على الرغم من كل التوقعات العالمية والمحلية التي تنبأت بأنّ العام 2009 سوف يكون الأسوأ من الناحية الاقتصادية على الأقل، من عام 2008 والذي كان يعتبر على المستوى الاقتصادي من أسوأ السنوات التي مرت بالمنطقة وبالعالم بشكل عام، إلا أنّ النتائج حتى الآن وبعد مرور الثلاثة أرباع الأولى من العام تؤكد أنّ الأوضاع فعلاً سيئة ولكنها ليست سيئة جداً, أو بالشكل الخطير الذي كان متوقعاً لها على الأقل في المنطقة العربية ومنطقة الخليج بالتحديد. وهذا هو فعلاً رأي بعض المستثمرات أو الاختصاصيات الآتي قلن أنهنّ قد أعددن عدتهنّ لمواجهة ظروف أقسى من تلك التي مرت بالمنطقة.
تقول هند بنت عبد الرحمن المستشارة المالية في شركة تسويق «نسائي»:»إنّ الأوضاع لم تكن جيدة ولا نستطيع أن نقارنها بالأعوام التي سبقتها ولا بحال من الأحوال، ولكنها لم تكن سيئة جداً كذلك، فما سمعناه في بداية الأزمة العالمية أنّ الأوضاع الاقتصادية القادمة لن تترك أحداً من شرها ومن آثارها السيئة, وأنّ الجميع سيتأثر, والكثير الكثير من الشركات ومن البنوك ستغلق أبوابها، وبأنّ العاقل من يتوقف عن العمل حتى تمر حدة العاصفة، وطبعاً الكثيرين امتثلوا لهذه المقولة وتوقفوا عن العمل بشكل مؤقت حتى تتضح الصورة بشكل معقول ومقبول، أما الآن فأنا أقول لكم والحمد لله إنّ الأمور لم تكن سيئة جداً كما توقعناها وهذا طبعاً بدون شك بعد فضل الله يعود للإجراءات الاحترازية والمضادة للأزمة التي اتخذتها حكوماتنا في المملكة العربية السعودية وفي المنطقة بشكل عام, والتي قلصت بشكل واضح من حدة الأزمة وتداعياتها، كما أنّ الأنظمة التي كانت تعمل بها الدول من خلال بنوكها وشركاتها والتي تعتبر أكثر تحفظاً وأقل انفتاحاً كان لها دور أيضاً في الحد من الآثار السلبية للأزمة».
إيمان عبد الله العبد الله «باحثة ومحللة مالية» تقول:«الأوضاع الاقتصادية لا تزال حتى يومنا هذا غير مضمونة، وكوننا تجاوزنا الأرباع الثلاثة الأولى بسلام فهذا لا يعني أنّ السنة الكبيسة 2009 قد مرت، إلا أنني أستطيع أن أقول أنه والعلم عند الله، فالأسوأ قد مر، والقادم ربما وبإذن الله سيكون أبسط وأقل تعقيداً, أو أننا سنكون أصحاب خبرة أفضل بالتعامل معه, من المهم أن نعلم بشكل واضح أيضاً أنّ نهاية العام الحالي لا تعني نهاية الأزمة المالية بشكل مباشر، فالمؤشرات تشير إلى أنّ الأزمة ستخف حدتها بشكل ملحوظ في بعض الدول فيما ستظل كما هي وربما أسوأ في دول أخرى تقع في عمق ومركز الأزمة بل وربما تعتبر قوانينها ومؤسساتها هي من لها دور في حدوث الأزمة من الأساس. لكن على الأقل ففي منطقتنا فالمتوقع بإذن الله إن لم تكن أفضل فإنها لن تكون الأسوأ إن شاء الله تعالى.
أما سهاد سعد المديرة التنفيذية بشركة تسويق عقاري فتقول:«لم نحقق أرباحاً ولكننا بحمد الله تجاوزنا خسائرنا أي أننا بالمحصلة لم نخسر شيئاً إن شاء الله»، هذا ما قالته السيدة سهاد والتي اعتبرت أنّ الإنجاز في هذا العام هو عدم تسجيل خسائر وهذا هو فعلاً المربح الحقيقي، كما وأكدت السيدة أنّ الأزمة وعلى مستوى العالم كانت بمثابة المصفاة التي علقت بها الكثير من الشركات ولم تستطع أن تتجاوزها وبالتالي فمن سيبقى بالنهاية هو من استطاع الصمود وسيستطيع ذلك في المستقبل أيضاً بإذن الله تعالى في حال تكرار الأزمة أو حدوث أزمات جديدة، لم تكون الأمور مجرد مصادفة بل وضعنا خطة لمواجهة الظروف وكثفنا من الجهود وضاعفناها لكي نستطيع أن ننجو بسفينتنا إلى بر الأمان, وطبعاً وحتى هذه اللحظة لم نصل إلى بر الأمان فعلاً ولكننا اقتربنا وبشكل كبير وأوشكنا أن نصل فعلاً, فالواضح أنّ حدة الأزمة ومركز العاصفة قد مرا وما ظل الآن هو التوابع فقط. وربما لا تكون الأمور كما يتوقع حتى نهاية العام بل من المتوقع أن تمتد لفترات بعدها حسب المنطقة ومدى علاقتها بالأزمة.
منال أبو يوسف والتي تعمل كمحللة فنية بالسوق السعودي قالت:«شهد العامان 2008 و2009 الكثير من الكوارث الاقتصادية، وحلت الخسائر بالعديد من الشركات والمؤسسات والبنوك وحتى الأفراد، وفي منطقتنا أيضاً بدأت الأمور تسوء في البداية وتحديداً عند بداية التراجع في أسواق الأسهم, والتي سببت الكثير من الخسائر للمتداولين والمستثمرين بالسوق كما وتسببت بنقص شديد وواضح بالسيولة الموجودة بالأسواق وعلى مستوى العالم، ولكن وبحمد الله وبعد الإجراءات التي قامت بها حكومات المنطقة والتي حاولت من خلالها تعويض النقص بالسيولة بالأسواق من خلال الكثير من المشاريع الضخمة التي تم طرحها في هذه الفترة، هذا بالإضافة إلى الاستقرار الذي حدث بعد ذلك بأسواق المال والذي شجع الكثيرين على العودة للسوق وتعويض ولو جزء من الخسائر, ونحن نقول استقرار السوق ولا نقول ارتفاع السوق، وأخيراً فإنّ عودة أسعار النفط للارتفاع والاستقرار لها دور أيضاً في تقليص حجم الخسائر بحمد الله وفضله».