تتوافق سورة «عبس»، مع الأطفال في عمر «6 سنوات»، حيث يدخل الطفل عالم الدراسة، ويختلط مع أصدقائه وتتضارب انفعالاته من خلال الاحتكاك مع الغير، فيحتاج إلى تقويم الأخلاق والتعامل الحسن، ويأتي ذلك من خلال شرح سورة «عبس»، لما بها من صورة رائعة للأخلاق الحميدة والمعاتبة الحسنة.
«عَبَسَ وَتَوَلَّى *أَن جَاءَهُ الأَعْمَى *وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى *أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى *أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى *فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى *وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى *وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَى *وَهُوَ يَخْشَى *فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى *كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ *فَمَن شَاء ذَكَرَهُ *فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ *مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ *بِأَيْدِي سَفَرَةٍ *كِرَامٍ بَرَرَةٍ».
يحدثنا الشيخ والإمام محمد إبراهيم السيف عن كيفية تهذيب الطفل من خلال سرد سورة «عبس»، ويقول: «من الجميل أن تذكر له أن رب الكون لا يرضى أن يغضب أحدٌ الآخر، فكل الأشخاص سواسية لديه، ثم تقول له: انظر كيف عاتب الله رسولنا «محمداً» في سورة «عبس»؛ بسبب غضبه عندما جاءه أعمى لا يرى، واسمه «ابن أم مكتوم»؛ ليسأله عن أمر في الدين ولكن رسول الله كان مشغولاً بدعوة كبار قريش إلى الإسلام، وفي المقابل كرر الأعمى سؤاله وتردد أكثر من مرة على «محمد»، مما أغضب رسولنا، وعبس في وجهه بغضب، فأنزل الله هذه السورة عتاباً لرسولنا الكريم قائلاً له: عبست وغضبت في وجه الأعمى البسيط، الذي جاء ليستفيد منك، واهتممت بالأغنياء وكبار القوم لتهديهم، فكيف تعبس في وجه الأعمى وأنت لا تعلم أنه كان قادماً لك؛ للاستفادة منك وأنت انشغلت عنه؟ فعلم رسولنا الكريم الخطأ الذي ارتكبه بعد معاتبة الله له، وأصبح عندما يرى الأعمى يرحب به، ويقول له: «أهلاً بمن عاتبني فيه ربي».
6 فوائد تربوية يتعلمها الطفل من السورة:
1- عندما يواجه الطفل موقفاً يغضب منه وينفعل به ويعامل غيره بأسلوب سيئ نذكر له معاتبة الله لحبيبه محمد لمجرد أنه عبس في وجه أعمى، والأعمى لم يرَ ولم يعلم أن رسولنا عبس في وجهه، وعلى الرغم من ذلك عاتبه الله على ذلك، فكيف سيكون الأمر عندما تغضب في وجه زميل لك يراك ويسمعك، وسيتألم ويحزن منك؟
2- إذا صادف في محيطه طفلاً أو شخصاً من ذوي الاحتياجات الخاصة، ونفر منه أو سخر منه فيجب تنبيهه أن هؤلاء المرضى يجب احترامهم، كما يجب أن لا نفرق بين إنسان سليم وآخر به نقص ما؛ لأن رب الكون لا يفرق بين البشر في اللون أو النوع أو الصحة، كلنا سواسية عنده، ولا يفرقنا ألا بأعمالنا وأخلاقنا.
3- لكي لا يتعجب من شكل فاقدي بعض النّعم، ولا يعلم كيفية التعامل معهم يجب أن نشرح له أنهم أشخاص مثله يشعرون، ولهم قلوب رقيقة وحساسة؛ نظراً لما يعانونه من إعاقة، ويجب الرفق بهم ومعاملتهم باللين والطيب ومساعدتهم.
4- يجب أن يعتاد عندما يرى ذوي الإعاقة على أن يحمد الله أن لديه جميع الحواس والصحة الكاملة عكس غيره، فلا يجوز أن يتناسى فضل الله عليه ويتكبر على غيره، بل يحمد الله على تلك النعم قائلاً: «الحمدلله».
5- أهمية معرفة الطفل أن الله سيحاسب الإنسان على أعماله الحميدة والسيئة سواء كانت كبيرة أو صغيرة؛ لذا يجب عليه أن يتعامل بالحسنى ويخاف الله، لكي يأخذ أكبر قدر من الحسنات.
6- إعطاؤه دفعة من الحماس بأن لكل عمل جيد ثوابه حتى لو كان بسيطاً، وأن الله سيجزي المحسنين جزاء إحسانهم، ومساعدتهم لغيرهم.