الإنتاجات العربية المشتركة: الممثل السوري بطلاً والممثلة اللبنانية عارضة أزياء؟

6 صور

يبدو الحديث عن الأعمال العربية المُشتركة لا ينتهي بعدما طفت هذه المسلسلات على السّطح في السنوات الأخيرة التي شهدت فيها البلدان العربيّة فوضى عارمة، حيث شهدت الساحة الدراميّة فوضى من نوع آخر، يجتمع فيها السوري واللبناني والمصري خارج الحدود المكانيّة من جهة، وخارج حدود العادات والتقاليد العربيّة من جهة أخرى.

ويبدو توزيع الأدوار الرئيسية والثانويّة على الممثلين نمطيّاً، ويتكرّر في كلّ مرّة، حيث تركّز الإنتاجات العربية المشتركة على الممثل السوري كبطل للعمل والممثلة اللبنانية كبطلة، فلماذا لا تكون المعادلة قائمة على وجود فنّان لبناني مثلاً مقابل فنّانة سورية؟ وهل أفَلت نجومية الممثلين المصريين الذين غالباً ما يلعبون أدواراً ثانوية ضمن هذا النّوع من الأعمال؟

الكاتب الدرامي السّوري رامي كوسا يقول في تصريحات خاصّة لـ"سيدتي نت": "في ما يخصّ الفرز على حسبِ الجنس، أعتقد أنّ التعميم السّابق ينضوي على شيء من التعسّف، فالاستثناءات حاضرة، ولكنّ الإجابة عن عموم التساؤل تجعلنا نعود إلى ملحوظة رئيسة مفادها أنّ الحُضور النّسائيّ المتفرّد على مستوى الدراما المحليّة خجولٌ أساساً، والتمايزات يُمكن أن تعدّ على أصابع اليد الواحدة، فالدراما السّورية قامت، ولا تزال، على نجومية البطلِ الذّكر، هذا عائدٌ على مردّات كثيرةٍ يصعُب تفنيدها، لكنّ محصّلتها أنّ الممثّل السّوريّ استطاع أن يتمدّد عربياً بصورةٍ تفوق زميلاته من النّساء، فصار لديه جمهورٌ مُسبق الصّنع، ولأنّ تركيب الدراما العربية المشتركة يميل اليوم نحو مزيدٍ من أفعالِ العاطفة وحكايا الغرام وإبهار الصّورة. فاستغلال جمال الممثّلة اللبنانية وتحرّرها المُضاف إلى مستوى الأزياء بصورةٍ رئيسة، يجعل التّصويب على تكرار هذه الوصفة الرّائجة تجارياً أمراً واقعاً".

ويشير الكاتب السوري كوسا إلى أنّ: "نجومية الممثل المصريّ لم تأفَل يوماً، ولن تأفل، فالدراما المصريّة لا زالت الرّقم الأول عربياً، ولا زالت الفضائيات تتسابق لخطبِ ودّ نجومِ مصرِ الأوائل والشّباب. أمّا الممثّلون المصريّون المُشاركون في الأعمالِ العربية فلم يكونوا نجومَ صفّ أولٍ في بلادهم يوماً، هم بالتأكيد أصحابُ حظوةٍ ما، لكنّ الحديث عن مشاركةِ نجومِ الصفّ الأوّل في مصر بعملٍ عربيّ لم يُفصّل على مقاسهم منذ المشهد الأوّل يبدو افتراضاً غير واقعي في وجهة نظري. فهذه الظّاهرة لم تحدُث مسبقاً، ولا أعتقد أنّها ستحدُث في قادمِ الأيّام".

أمّا الصّحافي السّوري وسام كنعان المُختص بالصّحافة الفنيّة فيقول في تصريحات خاصّة لـ"سيدتي نت": "أعتقد بأنّ الحضور السوري في الدراما اللبنانية فُصِّل على مقاس رأس المال المُعلن. وهذا ليس بجديد على الصناعة الدرامية، لكن الفرق هنا أن بعض الشركات تتبنى أسماء ممثلات يحققن لها تسويقاً جيداً مثل سيرين عبد النور ونادين نسيب نجيم ونادين الراسي وغيرهن".

ويُضيف كنعان: "مع اشتعال الأزمة السورية وجد المنتج اللبناني أنّ فرصتهم سانحة للاستفادة من النجم السوري ومن الخبرات السورية، مع بقاء السمة العامة لبنانية، فركب مشاريع على مقاس تلك النجمات، واستعين بالنّجم السوري والكاتب السوري والمخرج السوري. وأظن أن في قبول هؤلاء لتلك المشاريع مغالاة في تقديم خبراتهم على طبق من ذهب، ربما لمشاريع وجهات لا تستحقها ولا تقدر قيمتها الحقيقية".

ويتحدّث الصحافي السوري كنعان بجرأة، ولا يجد مجالاً للمقارنة بين ممثّلين لبنانيين عليهم العين في بلادهم مثل يوسف الخال وطوني عيسى، وبين ممثلين حقيقيين يتمتعون بمقوّمات النجومية مثل عابد فهد وتيم حسن وباسل خياط ومكسيم خليل وقصي خولي وقيس الشيخ نجييب، وقبل كلّ هؤلاء جمال سليمان وعباس النوري وأيمن زيدان والعالمي غسان مسعود... ويسأل: "أين يُمكن تصنيف الخال وعيسى في مقاربة تلك الأسماء؟، لا تزال لبنان كلياً تحبو على صعيد الدراما على كافة الأصعدة، وعلى رأسها التمثيل".

أمّا في ما يخصّ مشاركة الفنّان المصري بالعمل العربي المشترك، يقول كنعان: "لا يزال النجم المصري يتربّع على عرشه، ولا تزال الأسماء المصرية تُشكّل عنصر جذب للمحطات. اليوم غادة عبد الرازق هي النجمة الأكثر حضوراً في الوطن العربي، وكذلك يحيى الفخراني لا تزال له خصوصيّته وبريقه والقائمة تطول. وعندما يتّجه الحديث إلى ممثلين من الصف الثاني والثالث، تصبح الوصفة مطابقة لمقاييس المخرجة رشا شربتجي لتستقدم هؤلاء الممثلين في أدور ثانوية، وهو ما فعلته في "بنات العيلة"، وتعيده في "علاقات خاصّة". وقد قلّده سامر البرقاوي في "لو"، وستستمر هذه القصّة على هذا المنوال، ولا يُمكن أن نُشاهد مثلاً أحمد عز في دور ثانوي، ولا زينة، ولا كريم عبد العزيز، ولا أحمد السقا، ولا أيّ من نجوم الصف الأول في المحروسة، الذين يتّجهون إلى التلفزيون حديثاً، فهم يُجيدون اللعب في ساحة السّينما كما يعرف الجميع".

إذن يبقى الخيار خيار المنتج في اختيار أبطال مسلسله الذي يدرّ عليه أرباحاً طائلة، ولم يستطع المنتجون تكريس فكرة العمل العربي المشترك فقط، وإنّما كرّسوا أيضاً أسماء أبطال وبطلات لمسلسلات. وعلى سيرة البطلات، يكاد لا يخلو أيّ لقاء صحافي لأيّ فنّانة لبنانيّة من سؤال: "إلى أي مدى ترتكز الممثّلة الللبنانية على جمالها وأزيائها وإطلالتها اللافتة الجريئة في أدائها، وإلى أي مدى تلعب تلك العناصر دوراً في اختيارها لبطولة عمل معيّن؟"، ليأتي الرّد بالنّفي وبالانفعال. فلماذا يُنظر للممثّلة اللبنانيّة على أنها "عارضة أزياء" جميلة تحترف الأناقة وما إلى هنالك، ولكنّها لا تحترف السّير في ممرّات السّاحة الدراميّة بتلويناتها الكثيرة...