قد تعتري الطفل في مراحل الطفولة
المبكرة حالة من الهدوء والسكون بعد نوبة من الغضب أو يتحوّل من حالة الهدوء إلى
النشاط واللعب أو الضحك، ثم يتجهّم بعد ذلك أو يبكي لأتفه الأسباب...
هذا التغيّر الملحوظ في مزاج الطفل له أسباب ودوافع تطلعنا عليها إختصاصية علم النفس وتعديل السلوك عائشة أدور.
ترتبط أمزجة الأطفال بتفاعلات معقّدة تتدخّل فيها التأثيرات البيئية والحالة الفيزيولوجية للطفل والأحداث والمواقف الحياتية التي تحدث من حوله، ولكن ثمة عوامل يمكن أن تساعد الأم في معرفة سبب تقلّبات المزاج التي تصيب طفلها من حين إلى آخر، أبرزها:
_ الجوع: لا يستطيع الصغير التعبير عن حاجاته الأساسية عندما يعتريه مزاج سيّئ بدون وضوح الأسباب، فقد يكون جائعاً أو أنه لم يحصل على الغذاء الكافي بحيث تكون طاقته المبذولة أو المستنفذة أكثر من الغذاء الذي تناوله. لذا، يجب على الأم ملاحظة ذلك، خصوصاً إذا قضى الطفل ساعات طويلة خارج المنزل.
_ الإحساس بالظلم: إذا شعر الطفل أو اعتقد أن أحد والديه أساء الظن به وأساء معاملته، أو وجد تفضيلاً لأحد إخوته عليه، فإنه يشعر بالغيرة، وسيتبع ذلك تقلّب حاد في المزاج.
_ النمو المفاجئ: إنّ تعرّض الطفل
لحالات تطوّر متسارعة في نموه العقلي والفيزيولوجي قد يجعل مزاجه سيئاً، خصوصاً خلال
فترة التسنين حيث يُظهر تغيّراً ملحوظاً في انفعالاته، وتكثر شكواه. ويستمرّ هذا المزاج
السيّئ بمصاحبة أعراض مرضية بسيطة، كلّما شقّ سنٌ طريقه إلى الخارج.
وعلى الأم أن تدرك أي تغيّر في طبيعة طفلها، حيث إنه ناتج عن نموّه، وأن تحاول
التخفيف من معاناته.
_ النوم: عندما لا يأخذ الطفل كفايته من النوم، يكون لديه استعداد أكبر لتقلّب المزاج، فشعور الطفل بالتعب والإرهاق في ظلّ وجود مثيرات كاللعب أو مشاهدة التلفاز تحرمه من أخذ قسط وافٍ من النوم والراحة، فتنتابه حالات من الغضب والعصبية والبكاء.
_ البيئة المحيطة: إذا كان أحد الوالدين أو كلاهما أو أحد الأشخاص المحيطين بالطفل يغضبون لأبسط الأسباب ويتميّزون بالعصبية وتقلّب المزاج، وتُهمل البيئة التي يتربّى فيها الطفل قضاء بعض الوقت في المرح والترفيه حيث لا يجد الطفل من يداعبه، فإن ذلك يقتل المرح في نفسيته وينعكس ذلك على شخصيته ومزاجه.
_الروتين: يعشق الطفل الروتين،
علماً أن أي تغيّر قد يطرأ على الحياة التي اعتاد عليها يجعل مزاجه سيئاً. وكذلك،
يصاب بعض الأطفال بسرعة التهيّج والإنفعال إذا انتقلوا من نشاط إلى آخر، بدون توقّف.
المواجهة
السؤال عن أفضل الطرق لتجنّب سوء المزاج الذي يعتري الأطفال، تجيب عنه الإختصاصية عائشة أدور، بالقول: "من الضروري تفهّم الوالدين أن هذه التغيّرات المزاجية تعتبر سلوكيات طبيعة وجزءاً من مراحل نمو الأطفال، وأن هناك الكثير من التصرّفات التي يمكن أن يقوموا بها لتهدئة أطفالهم واسترضائهم عند تعرّضهم لمثل هذه التقلّبات المزاجية. ويمكن القول إن جميع الأطفال يمرّون بهذه التقلّبات، ولكن بطرقهم الخاصّة". وتضيف "أن الطفل الرضيع يحاول التعبير عن احتياجاته، ولكن تنقصه المهارة، ولكي تتجنّبي تقلّب مزاجه، عليك توفير احتياجاته الأساسية من الطعام والماء والنوم والراحة والأمان، علماً أن الرضّع يتطلّعون إلى أمّهاتهم للحصول على المواساة. لذا، عليكِ حمله في أحضانك والتحدّث إليه بصوت هادئ مطمئن، حتى وإن كان لا يفهم، إلا أنه سيشعر بالإطمئنان ويهدأ".
هذه لمحة عن أمزجة الأطفال خلال مراحل أعمارهم الأولى:
_ في عمر السنتين: يصبح متأقلماً أكثر مع بيئته وأفراد أسرته، كما أن قدراته على التحكّم في جسمه ومشاعره تكون أقوى. لذا، إن مشاركته اللعب وقضاء أوقات مرحة بصحبته كفيلة بتصفية مزاجه.
_ في عمر الثلاث سنوات: تكثر مطالبه ويصبح متسلّطاً ولا يكترث بالتعليمات والأوامر، وذلك لأنه يبدأ بتعلّم الإستقلالية. وخلال هذه المرحلة العمرية، من الأفضل أن تعتمد الأم روتيناً ثابتاً للنوم وتناول الطعام والإستحمام وقراءة القصص... لتفادي الصدام الذي يعكّر مزاجه.
_ في عمر الأربع سنوات وما فوق: يتميّز الطفل بالثرثرة والمناقشة الخفيفة، ويتوسّع الخيال لديه لدرجة امتزاجه بالحقيقة، وقد ينشأ إحساسه بالخوف في هذه المرحلة أو يصاب بسوء المزاج نتيجةً لهذه المخاوف! لذا، يفضّل قضاء وقت أطول في التحدث معه وتفسير ما هو مجهول لديه وإتاحة الفرصة له للتعبير عن مخاوفه، على أن يكون ذلك في وقت بعيد تماماً عن وقت النوم.
كادر
العلاقات الأسرية
ممّا لا شك فيه أن العلاقات الأسرية الوطيدة كفيلة بالوقاية والحماية من سوء المزاج، وهي من أهم أسباب الصحة النفسية للطفل. وينصح بضرورة أن يتواجد الأب والأم أو أحدهما على الأقل بشكل كافٍ في المنزل لمشاركة الطفل في همومه المدرسية وشؤونه الحياتية، فالتواصل اليومي مع الأبناء ذو أهمية عظيمة في نفوسهم ومفيد لتشكيل شخصياتهم السوية لأنه يمدّهم بتقدير الذات، ويساعدهم على النضج الفكري والتصالح النفسي.
.