أصبح لدى النساء هوس بجمالهن وأصبحن يدفعن الغالي والنفيس في سبيل حصولهن على المزيد من الجمال والتألق وفق معايير الموضة والجمال السائدة، وحين يسألن عن السبب ترد أغلبهن بأن إرضاء الرجل هو السبب وراء ذلك، حيث أن أغلب معشر الرجال لا يقتنعون بحواء التي لديهم، بل يسعون خلف كل ما هو برّاق، فالرجال هم السبب في الضحك على عقول النساء، حيث استغلوهن بطريقة بشعة، وللأسف كانت النساء مشاركات لهم بقصد أو بغير قصد في هذا المقلب الكبير، فمنذ أن تولد الأنثى تتشرب في نشأتها الأولى طريقة لفت انتباه الرجل، فهي ترى أمها وأختها وقريباتها دائمات السعي لإرضاء الرجل، فمن المسؤول والملام؟
هذا ما يحدثنا عنه المستشار الأسري والاجتماعي عبدالرحمن القراش في الموضوع التالي:
بداية يحدثنا القراش عما يفعله هذا الهوس قائلاً: "يتم هوس المرأة بالجمال عندما تقتنع بأن الرجل لا ينظر إليها إلا من خلال بوابة "تفاصيل جسدها فقط"، فتعيش المسكينة أسيرة لهذه الرغبة، فتنام وتصحوا وهي تفكر في مقاساتها وألوانها الخارجية، حيث يخيّل لها كل يوم أن وزنها قد زاد أو شعرها تقصّف أو أذنيها كبرت أو أنفها صغر، لذلك يجب أن تعمل جاهدة لتبقى شابة يانعة في عين خاطبها أو زوجها صاحب العينين الفارغتين كما تعتقد، فتبدأ بالبحث عن ديكور جديد تغير من خلاله نفسها، فنجدها قامت بسحق "الخيار والموز والملوخية" في الخلاّط، ودعكت به وجهها من أجل نضارتها، فمن يراها يحسب أنها "بوزو"، وهذه نصيحة دكتور الطب البديل، كما قد تدهن شعرها بزيوت تفوح منها رائحة نتنة تسبب شقيقة الرأس من أجل التطويل والتنعيم، وهذه نصيحة من العطار، كذلك قد تكون نكست رأسها على الأرض رافعة ساقيها على الجدار من أجل رشاقة الخصر وتنحيف الأرداف وتقصير الرقبة، وهذه نصيحة المدرب طوني، أو تقوم بتحميص قطع خبز البُر مع القليل من الشوربة من أجل التخسيس والمحافظة على الوزن، وهذه نصيحة مركز سنتري شنز، إضافة إلى أنها قد تهرع إلى عيادات التجميل من أجل عمليات النفخ والشد مروراً بجلسات الليزر كل ستة أشهر".
وعن تحليله للأمر يقول القراش: "إن الأمر عبارة عن مؤامرة على حواء بشكل منظم اشترك فيها الرجل بكل تخصص ممكن أن يتقنه سواء كان متعلماً أو جاهلاً، فالعطار والطبيب والفوّال كلهم اشتركوا في غرس هذا الوهم في عقل الأنثى حتى صدّقته وأصبحت كالدمية بين أيديهم، فبمجرد زوال تلك الألوان أو زيادة الوزن أو ولادة طبيعية أو قيصرية يتم ركن المرأة على الرف والبحث عن أخرى، فتعيش تلك المكلومة مترددة بين عيادات الطب النفسي والمشعوذين حتى تجد ذاتها المفقودة وتعود لاتزانها المختل".
وينصح القراش كل أنثى قائلاً: "لا فائدة من الجسد بدون روح، ولا فائدة من القلب بدون شعور، ولا فائدة من الحب بدون إخلاص، ويجب على الأنثى أن تؤمن بأنها ذات قيمة فتعتز بنفسها وإمكاناتها حتى لو لم تعجب أي رجل، فهي خُلقت من أجل أن تُحب وتجد من يحبها وليس من أجل متعة أحد أو رضاه، وأنا لا أقول للمرأة أن تهمل نفسها وزينتها، بل لا تبالغ في اهتمامها بطريقة توحي لمن يراها أنها من سكان "زحل"، وبصراحة أغلب الرجال لا يرون حقيقة الأنثى ومدى تضحيتها وجمالها الحقيقي الكامن في روحها إلا بعد فوات الأوان، فمسكين ذلك الرجل الذي تضحك عليه امرأة بديكوراتها الزائفة، ومسكينة تلك المرأة التي يضحك عليها رجل بمدح جسدها وافتتانه بها وبقوامها".