أمي تقول بصراحة لا تحسد عليها، إنها حاولت أن تتخلص مني منذ ولادتي.. فقد ولدت «وحشة».. أو قبيحة الوجه بشكل منفر.. ولا أريد أن أصف لك عذابي وأنا أنمو في جوّ من الرفض، من الجميع.. وفي المدرسة.. شيء غريب حدث.. تحول جسمي النحيل إلى فتاة جذابة.. لكن وجهي الدميم ظل كما هو.. وأقرّب لك الشبه، فأقول إنني أشبه «هيفاء وهبي» جسدًا.. و«غولدا مائير» وجهًا.. وقد أعانني الحجاب أحيانًا، والنقاب أحيانًا أخرى على إخفاء دمامتي!
حصلت على مؤهل متوسط، وسرعان ما توظفت على الآلة الكاتبة في إحدى الشركات الكبرى.. وسرعان ما ترقيت في الوظيفة لاجتهادي ومواظبتي.. ثم استطعت إجادة اللغة الإنجليزية.. وقرأت كثيرًا وثقَّفت نفسي أفضل تثقيف.. وانتقلت إلى قسم الكمبيوتر والإنترنت، ودخلت عالمًا واسعًا، ونسيت دمامتي وانهمكت في عملي.. شاءت الأقدار أن تطلب الشركة موظفين جددًا من دولة شقيقة.. وانهالت الطلبات على الشركة، وكنت أتلقاها لأسجلها على الكمبيوتر.
شدت انتباهي صورة شاب من المتقدمين للعمل.. فهبّت عاصفة على قلبي.. كان جميلاً.. طويلاً.. مؤهلاته ممتازة.. وضعته في أول الترشيحات، وعلى الـ «إيميل» أخطرته أنه المرشح الأول.. فهم أنني منْ رشحه.. وبدأت بيننا اتصالات مجاملة.. تطورت إلى اتصالات غرامية.. وبالطبع حرصت على ألا يرى صورتي مطلقًا.. وعدني إذا حضر للعمل في الشركة أن يتزوجني.
عشت في حيرة شديدة بين واقعي ودمامتي، وبين حبي ورغبتي بالزواج من هذا الشاب الجميل.. وعندما حضر حرصت على أن يعمل في فرع الشركة بعيدًا عني.. وظلت علاقتنا قوية ومحترمة.. وسرعان ما طلب إنجاز وعده بالزواج.. ولا تتصور مدى خوفي وتوتري.. فستأتي لحظة الحقيقة.
ومن دون الدخول في تفاصيل تطول.. تزوجته وأنا منقبة.. وقوامي الرائع كان موضع انجذابه وإعجابه.. ثم جاءت لحظة الحقيقة.. ليلة الزفاف.. وبعد أن خلعت النقاب وباروكة الشعر وبقية أدوات التجميل.. ظهرت على حقيقتي.. ورغم أنه تماسك وحاول أن يخفي صدمته، فقد أدركت مدى هذه الصدمة.. وقضينا خمسة أيام في الظلام تقريبًا.. وكنت حريصة ألا يرى وجهي قدر الإمكان.
لكن بعد الأيام الخمسة حمل ملابسه ورحل.. صدقني لم أزعل ولم أغضب.. فقد وجدت أن الحق معه كل الحق فيما فعل، ولو كنت مكانه لفعلت ما فعل.. المهم اتفقنا على الطلاق بهدوء.. ولم أطالبه بأي شيء.
وبعد شهر بدأت آثار الحمل، فبلغت سعادتي ذروتها، فقد تحقق حلمي بأن أصبح أمًّا.. اتصلت بزوجي أخبره بأنني حامل، فلم يبد رفضًا ولا قبولاً، ولم يزد على قوله: «إرادة الله!»، ولم أتصل به مرة أخرى.
أنا الآن مطلقة يا سيدي.. ودميمة، وسأصبح أمًّا بإذن الله بعد خمسة أشهر، وقد تصاب غيري بالإحباط والتشاؤم، وقد تندب حظها في الحياة، أما أنا فمتفائلة، بل إنني سعيدة.. وإذا ما سألتني عن سر تفاؤلي وسعادتي.. أقول لك إن القناعة هي سر سعادتي.
لقد قرأت عن عمليات تجميل تغير كل شيء، وأريدك أن تدلني على أحسن طبيب تجميل في بلدي، أو في دولة مجاورة، فعندي ما يكفي لإجراء عملية التجميل في وجهي، لعلني استرد الزوج والأب الذي أحبه، وسؤال هام: هل عمليات التجميل حلال أم حرام؟ وأنا أثق بك، وسأنفذ ما تنصح به.
إنني عادة لا أنصح، لكن أبدي رأيي، ورأيي أن تقنعي بما قسمه الله لك، وأنت اعترفت بأنك راضية وقانعة ومتفائلة، لكن إذا ألحت عليك الرغبة بعملية التجميل، فاسألي في أي مستشفى وستجدين طلبك.. أما أحلال هي العملية أم حرام؟ فلست أهلاً للفتوى، وبإمكانك أن تسألي أحد علماء الدين ليفتيك، وأنا سعيد لأنك متفائلة، فالتفاؤل هو فيتامين الحياة، ودليل الثقة بالنفس والإيمان بالله.