من جديد تثبت الأخطاء الطبية أن هناك بعض العاملين في الحقل الطبي لا يتحلَّون بأخلاقيات مهنة الطب التي وضع أسسها «أبقراط» أبو الطب قبل نحو 2400 سنة، والتي تشكل فيها رعاية المريض ركيزةً أساسية. فقد تسبَّب خطأ طبي في مستشفى القطيف المركزي (شرق السعودية) ببتر كفِّ الطفلة سكينة حسين آل مهنا ذات السنوات الست؛ ما دفع ذويها إلى رفع شكوى إلى المديرية العامة للشؤون الصحية في المنطقة الشرقية ضد المستشفى، والمطالبة بمعاقبة كل المتسبِّبين به.
«سيدتي» كشفت تفاصيل الحادثة عبر لقائها والدة سكينة، مُدعَّماً بردّ الشؤون الصحية في المنطقة الشرقية من خلال السطور الآتية.
شكوى ضد المستشفى
بداية قالت والدة الطفلة سكينة آل مهنا: «ما ذنب طفلتي لتعيش بيد واحدة بسبب نقص خبرة الممرضات في التمريض وقساوة قلوبهن؟». وتابعت قولها بحرقة: «قمنا برفع شكوى إلى المديرية العامة للشؤون الصحية في المنطقة الشرقية ضد مستشفى القطيف المركزي، وطالبنا فيها بإنزال أقسى العقوبات على المتسبِّب في هذه الحادثة التي حطَّمت قلوبنا».
جلطة في يدها اليسرى
ووفقاً لما ترويه والدة سكينة لنا: «تعرضت سكينة إلى أزمة صحية جرّاء عاصفة غبار واجهتها المنطقة، حيث تعاني منذ ولادتها من تليف رئوي، فنقلها والدها إلى مستشفى القطيف المركزي، وتبيَّن أنها أصيبت بالتهاب في الرئة، فأمر الطبيب بأن تُعطى إبرة مغذٍّ، حيث قامت الممرضة بعدة محاولات باءت بالفشل لإدخال الإبرة في يدها، ثم قامت بِلَيِّ يدها أثناء إعطائها الإبرة بشكل عنيف؛ مما تسبب بحدوث جلطة في يدها اليسرى. ثم أجرِيت لها عملية لعلاج الجلطة، ولكنها فشلت، فأدخلت العناية المركزة».
المستشفيات رفضت استقبالها
وزادت: «نُقلت بعدها إلى مستشفى الملك فهد في الأحساء، لكنها لم تُستقبَل؛ لأن حالتها متأخرة. ومن هناك إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض، حيث رُفض إدخالها لعدم توفر سرير لها! فأعيدت إلى المستشفى المركزي. وتم الاتصال بمستشفى الملك فهد التخصصي في الدمام، فكان الرد أيضاً: لا يوجد سرير! وبعد انتظار رد من الرياض استمر 3 أسابيع، تمكَّنا من تأمين سرير لها، ولكن بعد فوات الأوان!».
بتر كفّها في مصر
تتابع والدة سكينة: «توجهنا إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض الذي أثبت أن سكينة ضحية خطأ طبي 100 في المئة، ولا يوجد حل غير بتر كفها، فطلبنا مهلة قبل الإقدام على ذلك، خاطبنا خلالها عدة مستشفيات خارج المملكة، حيث جاءنا رد من مصر يؤكد إمكانية تجنُّب البتر. وفي مستشفى السلام في القاهرة، كانت المفاجأة بأنه لا علاج سوى البتر، وللأسف أجريت عملية البتر!ً».
التعايش مع الوضع الجديد
وبالنسبة لردة فعل سكينة بعد الحادثة، قالت أمها: «عندما أزال الطبيب الشاش عن يد ابنتي بعد البتر، صرخت متألمة، وصرفت نظرها بعيداً عن يدها، فرجوته أن يغطيها مراعاة لمشاعرها، لكنه رفض قائلاً: هذا يساعدها على تقبّل الوضع الجديد».
عاشقة الرسم بلا كف
ثم قالت الأم بنبرة حزينة: «ابنتي سكينة فتاة ذكية وحساسة جداً، وما يشعرني بالأسى كونها تعشق الرسم وتمارسه». مضيفةً: «أكثر المواقف التي آلمتني عندما سمعتها تتحدث عن جعفر الطيار ابن عم الرسول وأنه فقد يديه، مثلما فقدت كفّها!».
التحقيق جارٍ
أكد الناطق الرسمي لصحة الشرقية أسعد سعود لـ«سيدتي» بأن الشكوى حُوِّلت مباشرة إلى إدارة المتابعة الفنية في المديرية، ولايزال التحقيق فيها جارياً. وأشار إلى أنه تم توجيه إدارة الخدمات العلاجية بالمديرية لعلاج الطفلة، فيما صدر أمر بمنع سفر الممرضة المعنية بالشكوى لحين الانتهاء من التحقيق.