائياً، وكان الحادث صباحاً، وبسبب كاميرات المراقبة تمكنت الشرطة من القبض عليه، لكنَّ زميلنا انتقل من العمل في البيع إلى العمل في شركة أخرى بعيداً عن التعامل مع الجمهور تماماً».
• شائعات تكشفها «سيِّدتي»
على الرغم من وقوع حوادث السرقة، سواء سرقة الأطفال أو الأموال والسيارات، إلا أنه من وقت لآخر تنطلق شائعات لا أساس لها من الصحة، وأكد المتحدث الإعلامي لشرطة الرياض العقيد فواز الميمان أنّ الكثير من الأخبار المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي كاذبة، ولا أصل لها، ونقوم دائماً برصد أي بلاغ أو شكوى وفي الغالب الأعم نتوصل للقبض على الفاعل في أي مكان كان.
الابتكار مشترك
يقول أستاذ علم النفس الإكلينيكي في جامعة الملك سعود الدكتور فهد الربيعة: «تشير الدراسات النفسية إلى أنه لا توجد سمات خاصة تجمع اللصوص أو تميزهم عن غيرهم، أو حتى على مستوى القدرات العقلية، فكثير من هذه القدرات مشتركة بين البشر عموماً، وكما أن هناك لصاً ذكياً، فيوجد آخر غبي، ومعدل الذكاء من 90 إلى 110، فإذا زاد ذكاء شخص على هذه النسبة فإنه يرقى لدرجة العباقرة، وقد تكون لدى اللص هذه النسبة من الذكاء، وهنا يمكنه ابتكار طرق جديدة للسرقة».
أمَّا عن قدرة اللص على ارتكاب الجرائم، فيقول د.اليحيى: «هذه قدرات مكتسبة، ولا يوجد إنسان مولود وفيه خصائص إجرامية مهما كان مستوى الجريمة، أو مستوى الذكاء المستخدم في الجريمة».