أخبرتني منذ البداية، بأن لك تجارب سابقة فاشلة في الزواج لأسباب لا دخل لك بها، ولخصتها في أنَّك لم تجد من تفهمك وتفهمها، ولم تلتقِ بمن تحتويك وتحتويها، وأخبرتُك بكل صدق وأمانة ووضوح، بأني سأضع كل تجاربك، وكل فشلك السابق ضمن دائرة القسمة والنصيب، لذا صممت أذنيَّ، وأسكت عقلي حتى لا أسمع كل ما يقال عنك، وقررت أن أبذل جهدي لأكون خاتمة حياتك.. وتزوجنا، وبدأت المأساة منذ الليلة الأولى من زواجنا، عندما فاجأتني بأن كلاً منَّا سينام في حجرة منفصلة عن الآخر، وظننت أن الإرهاق، والتعب هما ما دفعاك لفعل ذلك، شعرت لحظتها بسكون قاتل في ليلة قاسية باردة، كنت أسمع صوت الرياح، والبرد ينخر عظامي، ورغم كل تعجبي، واستغرابي، وآلامي، مرَّت الليلة الأولى بسلام، ولم أكن أظن أنها مقدمة لسيناريو لما ستصبح عليه باقي الليالي.. وصبرت وتجردت من تفاؤلي، بيني وبين نفسي، لكن صبري امتد لأسابيع، وجدت خلالها أن عالمك لا يزال عالمًا صامتًا بلا مشاعر، أو أحاسيس، أو عواطف.
حاولت التقرب منك، لكن التجهم، والجمود كانا سماتك، ولو التصقت بحائط لأحسست بدفئه، ومشاركته لمشاعري، فأنا على ثقة بأنك كنت تشعر بعذابي، وتُلمِّح لي بصورة غير مباشرة، بأني امرأة عاطفية ملتهبة المشاعر، ولدي رومانسية مفرطة، ومرت أيام وليال أخرى تحملت فيها فوق طاقة احتمالي، ومهما كان عمري، ومهما كان إدراكي للأمور، ومهما تصبَّرت، فقد صعُبت عليَّ نفسي، فأنا لا أريد منك كلمة شكر على طعام أو أي واجب أقوم به تجاهك، كل ما كنت أريده أن تتقرب مني، وتربت على كتفي، فلمسة حنان كانت كافية أن تزيل تعبي، وتؤنس وحدتي، وتسكت حيرتي.
ظلت الحياة بيننا كأمواج البحر تعلو ثم تخمد، بين مدٍّ وجزر، وكل منَّا بعيد عن الآخر! أين المودة، والرحمة، والعشرة، والألفة، والسكن؟ أين كل تلك المعاني الرائعة، والطاهرة، والنبيلة التي كان يجب أن تجمع بيننا؟
وبدأت أحلامي التي كانت تجوس خلال حواسي تتلاشى، وشعرت بأن زواجنا مؤجلة نهايته إلى أجل قريب، بعد أن أدخلت علاقتنا في غرفة الإنعاش، وهي تتخبط، وتلفظ أنفاسها الأخيرة.
فلا يمكن أن نستمر في منزل واحد، وتحت سقف واحد، وكل منَّا في وادٍ، لا بد أن أعرف سبب ابتعادك عني، فقد التمست لك العديد من الأعذار، فقد تكون رواسب فشلك في زيجاتك السابقة باقية في أعماقك، أو أنك لم تجد في شخصي، كزوجة، ما تنسجم، أو تنجذب إليه، ووضعت كل المبررات الممكنة، وغير الممكنة لتصرفاتك الغريبة، وعندما عجزت عن التفسير قررت، وكلي خجل مصحوب بالألم، أن أواجهك، في البداية لم ترد على تساؤلاتي، والتزمت الصمت، وبعد محاولات عديدة أخبرتني بكلام كثيرِ أدماني، وتمنيت لو انشقت الأرض وابتلعتني.
فقلت وأنت تبكي وتعتذر، إنَّك رجل مريض، المفاجأة ألجمت لساني، ربما كانت دموع اعتذار، لكنها بعد فوات الأوان، وحتى الاعتذار يا سيدي لا يكفي، وإن ظللت تبكي العمر كله، ربما كانت دموع ندم، فهي أيضًا لا تكفي، ولن انتظر طويلاً، لأنني اعتبرت عدم مصارحتك لي بهذه الحقيقة منذ البداية خداعًا.
وطلبت منك أن ننفصل بكل هدوء، وكانت كلماتي بمثابة الشرارة التي أشعلت النيران، ووقعت كلمة الطلاق على أذنيك وكأنها جمرة نار سقطت فوق بنزين، فتوهج غضبك، وماذا كنت تنتظر وأنا أحيا معك عالم الأموات، وأمام ضعف موقفك طلقتني، لكن اشترطت عليَّ ألا أخبر أحدًا من أهلي أو أهلك، وأن يبقى الأمر سرًا بيننا، بالله عليك أخبرني كيف، وماذا سأقول عن سبب طلاقنا؟ لا أدري سوى أنني عدت إلى منزل أهلي وأنا أجر أذيال الخيبة، وحرقة في القلب، وحزنًا غائرًا في أعماقي، فكيف تتوقع أن الأسرار ستظل حبيسة، وفي طيِّ الكتمان عندما تحيا خلف بيت من الرمال؟
أنين النفس
ينتج الإشباع الجنسي عن منظومة صحية متكاملة تضم في إطارها كل أبعاد حياتنا اليومية، ومثلما المرض، أو اضطرابات الصحة العامة، يكون الجنس المعطل نتيجة فشل المنظومة الزوجية، عبارة ممكن أن نسمعها، همسًا أو جهرًا، ربما تضج بها الصدور، وتنزعج لمفرداتها القلوب (العطل الجنسي)، وليس على الزوجة أن تستجيب لاحتياجات، ورغبات، ومزاج الزوج فقط.
د. خليل فاضل
همس الأزاهير
كم أتمنى..
أن تشعر بيدي الباردة
وهي تبحث عن دفء يديك
أن ترى عيني الشاردة
التي تبحث عنك بين الوجوه
أن ترى رغبتي بأن أكون في أحضانك
دون خوف أو خجل لأنك لي وحدي
غالية