بعد أن كان الطلاق يوجب وجود مأذون ناصحاً الزوجين، ومؤكداً لهم “إن أبغض الحلال عند الله الطلاق” وفشل مساعي الصلح من قبل الأهل والأصدقاء، تغيرت الصورة وانقلبت حين لعبت الأجهزة التكنولوجية دوراً في القيام بهذه المهمة سواء عن طريق الشات أو البريد الالكتروني أو التليفون المحمول.. ومؤخرا أقرت محكمة شرعية سعودية لأول مرة بصحة طلاق سيدة بناء على رسالة نصية قصيرة sms أرسلها زوجها عبر هاتفه الجوال من خارج المملكة، قال فيها إنه “يطلقها” وذلك بعد أن استمعت المحكمة لشهود كان الزوج قد أبلغهم بالطلاق للتثبت من صحة الواقعة.
كان الزوج المتواجد في العراق قد اتصل بزوجته وأبلغها بالطلاق ثم قام بعد ذلك بالاتصال باثنين من أصدقائه كانا قد شهدا على عقد قرانه وأبلغهما بطلاق زوجته .. واستدعت المحكمة الشاهدين اللذين أكدا أن صديقهما اتصل بهما بالفعل وأخبرهما بأمر الطلاق كما أكد واقعة الطلاق اثنان من أقارب الزوج أوضحا أيضا أنه أبلغهما هاتفيا بالطلاق وأنه يشهدهما عليه.
هذه
الحادثة جددت الجدل حول ظاهرة الطلاق عبر وسائل الاتصال الحديثة، مثل الرسائل النصية
القصيرة عبر الهاتف الجوال ورسائل البريد الإلكتروني والمحادثات عبر الإنترنت “الشات”.
يقول الدكتور محمد الشحات الجندي، الأمين العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إن الطلاق بالانترنت أو بالهاتف جائز بشرط اعتراف الزوج. والتأكد من أن الزوج هو المطلق فعلا وباعترافه أنه طلق زوجته من خلال إحدى هذه الوسائل.
وأرجع فتواه إلى أن الشريعة الإسلامية أباحت الطلاق ما دامت الحياة الزوجية قد استحال دوامها بين الزوجين لسوء العشرة أو للنفور بين الزوجين وأنه عندما تتأزم الأمور وتكثر الخلافات ويصعب حل المشاكل هنا لا يوجد سبيل سوى الطلاق، ولا خلاف بين الفقهاء في ذلك لان الأمر هنا يثبت بالإقرار والإقرار سيد الأدلة أما إذا أنكر الزوج إيقاع الطلاق على زوجته فإنه لا يقع لأن الأصل عدم الطلاق.
آداب الطلاق
يخالفه الرأي الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر السابق، مؤكدا عدم صحته لعدم استكمال الشروط الرئيسية لوقوع الطلاق فلابد من استبعاد هذه الوسائل في الطلاق لكي يظل للطلاق حرمته وللأسرة سلامتها.
يشير الدكتور نصر إلى أن الطلاق لا يقع إلا إقرارا مباشرا في المواجهة، وأكد على وجود آداب للطلاق يجب أن تتوافر لا يمكن التأكد من تحقيقها عن طريق الهاتف النقال أو الانترنت وهي أن تكون الزوجة في حالة طهر.
صحيح في ثلاث حالات فقط
ويوضح الدكتور زكي عثمان، الأستاذ في جامعة الأزهر، أن الطلاق عبر الهاتف النقال أو الانترنت صحيح لأن الزوجة تعرف صوت زوجها جيدا فكأنها تقف أمامه، فليس شرطا أن يذهب الزوج للمأذون لتوثيق ورقة الطلاق لأنها تحسب طلقة فقط بدون توثيق، خاصة أن طلاق المشافهة يقع على الزوجة حتى لو كانت غير موجودة، ولكن يمكن أن تحدث الخديعة إذا حدث الطلاق عن طريق رسائل النقال فغير معروف من كتبها ولمن والكلام ينطبق أيضا على الطلاق عبر الانترنت.
وأكد أن الطلاق يكون صحيحا في ثلاث حالات فقط أولاها أن تتم مواجهة بين الزوج والزوجة ويخبرها الأول بمقولة ‘أنت طالق’ والثانية وهي أن يكتب لها رسالة نصية ولكن يشترط هنا أن تتأكد الزوجة من أن الرسالة صدرت منه .. وأخيرا وهو أن يوكل الزوج شخصا آخر لطلاق زوجته ويجب أن تعلم الزوجة بهذا التوكيل.
صيغة صريحة
قال الشيخ يوسف البدري إن علماء الأمة أجمعوا قديماً وحديثاً على أن لفظ الطلاق ما دام صدر من الزوج وحده، أو أمام جماعة وأبلغ بها أحداً من الناس، زوجته كانت أو غيرها، بالصيغة الصريحة لفظاً أو كتابة أو إشارة فإنه طلاق واقع، وعليه فإن رسائل المحمول المسماة بالـ sms هي وسيلة مكتوبة معتبرة شرعاً”.
التوثيق كتابة
يؤكد فرحات المنجي، من علماء الأزهر، أن الطلاق جائز عبر رسائل الـ «s.m.s» ويقع مادام تأكد أن الراسل هو الزوج، أما إذا نفي حتى لو كانت من على هاتفه فلا يقع، لأنه تراجع عن قراره، ولم يرد الطلاق، والشهادة على الطلاق من باب الاستحباب، فإذا أكد الزوج ما جاء بالرسالة الواردة بالطلاق، فهذه «طلقة» من الطلقات الثلاث من تاريخ الرسالة على الموبايل، أما إتمام الطلاق فهو إجراءات تتم بعد ذلك من خلال الإقرار بحقوق كل طرف وتوثيق ذلك كتابة.
المزيد من التفاصيل تجدونها في العدد 1474 من مجلة "سيدتي" المتوفر في الأسواق.