لم أصدق نفسي عندما أخبرني أنه قادم على جواده الأبيض ليطلب يدي للزواج، بعد قصه حب رائعة عشناها على مدى عام، فأخيرًا ستتكلل قصة حبنا بنهاية سعيدة، فلكم أحببته لأسلوبه المميز حتى استحوذ على كياني بشخصيته، شدني بشهامته، وامتلك قلبي لصفاء روحه وشفافيته وخوفه على أحاسيسي،وبمحافظته على إبقاء علاقتنا طاهرة، حتى ينتهي من إعداد نفسه للزواج، لكن سرعان ما تبدد الحلم لرفض أهلي له، لأنهم سألوا عنه القريب والبعيد في محيط عائلته ومنطقته، وحتى دائرة عمله، ووجدوا أنه إنسان غير جدير بالزواج، فهو مراوغ واستغلالي سبب العديد من المشاكل لمن حوله، كما أنه من طبقة اقتصادية أقل من مستوانا، وهناك شكوك في طمعه بما يملكه أبي، ورغم خوفي وتوجسي من ردة فعلهم، إلا أني واجهتهم بحقيقة ارتباطي معه بقصة حب، ولن أتزوج غيره، وأمام إصراري وعنادي، انهارت كل محاولاتهم في إقناعي، وفي النهاية لم يجدوا مفرًا إلا الموافقة، لكنهم حذّروني منه، وأنهم لن يتدخلوا أو يستمعوا لي لو جئتهم أستغيث.
واتخذت قراري بنفسي وراهنت على صدق مشاعري ومشاعره، وتحملت المسؤولية بمفردي، ورفضت الانصياع لكلام كل من حولي، وهو لا يزال يعدني بالسعادة والاستقرار، وتعويضي عن التعسف والإجحاف الذي واجهني من أهلي، وخفف عليَّ وطمأنني بأنها زوبعة، فأهلي لن يتخلوا عني، وتزوجنا، وجمعنا بيت واحد، كنت أصور نفسي الأميرة المتوجة على عرش قلبه وحياته، وهو الملك الذي سيغمرني بالسعادة التي طالما حلمت بها معه، ومر شهر العسل، وكأني أحيا في عالم من الخيال جعلني أعيش فوق أعلى قمم السحاب، وبعدها انقلب حاله تمامًا عندما ألحَّ عليَّ أن أطلب من أهلي مساعدة مالية، ليبدأ بها مشروعًا تجاريًا، وعندما رفضت، بدأ يتغير في معاملته لي، فهو لم يعد ذلك الحبيب الطيب، أصبح شخصًا فاتر المشاعر يعاملني بجفاء، حاولت أن أفهم سر هذا التحول المفاجئ، فأخبرني بأن واقع الحياة هكذا، فالزواج شيء والحب شيء آخر، وخلال أشهر انقلب فارس أحلامي، الذي ضحيت من أجله بأهلي، إلى جلاد يسيء معاملتي ويبخل عليَّ بمشاعره، إنني لا أصدق بأنه أتقن دور الفارس الشهم طوال عام، حتى يصل لتحقيق هدفه، قلت لنفسي بالتأكيد حبي سيغيره، وذكرته بأيام الحب الذي كان، فعنفني بقسوة، ومع ذلك احتملت وتحاملت على نفسي، وحاولت أن أتأقلم مع واقعي الأليم، إيمانا مني بأن الغد سيكون أفضل، ولا يمكن للحب أن يتحول إلى كُره، لكن يومًا بعد يوم، أصبحت تصرفاته كحبل المشنقة، يلتف حول عنقي ببطء، حتى تطور الأمر إلى القيام بضربي، وكأنه كان يستمد رجولته من خلال إذلالي وقمعي، حتى أصبح في نظري أي شيء ما عدا أن يكون رجلاً، فاسودت الدنيا في عينيَّ، وضاقت بي الأرض بما رحبت، نتيجة وقوعي فريسة لرجل مخادع مزدوج الشخصية، رجل وعدني أن يضعني في سويداء قلبه، وأوهمني بالسعادة الموعودة، فوصلت إلى مرحلة كرهت فيها حياتي معه، حياتي التي أصبحت بلا طعم، فهل كان يمثل عليَّ الحب، أم كنت أنا أعيش في أوهام الحب؟ وهل من المعقول بعد أن أحببته وتحملت وضحيت من أجله بكل شيء، أن يقابل كل ذلك الحب والاحترام بجحود ونكران؟ واكتشفت بعد فوات الأوان أني امرأة تمكن الحب مني، ولم أعد أرى شيئًا في الكون، سوى كل ما هو إيجابي فيمن أحببته، فقد كان كل العالم في كفة، وهو في الكفة الأخرى، وكل من كان يحاول أن يبصرني بوضعه، لا أراه، واعتبرته كارها لي، ولا يحب أن يراني سعيدة مع الإنسان الوحيد الذي أحببته، ماذا أقول؟ يا ليتني سمعت كلام أسرتي، لكن يا ليت لن تعيد الزمان، إنها غلطتي من البداية وإلى النهاية، لم أستمع لرأي أهلي وضربت بنصائحهم عرض الحائط وتشبثت برأيي وصممت على الزواج، وتحديت الجميع على رهان خاسر، لأني كنت أعيش السعادة التي أعمتني عن حقيقته، وعن كل عيوبه الظاهرة قبل الخفية، وقررت أن أستجمع قواي من جديد، وألملم أذيال خيبتي وشتات نفسي ويأسي، وأرحل من بيتي الذي سبق ودخلته بكامل إرادتي، بنفس يملؤها الأمل والتفاؤل، ومن دون أن أعلم بأني سأخرج من سجني يائسة محطمة فاقدة للثقة.