مستشار اقتصادي يقدم للمستثمرين وصفة النجاح:

شكلت أسواق المال والساحات الاقتصادية بكافة مجالاتها تحدٍيا كبيرا في الفترة الأخيرة، فالكل بدون استثناء وعلى جميع الأصعدة ابتداء من الحكومات وانتهاء بأصحاب الاستثمارات الصغيرة يصارعون من أجل النجاة باستثماراتهم والابتعاد بها خارج حدود الأزمة المالية العالمية التي ألقت بظلالها على كافة أوجه الاقتصاد والاستثمار.


 

ربما كان التحدي الأكبر والأهم من حماية الاستثمارات القائمة هو الاستثمارات الجديدة, فمن حق كل إنسان أن يبدأ حياته بالطريقة التي يراها مناسبة, والتي يعتقد أنها تحقق ذاته، وطالما أنه حق له فمن المفترض أن تكون خطواته واضحة ومدروسة بحيث تكون استثماراته بعيدة عن أي خطر محتمل. «سيدتي»  التقت الدكتور رضا عبد السلام المستشار الاقتصادي في صندوق التنمية الصناعية السعودي، وأستاذ الاقتصاد الذي قدم للشباب ومن خلال خبرته الطويلة في عالم الاقتصاد نصائح تكون عوناً لهم في عالم الاستثمار الذي أصبح مليئاً بالخوف, ويفضل الجميع عدم الاقتراب منه خوفاً من العواقب، فقال:» بداية، أنصح كل مستثمر في بداية طريقه بأن أقول له ادرس جيداً، ثم ضع لنفسك هدفاً وأعد خطتك بما يضمن إنجاز هذا الهدف، ولا تبالغ فيه، وكن بعيد النظر ولا تنظر تحت قدميك تضمن النجاح واستدامته إن شاء الله تعالى».

هذا ملخص وصفة النجاح من وجهة نظر الدكتور عبد السلام، فكما يرى أنّ الاستثمار في هذه الظروف ممكن وغير مستحيل بالرغم من كل الظروف السيئة والضغوط العالمية, ولكن لابد أن يكون هذا العمل وفق خطة معينة ومدروسة بدقة، ولابد أن يكون مبنياً على قاعدة علمية وثقافية صلبة ينطلق المستثمر من خلالها إلى عالم الاستثمار في اتجاه هدف معين واضح وثابت بغية تحقيقه والوصول إليه، وليس من المنطقي أن يكون الهدف غير واضح أو متروكا للظروف المحيطة وذلك لأنّ وضع الهدف وتحديده يجعل من خطوات الاستثمار التي يخطوها كل مستثمر مبتدئ أكثر تركيزاً وأقرب إلى التحقيق مما يقلل نسب المخاطرة ويجعلها أحياناً شبه معدومة، خاصة في ظروف صعبة مثل التي نعيشها اليوم، والتي ترتفع فيها نسب المخاطرة لتلامس نسباً لم نعرفها من قبل من حيث الشدة والارتفاع.

 

تحليل فرص الاستثمار

وعن نصيحة د. عبد السلام في ماهية تلك الاستثمارات الجديدة، وما يمكن أن تكون، يقول: هناك دوماً ما هو جديد سواء بالاستثمارات الكبيرة أو الصغيرة، وما أقترحه شخصياً أن يكون هناك تفكير جدي في مشروع وطني كبير تحت عنوان «صناعات دراسة الحرمين» يستهدف تحليل فرص الاستثمار الكبيرة المتوفرة لدينا، كصناعات الملابس والمشغولات والهدايا، بالإضافة إلى صناعات لتلبية احتياجات الحرمين الشريفين من الأثاث والسجاد والمنظفات... هذا تبسيط شديد ولكنه موضوع يستحق الاهتمام بإستراتيجية بعيدة المدى، فمن شأنه أن يفتح آلاف المجالات أمام العديد من المستثمرين والشركات القديمة والحديثة, كما من شأنه أن يوفر الملايين من فرص العمل للعديد من الشباب.

بالإضافة إلى السوق الأفريقي الذي يعتبر سوق الفرص الواعدة والبكر، فهو عملياً من أقل الأسواق تأثراً بالأزمة العالمية، والعالم يتكالب الآن عليه من خلال الشركات الأجنبية والعالمية بالإضافة لبعض الشركات العربية, ومن وجهة نظري فإننا الأولى بهذا السوق، فأفريقيا هي الامتداد الإستراتيجي لعالمنا العربي بالإضافة إلى اعتبارات كثيرة أخرى تستحق منا التفكير بجدية في أفريقيا ووضع خطط وإستراتيجيات جادة من أجله».

 

معايير مختلفة

أما عن معايير النجاح بالوقت الراهن سواء في الاستثمارات القديمة أو الحديثة فمن وجهة نظر الدكتور بأنّ معايير النجاح لا تقتصر على التحصيل أو النجاح المادي, فالمعايير لابد أن تكون مختلفة لكي لا نكون ضحية لعثرات مستقبلية مشابهة للأزمة المالية الحالية, وأوضح قائلاً:» في حقيقة الأمر في ظل الأزمة العالمية الراهنة التي ضربت الجميع يصعب الحديث عن ناجح، فناجح الأمس هو فاشل اليوم، وكلنا يعلم الحجم الهائل لخسائر كبار المستثمرين الخليجيين على أثر الأزمة، ولكن بصفة عامة يبقى معيار النجاح عندي هو النمو المتوازن مع ضمان الأبعاد الاجتماعية والقيمية والخلقية، فلقد خسر العالم كثيراً بتجاهل الدور الأخلاقي والقيمي في استدامة عملية النمو.

كما أنّ الاقتصادي الناجح هو الاقتصادي المثقف بمعنى أنه صاحب الخلفية الشاملة (اقتصادياً, وسياسياً, وقانونياً, واجتماعياً) وعلى المستثمر أن يكون واسع الأفق كثير الاطلاع غير متشبث برأيه حال ثبت عدم صحته، يبحث دائماً عن كل ما هو جديد،  خاصة وأنّ هناك الجديد في كل ثانية في عالم الاقتصاد الواسع والرحب».

وعن دور الدولة في دعم الاستثمارات الجديدة وسوق العمل بشكل عام وتشجيعها قال (الدكتور/ عبد السلام):» على الدولة أن تقوم بداية بغرس ثقافة العمل منذ الصغر في الطفل والشاب، وتحفيز الطلاب وتشجيعهم على الدخول في التخصصات العلمية بشكل أكبر من التخصصات النظرية الأخرى التي لا حاجة إليها في سوق العمل  حيث إنّ الطلب على التخصصات العلمية الآن أكبر بكثير والأسواق شبه مشبعة من التخصصات النظرية كما يفترض أيضاً تحفيز المستثمر ودفعه للارتقاء بعناصر العمل، والبحث عن عناصر العمل الماهرة والمتميزة والمحافظة عليها لا عناصر العمل الرخيصة أو تلك القادمة من آسيا أو غيرها عندها سيتشجع الشاب السعودي وسيقدم على الدخول بقوة في سوق العمل بدون خوف، وأولاً وأخيراً فالدولة بقيت وستبقى دوماً هي صمام الأمان والمعين عند الشدائد والأزمات.