حب إلكتروني!

 

من الأمور المضحكة المبكية في نفس الوقت، أن يكون أحد أسباب الطلاق، خلال العامين الماضيين، انشغال الزوج بالجلوس أمام الإنترنت، فضلاً عن تعدد حالات الخيانه الزوجية من خلال هذا الجهاز، وهناك العديد والعديد من القصص التي تشهد على ذلك، حدِّث ولا حرج، لكن لماذا الحرج؟ فسأسرد باختصار بعضًا من هذه الحالات، فهذه زوجة طلبت الطلاق من زوجها بعد ثماني سنوات، هو عمر زواجهما، للضرر منه، لأنه يخونها من خلال الكمبيوتر، تقول إنه يجلس أمام شاشته منذ عودته من العمل وحتى ساعات متأخرة من الليل يوميًا دون ملل، وتعرّف على فتاة سرقت قلبه، وعقله، ولم يعد يعرف أي أمر من أمور المنزل حتى طعامه يتناوله مع حبه الجديد أمام الجهاز، فأثرت فيه تأثيرًا كاملاً لدرجة أفقدتني القدرة على السيطرة على الوضع، وكانت تحدث بيننا خلافات، ومشاكل كثيرة، ومستمرة، وكلما انفصلنا بسبب ذلك يعود، ويهدأ الوضع بعد تدخل الأهل، ووعده بالابتعاد، والتخفيف من استخدام النت، لكن تطير وعوده أدراج الرياح بمجرد مرور يوم، أو يومين على الأكثر.. وتطور الأمر عندما بدأ يخفف من استخدامه، لأنه أخذ رقم هاتف محبوبته الإلكترونية، وبدأ ينزوي في أحد أركان المنزل ليتحدث معها بالساعات، ولم أجد في النهاية سوى الطلاق كحل وحيد بعد أن أصبحتُ مجرد قطعة أثاث في المنزل.

وهناك من تقول إن كثرة جلوس زوجي أمام النت دمرت حياتي نظرًا لدخوله مواقع أقل ما أقول عنها إنها غير أخلاقية، وتبعًا لذلك تغيرت سلوكياته معي، وتكونت لديه عادات غريبة، وأصبحت له متطلبات، ورغبات مُنفِّرة.

وأخرى تقول لم يعد في حياة زوجي أهم من جهاز الكمبيوتر رغم أن حياتنا في السابق كانت ناجحة، ورائعة بكل المقاييس، لكن بدأ الحب يفتر من جهته، ووجه كل اهتماماته لهذا الجهاز الذي دمر المشاعر بيننا، وأصبح الصمت هو شعار حياتنا، فهو يجلس معه أكثر مما يجلس معي أنا وابنته، فذابت كل مقومات التواصل بيننا، وتلاشت كل المشاعر والأحاسيس، وتعطلت لغة الكلام، وأصبحنا نعيش كغريبين بعد أن انفصلنا روحيًا، ومعنويًا، ونحيا ما يسمونه بالطلاق الصامت.

 

أنين التطور

للأسف الإنترنت أصابت الأسر بما يسمى بالخرس الأسري، أو الطلاق الصامت، وأنا أسمي هذا بالخيانة الإلكترونية، فسببها خلل في شخصية الشخص نفسه، فربما يكون لديه شعور أن علاقته مع زوجته ليست مشبعة لرغباته، أو يريد من يتحدث معه، أو يشعر أن هناك فجوة في التفكير بينه وبين زوجته، هنا يبحث عن مكان آخر حتى يجد ضالته، ويكون في الإنترنت، وعلى المرأة الذكية احتواء زوجها عندما تشعر بأي خطر يداهم حياتها للحفاظ على العلاقة الجميلة.

د.إنشاد عزالدين