للكلمة وقعها ودلالتها التي تفوق المعنى، فعندما تسمع بمسمى زواج الوناسة من دون أن تكون مطلعاً على معناه مسبقاً تتوقع أنه أقرب إلى زواج المتعة والمسيار وما إلى ذلك من أنواع الزواج المبتكرة في هذا العصر، لكن الغريب أن هذا الزواج تحديداً لا يمت للوناسة بصلة، فالمقصود منه المؤانسة أو التأنيس، كما أطلق عليه في عهد الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم)، وهو يقوم على اتفاق كامل الشروط بين الزوجين في الواجبات، باستثناء الشرط الأهم الذي تدور حوله أنواع الزواج المختلفة، وهو عدم التزام الزوج بالحقوق الجنسية للزوجة كاملة، بل حسب اتفاقهما وحسب قدرات الزوج، فما سر هذا الزواج، وهل يقبله المجتمع عند معرفة الوجه الحقيقي له؟!
للواقع كلمته
أمينة، امرأة في الستين من العمر، تطلقت من زوجها وهي على أبواب الخمسين، ولم يكن لديهما أبناء، أسرّت لـ«سيدتي»: كنت أنا زوجته الثانية، وكان يكبرني بأكثر من عشرين سنة، وعندما كبر بدأت طباعه تتغير وكأنه أصيب بالخرف، وكوني لم أعد أحتمل سوء الوضع طلبت الطلاق، وبعد فترة تقدم إلى خطبتي أحد الأقارب بعد وفاة زوجته، وعن رأيها بتسمية هذا الزواج بزواج الوناسة، تجيب بأنه زواج شرعي ومحترم ومستوفٍ للشروط، وتضيف أن هذه التسميات وهذا الجدل الذي يدور حولها يسيئان لقدسية الزواج، وفي النهاية للحياة ظروف تحكمها، وأهم سمة في الزواج هو الحفاظ على كرامة المرأة.
زوجة لابن عمها العاجز
في حالة مختلفة تماماً من حيث الظروف، تقع أديبة أم أحمد ضحية رجعية عمها وتسلطه، كونه الأخ الأكبر الذي ربى والدها، لتجد نفسها وهي في السابعة عشرة زوجة لابن عمها العاجز جنسياً، لكن أمها لاحظت أن هناك أمراً غريباً يحصل، وأصرت على معرفة الحقيقة كاملة ليتم الطلاق بعد عام من زواجي، وعن رأيها بزواج الوناسة الذي تتنازل فيه المرأة عن حقوقها الجنسية، توضح أن لكل حالة ظروف تحكمها، لكن ليس من العدل أن تجد الفتاة نفسها في زواج من هذا النوع.
الشرط يفسد عقد الزواج
لكن الزواج ليس مجرد ماديات فقط، حسب سليمان حسن «موظف مبيعات»، ويعتبر أن هذا النوع من الزواج ينطوي على ظلم كبير للمرأة التي قد تضطرها الظروف للقبول بها والتنازل عن حقوقها.
ويوافقه الرأي عبدالرحمن الفندي «صاحب كراج سيارات»، معتبراً أن الزواج لا يجب أن يكون مشروطاً، فكل زواج مشروط سفاح، حسب قول والده، خاصة أن المرأة أصبحت قادرة على إعالة نفسها وأبنائها إن كانت أرملة أو مطلقة، ولهذا ليست مضطرة للقبول بهذا الزواج المشروط.
تزوجها ليعيل أطفالها
من الأمور الطريفة التي حصلت مع قريب عمر الإبراهيم «موظف في هيئة أوقاف دبي» أن قريبه فكر بهذه الطريقة عندما كانت حرب العراق في أوجها، فقد كثر نزوح الأسر العراقية وفي يوم من الأيام قصدت ابن عمه سيدة عراقية أربعينية تبحث عن عمل، وكان صاحب معمل خياطة، فأمن لها عملاً وبيتاً صغيراً لها ولأبنائها، وبعد فترة اكتشفنا أنه تزوج بها لتقوم القيامة في منزله، ورغم أن السيدة كانت تكبره بأعوام، إلا أن زوجته تركت المنزل ولم تعد حتى طلق الأخرى.
الرجل أكثر حاجة للزواج
علينا أن نكون واقعيين ونتأمل الظروف التي يعيشها الناس قبل أن نحكم على أي أمر، حسب مصطفى عبدالله «مهندس»، فبغض النظر عن التسميات يبقى الزواج ستراً للرجل والمرأة، ولعل الرجل أكثر حاجة للزواج؛ لأن المرأة تستطيع الاستغناء عن الرجل عندما تكبر، لكن الرجل يبقى بحاجة للمرأة، حتى وإن كان عجوزاً.
وفي حالة أخرى مشابهة إلى حد ما، نكتشف أن الزواج لا يعني بالضرورة العلاقة الجنسية في بعض الحالات، فالمرأة عندما تتجاوز الثامنة والأربعين من دون زواج لا تبحث عن رجل تنجب منه الأولاد بالضرورة، بعد أن يئست من الزواج لسنين طويلة لم يطرق أحد بابها فيها، وحسب فاطمة مطر «ممرضة» يصبح الأمان والعائلة الأولوية عند المرأة في حالة كهذه، كما حصل مع خالتها.
فاصل بين الزنا والحلال
توحي كلمة وناسة بمعنى أقرب إلى زواج المتعة وزواج المسيار، حسب الداعية أحمد الكبيسي، ويقول: لست أدري كيف حرفت هذه التسمية لتبدو وكأنها تحريف للمعنى الظاهري لهذا الزواج، وأحب هنا أن أوضح أمراً بخصوص هذه التسميات والأنواع الغريبة للزواج، معتمداً على قاعدة رفع الحرج، فالتعاليم الإسلامية لا تضع المسلم في مأزق لا يستطيع الخروج منه، والإسلام لا يحرج المسلمين، ووجد الشرع الزواج بحيث يستطيع كل رجل عاقل بالغ الزواج بامرأة عاقلة بالغة بحضور شاهدين حيث يطلب منها الزواج وتوافق، ويضيف أن هذه الأنواع من الزواج تبقى فاصلاً بين الزنا والحلال، بغض النظر عن احترام المجتمع لهذا الحلال، لكن الله لا يقيم وزناً لأحكام المجتمع، وله الشروط التي تحل الزواج.
بين الوناسة والتأنيس.. زواج مع وقف التنفيذ
- أخبار
- سيدتي - سعد الصالح
- 10 يونيو 2015