هناك كثير من الأسماء الكبيرة والناجحة والبارزة دخلت المطبخ من أوسع أبوابه تحضر بطريقتها طعاماً ممزوجاً ببهارات فريدة ومميزة، وتطهو على نار هادئة لا تحرق إلا عصاب الزوجات اللاتي وضعن أنفسهنَّ ومن دون مقدِّمات في مقارنة معهم تسخن إلى حد الغليان أحياناً.
فماذا تحكي السيدة التي تزوجت بـ«شيف» مطبخ عن تجربتها عن زوجها المحترف؟
تستهل سمر محمد (بكالوريوس كيمياء) بقولها أحاول إبراز مهاراتي في الطبخ، لكن عادة تكون فاشلة أمام خبرته، وتوكد بكونها محظوظة بقولها: لأني مستفيدة من خبرته في مجال الطهو، التي امتدت لنحو 14عاماً. «ضاحكة» أنَّ مسألة الطهو مسألة حرب ومعارك دائمة في المطبخ وعادة ما يكون هو المنتصر في النهاية، لاسيما عن انتقاداته في المطبخ فأحاول دائماً تقبلها بسعة صدر.
التعود
عبير أبو أحمد (معلمة إنجليزية) تقول: كان كثيراً ما يدقق في بداية الزواج لو زودت نوعاً من البهار مثل القرفة أو الهيل فربما غضب، كما أنني أحبُّ الأكل الصحي الخفيف، وهو يحب الأكل على أصوله، فهو الشيف ويصر على أن أصبح طباخة ماهرة وهذا شيء جيد، لكنني لا أحب الطبخ. اتفقنا مع مر السنين أنَّه هو الشيف وأنا الأم والزوجة التي توفر الطعام. وتضيف: هذا لا يمنع أني حاولت أن أطور نفسي قليلا حتى أرضي الشيف ومع الوقت أحب أكلي، لاسيما أني محظوظة لكوني زوجة الشيف الذي علمني كثيراً، وطبعاً إذا صار له مزاج يطبخ وأكله أكيد لذيذ. وفي الإجازات ندخل أنا والشيف وأولادي المطبخ مع بعض، وكل واحد يعمل شيئاً، بنتي زمزم ما شاء الله تطبخ منذ أن كان عمرها ١٢ عاماً، وهي الآن عمرها ١٦عاماً، وهي تحب الطبخ اقتداء بأبيها وليس أمها.
المنزل هو مملكة المرأة، لكن ليس هناك مشكلة إن تشاركت مع زوجي الطبخ في بعض الأحيان، خاصة أنَّه موهبته قبل أن تكون مهنته، ففي بعض الأحيان يدخل المطبخ ليقوم بابتكار بعض الوصفات ومن الطريف أنَّه لا يحب أن أدخل معه المطبخ ليحتفظ بسر الطبخة، وهو لا يترك أي أثر بعد أن ينتهي من الطهو، أي أنَّه يمحو آثار الجريمة. بهذه العبارات بدأت آلاء النجار (بكالوريوس اقتصاد وعلوم إدارية قسم علاقات عامة) حديثها قائلة: دائما ما نخوض معارك بالمطبخ، لكن ليس هناك رابح أو خاسر، فأنا لا أنافسه، بل أجاريه وأحاول أن أصل لمستواه، فهو يتقن جميع الأصناف أما أنا فلا، لكن أتميز بالأصناف التراثيَّة التي أخذتها عن والدتي.
وتكمل: في بداية حياتنا كاد يوصلني للجنون كونه كان كثير الانتقاد حتى اقترحت عليه أن يطبخ هو فاستسلم للأمر الواقع ولم يعد ينتقد كثيراً، بل يقترح تعديل الوصفة إن رغبت، وبعد فترة أحسست أنه ليس انتقاداً بقدر ما هو نصح فشرف لي أن ينصحني بتعديل بعض الوصفات، وهو الذي يقوم بتعديل وصفات أكبر المطاعم فكيف لي ألا أتقبل نقده ونادراً ما يحدث لأنَّني وبشهادته طباخة ماهرة والحمد لله. لافتة إلى كونها ولله الحمد محظوظة بأنه في الاجتماعات العائليَّة والعزائم هو من يقوم بطبخ الطبق الرئيسي، وذلك بطلب مني فهو أفضل مني في الطهو لأعداد كبيرة وأكتفي أنا بصنع المقبلات والأطباق الجانبية. وتضيف: ومن المضحك أنه عندما يرسل رسالة كان يكللها بشعر غزلي على طريقة المطبخ فصباح الخير تكون صباح القشطة بالمكسرات، وعندما يعبر عن حبه لشخص يقول له أحبك اكثر من التيس المندي فتشبيهاته وغزله يسبب زيادة في الوزن.
الاستفادة
من ناحية أخرى تؤكد أمجال محمد المجرشي بأنَّها: محظوظة لكوني تعلمت منه كثيراً ومن دونه ما تعلمت شيئاً، خاصة ملاحظاته الدقيقة وحرصه على تأديتها مثل طريقته وكيف استخدم أدوات المطبخ والمحافظة على نظافتها وحفظ الأطعمة ودمج المكونات. وتضيف: بينما إذا حصل تحدٍ بينا فهو يتغلب عليَّ بحكم تجربته الطويلة وأنا أعتبر نفسي الطالبة وهو المعلم، وأهتم أكثر بسماع رأيه في الطعام الذي أقدمه لأستفيد من تعليماته التي يقدمها لي وأتقبل رأيه بكل فخر لأني زوجة شيف.
الطبخ عشق
بالمقابل رياض المطيري )عميد طهاة برامج باب رزق جميل ومقدم برامج إذاعيَّة خاصة بالطبخ وعضو لجنة تحكيم الشيف السعودي) الطبخ باختصار كعشق الرسام لوحته حين يذهب به الفكر لأبعد من الخيال الجميل، ويكون هذا الإبداع في المذاق وإخراج الطبق بحلة جميلة، وبالنسبة للمرأة واحتكارها للمطبخ هذا كان من الزمن الماضي القديم، خاصة عندنا في السعوديَّة، كان من العيب بأن يتحدث الرجل عن المطبخ وحبة للمطبخ لأنَّ اعتقادهم الخاطئ بأن المطبخ من مهام المرأة فقط، وعن تجربتي الخاصة بذلك واجهت كثيراً من الاستهزاء بالمهنة عند بداياتي في عام 2002 م، وكان وقتها لا يوجد شباب من أبناء المملكة يغامرون وهم محدودون في أكلات محلية واﻵن أرى المجال يتوسع إلى العالميَّة والحمد لله.
ويستكمل حديثه قائلا: المطبخ مملكتي وحبي أستمتع بالدخول إليه وأقوم بتجهيز ما لذ وطاب من المأكولات المحليَّة والعالميَّة بنفسي، وأحاول قدر المستطاع نقل خبراتي ومهاراتي إلى سيدة بيتي الأولي، وبصراحة تكون ملاحظاتي في الطبخ دقيقة جداً، وعلي قول المثل «الاختلاف لا يفسد من الود قضية».