"سيدتي" في ختام مهرجان أبو ظبي السينمائي بدورته الخامس



اختتمت فعاليات مهرجان أبوظبي السينمائي بدورته الخامسة، بإعلان أقرب إلى تحريض للبدء بالتحضير للدورة السادسة، وإن كان هذا العام قد شحّ بالنجوم إلا أنه كان غنياً بالسينما. أفلام من كل أنحاء العالم طرحت واقعاً مُثقلاً بألف همّ وسؤال حول المستقبل والحياة التي نعيشها اليوم، بعضها قدّم أجوبته والبعض الآخر ترك نهاياته مفتوحة للمشاهد. وحتى النجوم لهذا العام كانوا أيضاً نخبويين: محمود عبد العزيز وليلى علوي ونبيل المالح وفارس الحلو ويسرا وماهر صليبي وهند صبري وآخرون. كلهم كان لهم الفضل في صناعة السينما العربية. الجوائز وإن كانت منصفة، إلا أنها مجرد تحفيز لأعمال أكثر إثارة وجمالاً وإبهاراً. "سيدتي" كانت هناك وعادت لكم بالتفاصيل.
 
الهبوط الفني
محمود عبد العزيز، تشارك في مهرجان أبوظبي اليوم بفيلم "الجوع" وهو عمل قديم، أين أنت من المهرجانات؟
سؤالك منطقي. لكنّ المسألة ليست أن أمثّل أيّ شيء وانتهى الأمر، المشكلة هي: "ما هو الجديد الذي سأقدّمه"؟ أو ما الحالة الجديدة التي لم أقدّمها من قبل؟ صدّقيني، أنني بعد قراءات لسيناريوهات كثيرة، لم أشعر أن ما يعرض عليّ هو شيء جديد، أضيفي إلى ذلك التركيبة الجديدة التي غزت العالم، أغنيات غريبة وفن جديد. لا أعلم إن كان ذلك يسمّى هبوطاً أو أنني صرت أعتبر من الجيل القديم. ولكنّ الفن المقدّم اليوم لا يستحقّ أن يُحضر، ولم يعد هناك اختلاف منطقي أو تباين بين أم كلثوم وعبد الوهاب وشكوكو وعبد الحليم وأسمهان ووردة وفايزة أحمد وما يقدّم من جديد، هناك مليون أغنية وحدث نحكي به ولكن ما يقدّم اليوم من فن غير جدير بالمشاهدة، لذلك صار يصعب الاختيار. لكنني بصدد التحضير لما هو جديد وسوف يتمّ الإعلان عنه قريباً.
ما رأيك بالأعمال البوليسية التي تحكي عن الجواسيس والتي عرضت خلال الأعوام الماضية؟
هي جيدة، وحازت على نسب مشاهدة، لكن لم تسنح لي الفرصة لرؤيتها بشكل كليّ، لذلك سأبتعد عن التقييم.
لكن، لرأفت الهجان وضع خاص. إذ لم يحصل أن حاز عمل على إجماع جماهيري حتى اليوم بقدره رغم قدمه. ما سرّ هذا العمل؟
أشكرك على قولك. ولكن سرّ "رأفت الهجان" هو كل المجموعة التي قدّمته، وأعتقد أن العمل قد نُفّذ بحبّ شديد. كل طرف كان يعمل فيه بجدّ، المخرج يحيى العلمي -رحمه الله- كان رائعاً، ونحن كمجموعة ممثلين كنا نودّ أن نصنع شيئاً جديداً وخاصاً، ناهيك عن قوة الموضوع نفسه وهو ملفات المخابرات المصرية، وأيضاً حالة البحث عن القدوة. اليوم، لم يعد هناك مصطفى كامل ولا سعد زغلول ولا جمال عبد الناصر "يصمت لدقائق وتدمع عيناه".
يؤلمك أن تتحدّث عن هذا العمل؟
بل أتألّم عندما أذكر قائداً كجمال عبد الناصر وأشعر بالحزن. تغيّر المجتمع والحياة تحوّلت للكسب السريع، وبات أيّ شيء يجب أن يكون هناك فائدة منه، الدواجن مغشوشة والمهمّ المكسب والمال، ورغم وجود الخير والشر إلا أن القدوة مفقودة. والضغط بدأ يولّد الغضب كما حصل في مصر وليبيا وسوريا واليمن. هناك ضغوط ولا أمل لتحقيقها. لذلك، أرى أن تركيبة شخص كرفعت علي جمال كانت مثالاً يحتذى به، الناس ما زالت تحبه وتتابعه لأنهم وجدوا شخصاً لا يحوّل مليارات إلى حسابه في سويسرا، كان يحبّ بلده ويحمل روحه على كفّه وهو أمر لم يعد موجوداً.

نصيحة ليلى علوي
ليلى، بصفتك عضوة لجنة التحكيم اليوم. هل باتت هناك مواصفات خاصة لأفلام المهرجانات؟
القوانين تنصّ على أن تكون نسخة جيدة، وأن يكون الفيلم مشغولاً بشكل جيد ومترجماً بطريقة صحيحة، لكن لا وجود لمواصفات خاصة لموضوع الفيلم، فقد يكون فيلماً كوميدياً أو درامياً أو تاريخياً، لكن لا يعني أن يكون فيلم المهرجانات عملاً غير جماهيري.
إذاً، كيف تجدين السينما المصرية الحديثة اليوم، وإلى أيّ حدّ استطاعت أن تلامس نبض الشارع المصري؟
هناك حراك سينمائي جديد ابتداءً من السيناريو والإخراج والأهمّ هو الإنتاج الذي بات مقدّراً لحالة السينما، أعتقد أن مشكلتنا اليوم هي توسيع سوق التوزيع فقط لأن الإنتاج صار بخير.

حكاية هند لابنتها
هند صبري قدّمت فيلمين في المهرجان: "أسماء" الذي يتحدّث عن مريضة مصابة بالإيدز، و"18 يوم" الذي يحكي تفاصيل الثورة المصرية. لو خيّرت أن تشاهدي أحدهما، فأيهما كنت ستشاهدين؟
بكلّ تأكيد، كنت سأختار "18 يوم"، خاصة أننا نمرّ اليوم بمرحلة الثورات العربية. لكن أيضاً، كمشاهدة عربية، أبحث عن الأشياء الجديدة والأفكار التي لم يسبق عرضها. لذلك، كنت سأذهب إلى "أسماء"، فالمشاهد ملّ من السينما التجارية التي لا تفيد ولا تضرّ. والجميل أن هناك قاسماً مشتركاً بين فيلمي "أسماء" و"18يوم" وهو أنهما يجبران المشاهد على التفكير.
وقاسم مشترك آخر حيث تعاطفنا كمشاهدين مع الشخصيتين في فيلميكِ. هل يجب أن يتعاطف المشاهد دوماً تجاه الشخصيات المطروحة في أفلام السينما حتى ينجح الفيلم؟
هي قاعدة معروفة في الدراما. على كل ممثل أن يحاول قدر الإمكان شدّ المشاهد نحوه ليتعاطف معه سلباً كان أم إيجاباً، فمن الممكن ألا يحب الجمهور الشخصية ولعلّه يكرهها. وهذا يثبت أن الممثل نجح في أداء شخصيته، مهمّ أن تترك الشخصية أثراً معيّناً عند الجمهور والدموع التي رأيتها في عيون الجمهور الذين حضروا كلا الفيلمين أكدت مدى لمسهما لمشاعر الجمهور. وهذا يعني نجاحاً.
وماذا عن بكائك أنت أيضاً؟
بكيت في المشهد الأخير لفيلم "أسماء" لأنه حقاً كان مؤثّراً، ولأني أراه للمرة الأولى.

أخيراً، أنجبت ابنتك عليا في مرحلة الربيع العربي. أي حكاية ستحكي لها عندما تكبر؟ هل هي حكاية تونس أم مصر؟
سأحكي لها حكايتي تونس ومصر بما أنها تحمل الجنسيتين المصرية والتونسية، وأعتقد أنها أكثر دم محظوظ في العالم اليوم، لأنها خليط من الدماء التونسية- المصرية الحرّة، كان والدها أثناء حملي يلملم لها قصاقيص الجرائد، ابتداءً من الثورة وهروب بن علي وتنحي مبارك وقد أنجز لها ألبوماً مميّزاً، وأنا أنتظر هذا اليوم الذي ستكبر فيه وتفهم علاقة ولادتها بتاريخ غيّر مجرى العالم العربي بأكمله.


لماذا أصرت الفنانة يسرا على "الصمت" رغم تأكيدها أنها ستتحدّث قريباً وستجيب عن كل الاتهامات التي طالتها؟ ولماذا تمنع فارس الحلو وماهر صليبي عن الحديث عما يحصل اليوم في سوريا والبلاد العربية.؟ وماذا عن جوائز المهرجان؟
هذه التفاصيل تتابعونها في العدد الجديد من مجلة سيدتي المتوفر في الأسواق والمكتبات.