الكلامنجي


كان أشهر شباب القرية فتوة واستعراضاً لعضلاته بمناسبة ومن دون مناسبة، حتى وصل الأمر به أحياناً إلى اختلاقه القصص والأساطير، وكان يصدقه الناس لما به من مواصفات جسمانية لا تخطئها العين، حتى أن البعض من شباب القرية كان ينوب عنه في عرض الروايات المفبركة، وفي ليلة من ذات الليالي، وكانت القرية مطفأة الأنوار، نظراً لعطل فني بالشبكة، وكان الشباب مجتمعين وضجيجهم يسمعه القاصي والداني، وإذ بفكرة هبت على عقل شاب منهم، وعلى الفور قام بطرحها أمامهم: من يقدر على الذهاب إلى مقابر القرية هذه اللحظة (والظلام الحالك يلف القرية، وصفير الصراصير وأصوات الضفادع، وعواء الذئاب لا ينقطع). ثم يأتي مسرعاً، لكن بشرط أن يترك علامة مميزة. انقطع الضجيج، وبدأ أغلبهم يعود بذاكرته لقصص وروايات الرعب التي سمعوها عن القبور. وسط كل هذا الصمت هب صوت أخينا، وقال أنا. عم الخرس الجميع، إلا واحداً قال له: وأي علامة ستترك؟ فاستل «وتداً» وأشهره كفارس من الأساطير القديمة، وقال: هذا «الوتد» سأقوم بغرسه هناك وسط القبور، وعليكم التأكد منه صباحاً، وذهب يملأ قلبه الحماس، وسار وسط القبور لا يهاب شيئاً، غير أن رجفة ببدنه تأتي وتذهب .


للتواصل مع الكاتب محسن محمد مهدي دومة [email protected]