عقدة هنا.. وهناك!!


في كل مرة نسافر فيها، ننشطر إلى نصفين، يعيش كل واحد منا في شخصية.. واحد هنا.. وآخر هناك.. نصفه الأول في بلده.. ونصفه الآخر في البلد الجديد.. نصفه عربي، ونصفه الآخر فرانكو آراب.. نصفه محافظ، والنصف الآخر منفتح.

فهو يعيش ازدواجا في الشخصية، وحالة من الشيزوفرينيا في كل تفاصيل حياته الصغيرة والكبيرة، فهو يصبح شخصا يحترم القانون، ويقف عند كل إشارة «ممنوع المرور».. لدرجة تجعله يقف احتراما لبطة أو إوزة أو حتى بقرة، حتى لا تنتهي من سيرها، وتفتح إشارة مسموح المرور للمشاة.. «هذا النظام معمول به في الدول الأوروبية.. فهناك إشارات تسمح بمرور الحيوانات مثل الإوز والبط والغزلان والبقر والحمير.. لدرجة أنك لا تستغرب عندما ترى لوحة مكتوبا عليها للحمير فقط!».

فهو أو هي تصبح بقدرة قادر تحترم الحمير.. في الوقت الذي يكون في بلده أو تكون في بلدها لا تحترم حتى البشر المحترمين.. لكنها حالة انفصام الشخصية التي تجعلك تقول في نفسك «ليس على المريض حرج!».

هناك يصبح بشوشا.. يبتسم في كلّ وجه يقابله.. ويلقي إليه تحيتي الصباح والمساء.. وهناك يصبح التهجم إحدى هواياته الصباحية.. وهوايته المسائية المفضلة.

هناك يصبح ويمسي شخصا يحترم الذوق العام.. فهو يحترم متجرا راقيا يمنع الدخول إن لم تكن الملابس محتشمة.. فتراه في كامل أناقته لكي يدخل متجرا، بينما هنا يدخل الجمعية بملابس النوم، واحترام الذوق العام لا يعرف طريقه إليه.

هناك يُعامل الناس لأشخاصهم.. فلا ينظر إلى أشكالهم وألوانهم وجنسياتهم.. هنا يعامل الناس على حسب أجناسهم وجنسياتهم!

هناك يصبحون «مثقفين».. يشترون الكتب ويقرؤونها بالقطارات ومحطة الانتظار.. ليس لأن القراءة إحدى هواياتهم التي لا يستطيعون التخلص منها، ولكنهم يفعلون كما يفعل أهل البلد هناك.. وهم يريدون أن يكونوا من أهل البلد أو مثل أهل البلد هناك، وأهل البلد هنا لا يفتحون الكتب.

النساء هناك «لا يساومن» البائع.. بل على العكس كل واحدة تدفع فوق السعر المعلن «بقشيشا»، وهي تبتسم للبائع، وتسأله إن كان يريد شيئا إضافيا.. أما هنا «فتساومه» على سعر ما بعد التخفيض، وتخرج من المحل وهي «تتحلطم» لأن البائع المسكين هنا ليس لديه عيون زرقاء وأكياس خضراء تحمل أسماء ماركات مشهورة!

الناس هناك «ودودون» أكثر من اللازم، و«إنسانيون» فوق العادة.. فهم يبتسمون لك في محطات القطار والأسواق والشوارع.. ويحاولون أن يقدموا لك المساعدة، حتى دون أن تطلبها.. أما هنا فإنهم يبخلون حتى بابتساماتهم ومساعداتهم.. فإذا نظرت إليهم نظروا بالاتجاه الآخر،

إنها أكثر من كونها مسألة شخصية.. إنها عقدة هنا.. وهناك!

 

شعلانيات

< لا داعي لأن تأكل لحمك.. أو تعضّ أصابعك.. اترك هذا لأعدائك حينا ولأصدقائك حينا آخر!!

< كلما «تثقف» الرجل أكثر كان أكثر ميلا للزواج من امرأة غير مثقفة.. وكلما سافر الرجل أكثر كان أكثر ميلا للزواج من امرأة لم تسافر!!