يتداول المغاربة مثلاً معروفاً، هو أن كل وليد يولد برزقه، ولعل هذا المثل انطبق بشكل صارخ في حالة الزوجين فاطمة ومحمد، هما زوجان بسيطان يقطنان في غرفة متواضعة بأحد أحياء الصفيح بالدار البيضاء، الزوج مستخدم بسيط، رزق منذ ست سنوات بالطفل حمزة، وبعدها تأخر حمل الزوجة التي خضعت لبعض الفحوصات والأدوية لتحمل من جديد، وهذه المرة كانت بطنها تحمل خمسة أجنة، وضعتهم بسلام وسط تخوف رهيب من المستقبل؛ كيف للزوجين الفقيرين أن يعيلا أسرة كبيرة بهذا الحجم وما العمل؟
«سيدتي» تابعت الحكاية، وتحدثت للأم «فاطمة بوليدام» التي قالت: «علمت أنني أحمل خمسة توائم بعد أربعين يوماً من حملي»، أما زوجها عاطف محمد فيضيف: «انتقلنا من طبيب لآخر؛ قصد معرفة حالة زوجتي الصحية، تفاجأنا في أحد الأيام بطبيبة تنصحنا بالإجهاض؛ مدعية أن الأوضاع الصحية لحالة التوائم الخمسة لا يمكن أن تكون جيدة في المغرب». صدمنا بما قالته، وفضلت أن أسأل ذوي الاختصاص، سواء في الدين أو الطب، وبالفعل أكد لي بعض الفقهاء أن الإجهاض بعد أربعين يوماً جريمة في حق الأرواح الخمسة، بينما الأطباء طمأنوا زوجتي على حالتها وحالة التوائم الخمسة».
الزوجة فاطمة عانت الأمرين في ليالي حملها طيلة ثمانية أشهر أو يزيد، وعن ظروف الولادة يشرح لنا محمد أنها تمت في ظروف ملائمة، ولم تستغرق أكثر من ساعة، حيث دخلت للمستشفى يوم السبت على الساعة العاشرة ليلاً، وبعد مرور 45 دقيقة تم إخباري بأن العملية القيصرية تمت بسلام.
انفراج
ولادة التوائم الخمسة كانت حديث مدينة الدار البيضاء والبلد ككل، سارعت وسائل الإعلام للتعرف على الأم ووضع المولودين الذين كانوا والحمد لله في صحة جيدة، وأمام هذه المفاجأة وقف الأب مذهولاً أمام الكاميرات ملتمساً من المسؤولين والمحسنين مساعدته، فهو لا يريد أن يفرط في فلذات أكباده لكن اليد قصيرة، وفعلاً حظي الأطفال بالرعاية اللازمة، ومدت لهم يد العون، وتابعت «سيدتي» كل أطوار الحكاية، حيث تتبع وزير الصحة «الحسين الوردي» وضع الأم والأطفال عن كثب، وأعطى تعليماته بأن يظل التوائم داخل المستشفى 10 أيام أخرى لمزيد من الرعاية.
وقالت فاطمة لـ«سيدتي» بعد خروجها من المستشفى إن العناية كانت جيدة في المستشفى، لكنها الآن لا تستطيع العناية بتوائمها لوحدها، لذلك فضلت مرافقة عمة زوجها في الغرفة، وهذا بالفعل ما حصل. خصوصاً أن التوائم يحتاجون لتغيير الحفاظات باستمرار، وإرضاعهم بين الفينة والأخرى بالحليب الاصطناعي.
كان قلق فاطمة يرتكز بالأساس على صحة ورعاية توائمها في الحاضر، أما زوجها محمد فقلقه سافر إلى المستقبل ليتحدث لـ«سيدتي» عن تفكيره بحاجيات أطفاله الستة –التوائم الخمسة وحمزة– خصوصاً أن عمله كبائع متجول غير مستقر، ووضعيته المالية ضعيفة، والسكن المتوفر لديه الآن لا يتناسب مع عدد أو صحة أفراد أسرته الجدد؛ فهو يسكن مع والدته في إحدى الغرف بحي صفيحي بالدار البيضاء.
بعد أسبوعين من ولادة التوائم الخمسة جاءت المفاجأة السارة للأسرة؛ حيث تكفل أحد المحسنين بإيواء الأسرة، وتسلم الأب محمد عاطف، في الثاني والعشرين من الشهر الجاري بمدينة المحمدية، شقة تبلغ مساحتها 131 متراً مربعاً، أُهديت له ولأبنائه من طرف الطاهر بيمزاغ، رئيس «مؤسسة الطاهر للأعمال الاجتماعية»، وهو أيضاً الرئيس المدير العام لشركة ناشطة في صناعة تحويليّة للحوم بذات المدينة. كما جدّد الطاهر أيضاً وعده بتوفير عمل قارّ لرب الأسرة، وبأجر محترم يكفيه لسد تكاليف أفرد أسرته. كما أكد لنا محمد عاطف أيضاً زيارة وزيرة الأسرة والتضامن «بسيمة الحقاوي» للتوائم في المستشفى. وأرسلت من الوزارة لبيت الأسرة الجديد؛ وذلك قصد توفير مربية للأطفال لتساعد الأم في تغيير الحفاظات وإرضاع التوائم.
المربية ستساعد الأم خلال ساعات من اليوم –من الساعة التاسعة صباحاً إلى الساعة الثانية عشرة زوالاً- رغم أن محمد عاطف قال إن معاناة الأم تكون ليلاً؛ حيث يصعب عليها إرضاع وتغيير الحفاظات لخمسة رضع في آن واحد.
شكر
يوجه محمد عاطف عبر «سيدتي» رسالة للمغاربة جميعاً، الذين سارعوا في تهنئته عبر هاتفه النقال، الذي لا يتوقف عن الرنين طيلة اليوم.
بل إن بعض المغاربة من جميع المدن، فاس، الدار البيضاء وغيرها من المدن المغربية، بادروا في إرسال الحفاظات وعلب الحليب الاصطناعي والورود إلى غرفة زوجته عندما كانت في المستشفى.
كما كشف لـ«سيدتي نت» عن الأسماء التي تقرر إطلاقها على التوائم الخمسة، وهي كالتالي: طاهر، وأنور، وآدم، وربيعة، وزينة.