موهبتهن الكبيرة في كرة القدم جعلت منهن لاعبات محترفات بالرغم من صغرهن، فهن يحاولن الوصول للعالمية بمهاراتهن، وإرادتهن وتدريباتهن المستمرة النابعة منها روح التحدي، مؤكدات تلاحمهن كأسرة واحدة وأن رياضة كرة القدم الإماراتية بخير ولا تقتصرعلى الرجال فقط، إنما للمرأة حق في ممارستها أيضاً. إنهن فتيات منتخب الإمارات للناشئات (تحت 16 عاماً).
حينما تجولت مجلة «سيدتي» داخل معسكر منتخب الإمارات للناشئات، شعرنا بمدى جدية اللاعبات على أرضية الملعب، فهن يقمن بالتمرين أربع ساعات بمعدل 3 أيام أسبوعياً، ويلتزمن بتعليمات المدرب، وبالأكل الصحي البعيد عن الدهون؛ وذلك للاستعداد الجاد للبطولات اللاتي سيخضنها داخلياً وخارجياً طيلة فترات الموسم، كما لاحظنا مدى الدعم الكبير من أولياء أمورهن لهن، وأجمل ما رأيناه هو أن موهبتهن لا تتوقف على الالتزام بالتدريبات فحسب، بل تعتبر القيم الدينية والضوابط التي تسود أروقة معسكراتهن وتجمعاتهن نموذجاً مصغراً لمجتمع الإمارات بكامل قيمه.
وأثناء تجوالنا داخل ملعب التدريبات، كان لابد من لقاء هؤلاء البطلات؛ للتعرف على نجاحهن، وبالفعل التقينا بعدد منهن، واللاتي أكدن أن كرة القدم ليست ملاعب وفنيات فقط، بل تدخل فيها العديد من الجوانب الاجتماعية والأسرية، فضلاً عن دور البيئة المدرسية ورؤية طاقم التدريس والطاقم الفني والإداري؛ لما تقدمه الطالبات داخل الملعب.
عمي هو السبب
لاعبة خط الوسط في المنتخب الإماراتي «طرفة الغافري»، والتي تعشق منتخب برشلونة وتتابع بشغف نجم الفريق نيمار، أسرّت لنا: «كنت أتابع عمي سلطان الغافري وهو يلعب كرة القدم؛ إذ قام بإنشاء ملعب للكرة الخماسية في المنزل، وهو كان سبب تعلقي باللعبة، وكنت أحرص على اللعب معه، فهو من أكثر الداعمين لي بجانب أسرتي».
وتابعت طرفة: «أقوم بعمل توازن بين الدراسة ولعب كرة القدم بما يسمح لي بالتفوق في المجالين، بجانب اهتمامي بتقسيم وقتي، كما أحرص على أداء الصلوات في ميعادها».
تقول طرفة إنها حريصة على متابعة مباريات مانشستر سيتي باستمرار، أما اللاعب الإماراتي الذي تعتبره نجم منتخب الإمارات الوطني؛ فهو عمر عبد الرحمن (عموري).
حلم كأس العالم
أما مهاجمة منتخب الإمارات «مريم داوود» التي تمتلك فطرة تهديفية متميزة وتجيد تنفيذ المهام التكتيكية داخل الملعب، فإنها تحلم بقيادة منتخبنا الوطني الأول للسيدات إلى نهائيات كأس العالم، مؤكدة أنه لا مستحيل في كرة القدم، وستجتهد لتحقيق حلم المونديال، وتقول: «أود في البداية أن أشكر نادي أبوظبي الرياضي الذي أتاح لي فرصة الانضمام إليه في سن مبكرة، فهو من رعى موهبتي إلى أن استطعت الانضمام لصفوف المنتخب الوطني».
وعن مشاركاتها الدولية، قالت: «شاركت مع المنتخب في عدد من البطولات الخارجية، منها بطولة غرب آسيا لكرة القدم النسائية في قطر، والبطولة الآسيوية في الأردن، تلك المنافسات أكسبتني خبرات دولية جعلتني أجيد التعامل مع الشباك وإحراز الأهداف».
وأكدت مريم أنها لا تعاني من مشاكل كونها لاعبة كرة قدم، ولا يوجد عيب في ممارسة اللعبة، وهي تجد كل الحب والدعم من محيطها الاجتماعي، سواء في البيت أو الشارع أو المدرسة، فالكل يتعامل معها على أساس أنها تؤدي مهمة وطنية مع المنتخب عبر ممارستها لكرة القدم، وهو الأمر الذي يعطيها مزيداً من الدوافع لمواصلة مسيرتها الكروية.
حراسة المرمى
رغم أنه مركز صعب على فتاة أن تتميز به، ويحتاج لمواصفات خاصة، إلا أن «بدرية عيسى» نجحت في التألق في مركز حراسة مرمى منتخب الإمارات الوطني للناشئات، وتقول: «أعشق التحدي؛ لأن حراسة المرمى بمثابة صمام الأمان النهائي في الفريق، وأدرك جيداً صعوبة مهمتي لاعتماد جميع الفريق عليَّ؛ لأن الخطأ عواقبه وخيمة، وهنا مكمن التحدي».
وكشفت بدرية سراً لنا؛ عندما قالت: «أنا من أسرة رياضية تحب الرياضة، وأتطلع لتشريف اسم أسرتي والوصول لأعلى المراتب». وتحدثت لنا عن شقيقتها جواهر التي تلعب في فريق كرة السلة في نادي الشباب، وكيف تحولت إلى ممارسة كرة القدم، وكيف تدعمها بشدة وتمدها بروح التحدي.
وتابعت: «مشاركتي في الدورات المدرسية وبطولات الصالات أسهمت في تميزي؛ لأن حراسة المرمى تكسب من يمارسها سرعة البديهة واتخاذ القرار، فعدم التخطيط للحركة وتوقّع اتجاه الكرة يضعف قدرات الحارسة في مواجهة التحديات في الملعب، خصوصاً في المباريات الكبرى التي تتطلب أكبر قدر من التركيز».
رؤية كروية
وتعتبر لاعبة خط الدفاع «روان عبدالله» صخرة دفاع المنتخب، فهي حينما خاضت لعبة كرة القدم لم تكترث بالآراء التي تنادي بأن الفتاة لا تناسبها الكرة، وأصرت على النجاح إلى أن وصلت لتمثيل الإمارات في العديد من البطولات، وقالت لـ«سيدتي»: «كرة القدم تتيح للفتيات الخروج عن المألوف، وبرأيي أنه على الفتيات اللاتي يرغبن في ممارسة كرة القدم ألا يترددن؛ لأنها أجمل رياضة في العالم».
وأكدت أنه لولا الدعم الكبير الذي وجدته من أسرتها ومدرستها لما واصلت مسيرتها مع كرة القدم ووصلت للمنتخب الوطني، فهي تتطلع لأن تصل مع هذا المنتخب إلى نهائيات كأس العالم لكرة القدم النسائية، وتحقيق حلم التتويج بهذا اللقب العالمي الكبير، وهو حلم يراود معظم لاعبات المنتخب.
الجدية
أما نجمة المنتخب الإماراتي «صالحة راشد» فهي مع أن تتعامل الفتاة مع لعبة كرة القدم بجدية كاملة، وأن تقوم اللاعبات بتنفيذ تعليمات المدرب بحذافيرها؛ حتى يتمكنّ من مواصلة التميز.
وقالت صالحة: «مشاهدة العشرات من المباريات من مختلف الدوريات، سواء العربية أو العالمية، خصوصاً الدوري الإسباني الذي يعج بالنجوم، يجعلني أطبق ما شاهدته خلال التدريبات اليومية، وهذا يساعدني على تطوير مستواي، وأعتبر تركيزي على كل صغيرة وكبيرة في عالم كرة القدم هو ما جعلني أصل للمنتخب الوطني».
سر الترابط
تكشف إدارية منتخب الإمارات الوطني للناشئات «صباح بنت علي» عن سر الترابط والألفة التي تجمع الفريق، والتي تعدت علاقة الكرة والمعسكرات ليصبح الفريق أسرة كبيرة، وقالت: «اللاعبات اللاتي شكلن منتخب الـ14 سنة كن سابقاً في تجمعات المدارس والبطولات المدرسية في سن مبكرة، وترقين معاً إلى منتخب 14 سنة ثم منتخب تحت 16 بالروح ذاتها، فأصبحن أكثر من شقيقات تجمعهن الموهبة وحب الوطن، وهو أمر يبشّر بميلاد منتخب وطني قوي».
تعليم وتدريب
تعد لاعبة الارتكاز في منتخب الإمارات «نعيمة إبراهيم» من اللاعبات أصحاب المهارة العالية والتفوق الدراسي؛ إذ إنها تدين بالفضل في تفوقها التعليمي والرياضي للبيئة الرائعة التي وجدتها في أروقة المنتخب الوطني، وتقول: «إدارة المنتخب تحرص على ضرورة التحصيل العلمي قبل أداء التدريبات؛ لأنه هو أساس النجاح الرياضي»، وأكدت نعيمة أن زميلاتها في «الفريج» والمدرسة يعتبرنها قدوة، ولا تجد حرجاً في كونها لاعبة كرة قدم.
رعاية الاتحاد
أكد رئيس اتحاد الكرة الإماراتي «يوسف السركال» أن كرة القدم الإماراتية حققت إنجازات عديدة على صعيد المنتخبات والأندية والحكام واستضافة البطولات القارية والدولية، ويعلّق: «نحن سعداء بممارسة العنصر النسائي لهذه الرياضة الشعبية؛ لأن المرأة الإماراتية حققت نجاحات كبيرة، وبلغت مراتب عليا بفضل دعم القيادة والشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة». وأضاف: «لابد من الإشادة بجهود لجنة كرة قدم السيدات، وتثمين الدور الكبير الذي قام به مجلس أبوظبي الرياضي برئاسة الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان، ولكل فرد ساهم في وضع حجر الأساس للكرة النسائية ولكل الداعمين».