تبدو لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و9 سنوات أنواع عدّة ومختلفة من الذكاء، وليس نوعاً واحداً كما هو متعارف عليه، وذلك بنسب ومعدّلات متفاوتة. ويساعد اكتشاف نوع الذكاء على التعرّف إلى القدرات الشخصية والفروق الفردية للأطفال بشكل صحيح، ويمكّن من تنمية الذكاء المكتشف ورعاية القدرات في الاتجاه السليم لها. «سيدتي» اطلعت من مشرفة النشاط المنهجي واللامنهجي مزنة الثقفي، على أنواع الذكاء المتعدّد وعلاماتها وطرق رعايتها وتنميتها لدى الطفل:
الذكاء اللغوي
يمكن الاستدلال على الذكاء اللغوي لدى الطفل من خلال العلامات التالية: إتقانه لمفردات اللغة الأصلية أو غيرها من اللغات بكفاءة والتعبير عنها شفهياً وتحريرياً بشكل سليم، وذلك في أثناء قيامه بعرض أفكاره أو التعبير عن مشاعره أو طرحه لمعلومات وبيانات حول موضوع معيّن، وقدرته على توظيف الأدلة المقنعة والبراهين اللازمة باستخدام لغة واضحة ودقيقة مطبّقاً فيها قواعد النحو الصحيحة، فضلاً عن موهبته في كتابة القصص القصيرة وحفظ الشعر والخطب والاستمتاع بقراءة الألغاز والروايات.
ويجدر بالأم إتباع الخطوات التالية لتنمية ذكاء طفلها اللغوي بشكل سليم، أبرزها:
تنمية حب الطفل للاستطلاع والقراءة من خلال تأمين الكتب والقصص المناسبة له، وتشجيعه باستمرار على قراءتها وتلخيصها بأسلوبه التعبيري.
توفير الأنشطة اللغوية باستخدام الكومبيوتر أو عبر إجراء المسابقات الكتابية بين الطفل وأفراد أسرته كحلّ الألغاز أو الكلمات المتقاطعة أو كلمة السر، ومكافأته معنوياً.
إصطحاب الطفل في رحلات خارجية أو زيارات عائلية لتعزيز التواصل الاجتماعي مع المحيطين به، باستخدام لغة صحيحة ولائقة اجتماعياً، مع إتاحة الفرصة له لطرح أسئلته وعرض أفكاره وإبداعاته اللغوية أمام الآخرين، وذلك لاكتساب مزيد من الثقة والحماس.
الحرص على توفير مسجّل صوتي لتسجيل أداء الطفل في أثناء قيامه بقراءة قصّة أو إلقاء قصيدة أو التعليق على موضوع، مع عدم مقاطعته أو السخرية منه أمام الآخرين.
الذكاء الحركي
يشمل الذكاء الحركي أو ما يطلق عليه «التعلّم بالعمل أو الممارسة» عنصري الحركة واستعمال الجسم للقيام بالأعمال والتعبير عن المشاعر وطرح الحلول المناسبة للمشكلات. ومن بين العلامات الدالّة على الذكاء الحركي لدى الطفل: تفوّقه في الأنشطة البدنية المدرسية، المشي أثناء التفكير، الميل إلى اختبار الأشياء وتجريبها بدلاً من رؤيتها أو الاستماع إليها، تقليد الحركات وتعابير وجوه الآخرين ببراعة، مع المهارة في استعمال يديه وعضلاته لدى قيامه بالأعمال اليدوية كاستخدام الآلات أو الحياكة، فضلاً عن الاستمتاع بألعاب الفك والتركيب باستعمال المكعبات وألعاب البناء.
ويوصي علماء النفس بتنمية الذكاء الحركي لدى الأطفال عبر طرق عدّة، أبرزها:
مشاركة الطفل في المشاريع الجماعية التي تتطلب أداءً بدنياً مميّزاً، كالرحلات وفرقة الكشافة وإتاحة الفرصة لتعلّم عدد من المهارات كقطع الخشب أو البناء بالطين أو الزراعة.
تنمية الخبرات التي تتطلّب استخدام حاسة اللمس عبر الألعاب الحسية والأنشطة الحركية (المكعبات، «الليغو، الصلصال، الأعمال الفنيّة).
تعزيز الجانب البدني للطفل عبر دفعه إلى إتباع برنامج رياضي منتظم.
الذكاء الحسابي
يعرّف الذكاء الرياضي بـ “قدرة الطفل على الربط بين العلاقات الرياضية واستخلاص النتائج المنطقية بسهولة ويسر تفوق قدرات أقرانه”، ويمكن الاستدلال على هذا النوع من الذكاء عبر استجابة الطفل السريعة لحلّ الألغاز الصعبة وإعطاء النتائج المحتملة بدقة، بالإضافة إلى مهارته في ترتيب الأشياء وتصنيفها واكتشاف العلاقات بينها بوضوح.
ويجدر بالأم الاهتمام بتنمية الذكاء الرياضي لدى طفلها عبر تطبيق عدد من الأنشطة العقلية، أبرزها:
تنمية قدرة الطفل على التعامل مع الأعداد من خلال تدريبه على البرامج الذهنية كـ «يو سي ماس» UCMAS والذي يمكّنه من إجراء أكثر من عملية حسابية في وقت واحد بمهارة فائقة.
مشاركة الطفل في إعداد ميزانيّة المنزل والاستدلال على الحلول المناسبة من خلال البدائل المطروحة، مع إتاحة الفرصة له لتدوين ملاحظاته ومناقشتها من خلال الأرقام المحدّدة.
توفير الأنشطة التي تعزّز الذكاء الرياضي لدى الطفل في سنّ مبكرة، كالعدّاد الحسابي والمكعبات الملوّنة والأشكال المنوّعة والصور المختلفة، ومطالبته بمحاولة استخلاص العلاقة المنطقية بينها واستنباط مفاهيم واضحة بالأرقام فقط، بدون استخدام الكلمات.
الذكاء الاجتماعي
يتلخّص بقدرة الطفل على التكيّف مع بيئته الاجتماعية المحيطة به بكفاءة والتواصل مع الآخرين بفاعلية والتعامل مع المستجدات من أوضاع اجتماعية بطريقة ايجابية وفعّالة، فالذكاء الاجتماعي يجعل الطفل مميّزاً ويحسن التصرف مع غيره وأكثر تعاوناً وتفاعلاً مع محيطه، بل أكثر فهماً لمجريات الأمور، مما يؤدي إلى نجاحه في تحقيق أهدافه ورغباته. ومن بين العلامات الدّالة على الذكاء الاجتماعي لدى الطفل في تلك المرحلة العمرية: القدرة على تكوين صداقات سريعة والحفاظ عليها مع مراعاته لمشاعر الآخرين وتقلّب حالاتهم المزاجية، مع الميل إلى إنجاز الأنشطة ضمن جماعة واختيار الألعاب التي تتطلب مشاركة الغير.
ويوصي علماء النفس بإتباع هذه النصائح لتعزيز الذكاء الاجتماعي لدى الطفل:
السماح للطفل بمراجعة دروسه في وجود صديق ينتمي إلى نفس مرحلته العمرية، ما يعمل على زيادة استيعابه للدروس وتقوية محصلته المعرفية والدراسية.
منح الطفل دور القيادة من خلال القيام بمهام التخطيط والقيادة ومشاركة الآخرين مجموعة من الأنشطة الجماعية التطوعية وإمداده بالروابط والحدود التي تؤهّله لأن يصبح عضواً فعّالاً في المجتمع.
تدريب الطفل على عقد الصداقات والحفاظ عليها، من خلال اصطحابه إلى الزيارات والحفلات، والاهتمام بتعزيز مهارة التعبير عن مشاعره بشكل صحيح بهدف كسب التواصل الجيد مع الآخرين بما يسهل عملية التعلّم.
نصائح تساعدك على اكتشاف ذكاء طفلك
إهتمّي بتنمية الأوجه الأخرى من الذكاء لدى طفلك، حتى لو كانت غير ظاهرة لديه، كالذكاء الموسيقي والوجداني والفنّي.
إحرصي على التحدّث مع طفلك الذي يظهر علامات الذكاء اللغوي باللغة الفصحى لتضمني حسن التواصل معه، مع تكليفه بإعداد قاموس خاص يجمع فيه المفردات المكتسبة وتوضيحها بصور تعبيرية.
قومي بتفعيل جميع حواس طفلك بما يسهّل عليك اكتشاف نوع ذكائه، علماً أن وجود ذكاء في مكان بارز لدى طفلك لا يعني إغفال أنواع الذكاء الأخرى المتوافرة بنسبة أقلّ.
شاركي طفلك ممارسة نوع الرياضة المفضّلة لديه وأنشطته الاجتماعية، ممّا يسهل عليك اكتشاف ذاته وفهم قدراته الفردية بشكل جيّد.
كافئي طفلك من وقت إلى آخر على إنجازاته، سواء كانت لغويّة أو رياضيّة أو اجتماعيّة أو بدنيّة، فالمكافأة هي أفضل طريقة لتعزيز عمليّة التعلم بفاعلية، ويجب أن تكون معنوية أكثر منها مادية.