كيف تعودين للعمل بعد الولادة؟

عندما حملت نورا في سن الـ27 قدم زوجها استقالته؛ ليتمكن من البقاء بشكل دائم في المنزل، كان هذا قراراً سهلاً. ولكن في أول يوم عودة لها إلى المكتب بعد إنجاب موري وجدت هذه الحقيقة صعبة التقبل، فقد كان عمره 12 أسبوعاً فقط، وتخيلت ابتسامته وهي تجلس إلى المكتب تذكرت انهمار الدموع على وجهها، وتساءلت: كيف أمكنني العمل وطفلي في المنزل؟ شعورها بالذنب جعلها تجلس محدقة في الكمبيوتر تفكر بما يفعله زوجها وطفلها في المنزل.

بدا أن العمل والاجتماعات لنورا بلا أي مغزى مقابل اللحظات التي كانت تفتقدها مع طفلها، كانت قطرات الحليب من صدرها أشبه بعذاب، يذكرها برغبتها في الإرضاع، كانت كل صباح وظهيرة تتسلل إلى المطبخ في مكان العمل، وتنتظر حتى يفرغ ثم تقوم بخفة بفك صدرية الإرضاع لضخ الحليب. تستدرك نورا: «ما أنقذني هو قرب مكان عملي من منزلي عشر دقائق فقط، وكل استراحة غداء كنت أهرع إلى سيارتي، وإلى المنزل وأغمر ماكس بالقبلات، وأرضعه وأسأل عن يومه».

ساعات متساهلة
كان الزوج يعطي طفله الرضيع زجاجة من حليب نورا خلال غيابها في حين كانت ترضعه صباحاً، وخلال استراحة الغداء ومساءً، وبدا الأمر مرهقاً وخصوصاً الإرضاع خلال آخر الليل. وبعدما قارب الشهر رتبت مع رئيسها في العمل دواماً كاملاً، ولكن بساعات متساهلة، أي العمل ليلاً حين يكون موري نائماً. تتابع نورا: «خفت أن أفتقد لحظات مهمة في حياته، لكن علاقتي به لم تتأثر، كما اعترفت أنا وزوجي بخطئنا، أنا بعدم وجودي وهو لعدم قدرته الكافية على العناية بطفل».
وعندما كان عمر موري 18 شهراً، حملت نورا مرة أخرى، كانت طفلتها سمر جميلة ولكن متطلبة، وعندما بلغ عمرها 12 أسبوعاً، أصيبت الأم بتوتر فكيف سيقدر زوجها السيطرة على طفلين؟ تتابع نورا: «تقبلت أول زجاجة رضاعة من حليبي في أول يوم عودة للعمل، وتأقلم زوجي بشكل رائع مع زيادة المتطلبات، ثم رقيت إنا إلى مستوى شريكة في العمل مما عنى مزيداً من المسؤوليات، وبالرغم من أني استمتعت بعملي فقد افتقدت طفلي بشكل كبير.

وأصبح الأطفال ثلاثة
أمضت نورا كل وقت فراغها تطبخ وجبات موري وإرضاع سمر مصممة على إعطاء طفليها الأفضل في المنزل حتى لو اضطرت إلى العمل، ولطالما سألها عملاؤها: ألا ترغبين أن تكوني في المنزل؟ تستدرك نورا: «لم يكن بإمكانهم أن يروا أن لا خيار أمامي».
في ولادة نورا لأمير كان الوضع أصعب، فقد كان عمره 10 أسابيع عندما عادت إلى العمل لكنها كانت تستيقظ، وهي تشعر بالفزع، ولا تقوى على الحراك، تستدرك: «كنت مرهقة ويائسة وعالقة في مسؤولياتي، ولشعوري بالذنب من عدم وجودي في المنزل أمضيت كل دقيقة مع أطفالي أو أطبخ لهم بكثرة».
تجاوزت نورا هذه المرحلة باهتمامها بنفسها، وبممارسة الرياضة والتسوق وحدها والسفر في إجازة، وكلما شعرت بعدم القدرة على المضي تتوقف وتخرج لتستنشق هواءً منعشاً. تندم أحياناً على طموحها الزائد، لكنها عندما تتذكر أن عملها سيفيد عائلتها مادياً لا تهتم.


رأي الأب
صراع الزوج الأكبر كان مع رجولته، فالرجال مبرمجون على توفير معيشة عائلاتهم، لكن دخل نورا الأعلى جعله بدون خيار. يستدرك الأب: «في البداية خفت من رأي الناس فيّ، يحسدني الكثيرون من الآباء على بقائي في المنزل، ولكنهم لا يعرفون أنه سيف ذو حدين، علاقتي بالأطفال جيدة ولكن معرفتي أني لن أسمع كلمة عاد أبي من العمل تزعجني».