عذاب الشك

عذاب الشك


سيدتي أنا أنعام، وعندي مشكلة أتمنى أن تقترحي لها حلاً، أنا متزوجة، وعندي طفلة واحدة، وأنا وزوجي متحابان، ولكن مؤخرًا اكتشفت أنه يقضي أوقاتًا طويلة على الكمبيوتر في غرف الدردشة لكي يتواصل مع نساء، وهذا الأمر سبب لي الكثير من الكدر والغيرة، وحين واجهته قال: إنها تسلية، لا أكثر، ولكنني لم أصدق، ورغم الحب الذي يجمعنا، زوجي ليس رومانسيًا، ولا أسمع منه كلمة حلوة إلا فيما ندر، وإن طلبت منه كلمة حلوة، وفي العلاقة الخاصة يطلبني بلا مقدمات، وهذا يجعلني أكره الفعل، ويسبب لي حالة عصبية تستمر معي طوال اليوم، ولكن الخجل يمنعني من الشكوى، ما هو الحل برأيك؟ وماذا يمكنني أن أفعل؟ الشك يعذبني، وأؤكد لك أن مسألة الكمبيوتر تأتي عندي في المرتبة الأولى أكثر من المشكلة الأخرى.

 

الحائرة أنعام

 

 

 

عزيزتي في كل المواقف الصعبة لابد من تحكيم العقل، العقل يشير إلى أن الرجل الذي يقضي وقته في البحث عن تسلية على الكمبيوتر رجل يعاني من فراغ، ما يفعله زوجك، وآلاف غيره هو نوع من الحماقة التي توحي بأنها مسلية، ولكنها في الواقع موافقة ضمنية بين طرفين لقطع الوقت واختلاس لحظات مثيرة بالمجان، ولكنها لا تعني أن المتزوج مستغن عن زوجته وأولاده، أو أنه لا يشعر بالحب نحو الزوجة، الغيرة إذن لا مكان لها، لأن الفعل الذي يقدم عليه زوجك هو فعل يمارسه الصغار أثناء اللعب، فنجد الولد يتصور أن له صديقًا خياليًا يتبادل معه الأحاديث أثناء اللعب.

الجزء الآخر من المشكلة مرتبط بالأول، هناك احتمالات منها أن زوجك يشعر بالذنب، والإحساس بالذنب يجعله يبتعد عنك، وهناك احتمال أنه مثل بعض الرجال، إذا حملت الزوجة وولدت تفقد صورتها عنده عنصر الحبيبة التي يشتاق لها؛ لأن الأمومة في ثقافتنا لها قدسية تصيب بعض الرجال بتضارب فكري يؤثر على العلاقة الخاصة بين الزوجين، وهنا يجب أن توظف الزوجة ذكاءها الفطري، تذكري أنك مازلت أنت الفتاة التي أحبها، وأحبته، وعاشا معًا أيامًا سعيدة، وعلاقة زوجية لا تشوبها شائبة إلى أن جاءت الطفلة، أقترح عليك أن تنتهزي فرصة مناسبة خاصة، وأن تطلبي من والدتك رعاية الطفلة لليلة، ويوم، وفي ذلك اليوم جددي علاقتك مع زوجك بالخروج معه مثلاً، أو إعداد طعامه المفضل، وتذكيره ببعض الذكريات المشتركة، وإن لم يكن من النوع الرومانسي -كما ذكرت- فلا مانع من أن تكوني البادئة بالرومانسية، فمن غير المعقول أن أجامل إنسانا بكلمة حلوة، ولا يرد المجاملة بمثلها، العلاقة العاطفية علاقة من طرفين، وكلاهما يتأثر بالآخر، ما اقترحته عليك لا يعني أن الزوج لا يحب ابنته، أو أنه يتذمر من وجودها، وإنما وجودكما معًا -كما كنتما في الماضي- سوف يشحن بطاريات العواطف الدافئة، ويجدد العلاقة، جربي لأن المحاولة قدر من النجاح، حين يقع خلاف بين طرفين لا ينتهي الخلاف لأن أحد الطرفين يشكو للآخر من القصور، الشكوى تضع الطرف الآخر في موضع الدفاع عن النفس، الإيحاء أفضل، أرجو أن تفهمي مقصدي، أتمنى لك أن تعود المياه إلى مجاريها.

 

 

زوجة أخي هي السبب

سيدتي مشكلتي تتعلق بأخي الذي يكبرني بثلاث سنوات، كنا في الطفولة لا نفترق، وكان رفيقًا وصديقًا، ثم كبرنا، وتزوج هو، وتزوجت أنا، ثم تحولت علاقتي به من الود الخالص للعداء الذي لا أفهمه، زوجة أخي دمرت علاقته بي، وعلاقته بكل الأسرة أيضا، علمًا بأنه في بداية زواجه بها كان يشكو من سوء طبعها، وكأنه يتجرع سمًا بطيئًا، ولكنه كان يصبر من أجل أولاده. وشاءت الظروف أن يتغير كما ذكرت لك، في فترة من فترات الحمل تعرضت لمضاعفات صحية كثيرة استلزمت بقائي في المستشفى لفترة طويلة، ولا أبالغ حين أقول إنني شارفت على الموت، ولكن الله منَّ عليَّ بالشقاء، ووضعت حملي بسلام، خلال تلك الفترة لم يزرني أخي، ولم يهاتفني للاطمئنان، مما سبب لي ألمًا شديدًا، فأنا شديدة التعلق بأولاده، والقطيعة تحرمني منهم. أنا ملتزمة دينيًا، وأخاف ربي، ولذلك يتملكني صراع شديد؛ لأني أعترف بالحقد على زوجة أخي لما سببته، وفكرت كثيرًا في مواجهته ومواجهتها، وحاولت بالفعل، ولكن بلا نتيجة، لا أستطيع ابتلاع مرارة القطيعة إلى ما لا نهاية، فماذا يمكنني أن أفعل؟

الأخت الحائرة

 

عزيزتي لقد سمعت المشكلة من وجهة نظرك فقط، وإن لم تكن زوجة أخيك شيطانة كما صورتها فلابد أن تكون هناك أسباب وراء استيائها منك، ومن أهل الزوج.

أنا لا أوجه إليك اتهامًا، ولكنني أنبهك إلى جانب من ثقافتنا الاجتماعية التي تعتبر زوجة الابن مهما كانت خصالها إنسانة تستحوذ على ما لا حق لها فيه وهو الابن الأثير، الإحساس الضمني هو أن الابن يظل ملكًا لأهله، وأن الزوجة التي تحاول أن تستأثر بحبه وماله واهتمامه معتدية، وتستحق أن تتكاتف الأسرة لكي تبطل سحرها، وهذا ظلم؛ لأن الأسرة كالبنيان إذا تداعى جانب منه تداعت الجوانب الأخرى، زوجة الابن تخدمه، وتعفه عن الحرام، وتنجب له البنين والبنات، ومثلها كمثل كل البنات قبل الزواج؛ لأنها تحلم ببيت تكون سيدته، وزوج يكن لها الود فوق كل اعتبار، وفي بعض الأحيان تبدر من أم الزوج أو أخته -بدون أن تشعر- لفتات، أو عبارات تعبر عن ضيق كامن، وهذا يشعل فتيل الأزمات.

يا عزيزتي هذا التحول الكامل في سلوك شقيقك لا يمكن أن يأتي من فراغ، أنا لا أتهمك ولكنني أناشدك ما دمت تخافين ربك أن تراجعي تاريخك مع زوجة أخيك، وإن تأكدت أنها وحدها هي المذنبة فيمكن نزع فتيل الأزمة بتجاهل عدائها، ورد الإساءة بالإحسان، لن يغلق أخوك باب بيته في وجهك لو تنازلت وقمت بزيارته في بيته، وحملت هدايا صغيرة لأولاده، وقلت له، ولزوجته أنك اشتقت لصحبتهم فجئت، حتى لو استقبلتك ببرود، ابتعدي تمامًا عن كل ما يفتح بابًا للعتاب والشقاق، مثل هذا الفعل يكبرك في عين أخيك، ويثيبك عند الله، ويبطل حقد الزوجة إن كانت حاقدة، وحتى لو لم يرد الزيارة بزيارة، هاتفي زوجته للسؤال فقط، وجامليها في المناسبات، واحذري من فلتات اللسان، نصيحتي هذه لم تبن على افتراض أنك المسؤولة عن القطيعة، وإنما بنيت على أساس احترام صلة الرحم بكل السبل المتاحة حتى على حساب الكبرياء.

 

الديكتاتور

سيدتي أعجبت بشاب، وكتمت شعوري إلى أن اكتشفت أنه يبادلني إعجابًا بإعجاب، وأرسل لي رسالة طلب فيها أن يعرف مشاعري نحوه، وطلب ردًا برسالة هاتفية، ولكنني لم أرد، فجاء إليَّ ليسألني عن رأيي فقلت له إنني لا أخون ثقة أهلي، وأنني لن أتواصل معه بدون علمهم؟ كنت أراه بشكل يومي، لأننا ندرس في نفس المكان، وفيما بعد تدخلت إحدى قريباتي، وأخذت رقمه، وكلمته، وأصبحا صديقين، وبمرور الأيام تعلقت به، وأصبحنا نتكلم، وكانت تنشأ بيننا بعض المشاكل الصغيرة، وخصوصا ما يتعلق بقريبتي التي كانت توقع بيننا، ولكننا لم نسمح لها بهدم العلاقة، عشنا أجمل أيام الحياة، وطلب أن يكلم أمي التي طلبت منه أن يفكر جيدًا قبل الالتزام حتى لا يندم، ولكنه أكد لها أنه اختارني لأنه يحبني، ويخاف عليَّ.

أحببته أكثر من كل شيء وكل إنسان، فجأة تحطم كل شيء حين طلب مني صورة، وطلب أن نخرج معًا، وكلا الطلبين لا يتناسب مع عاداتنا الاجتماعية، علما بأنه لا ينتمي إلى نفس المجتمع الذي أنتمي إليه، كنت مستعدة لتحدي العالم من أجله، ولكن حين حاولت أن أفهمه أنني لا أستطيع إعطاءه صوري، ولا أستطيع الخروج معه بدون أن يكون بيننا عقد شرعي غضب وقال: إن كل شيء انتهى بيننا، اسودت الدنيا في عيني، وحاولت أن أحل الأمر، ولكنه أغلق كل الأبواب دوني، ومر شهران ثم طلبت أن ألقاه لكي أرد إليه الهدايا، والحقيقة هي أنني كنت أبحث عن جواب مقنع لهذا التناقض في سلوكه، وحين التقيته، وحاولت أن اسأله غضب وقال: إنه لو أدرك أنني أنوي الكلام في الموضوع لما وافق على لقائي، لم أصدق ما سمعت من الرجل الذي أحببته، وخططت معه لمستقبل مشترك، لقد حطمني، ودمر كل شيء جميل عندي. فقدت ثقتي بالعالم فهل من نصيحة تنير لي الطريق؟

 

أسيرة الحب

 

 

 

عزيزتي كل ما أستطيع نصحك به يعتمد على توضيح بعض الأمور، من الواضح أن هذا الإنسان يتعامل مع الآخرين بديكتاتورية مطلقة، وأنانية خالصة، لقد طلب منك الخروج معه خرقًا للتقاليد التي نشأت عليها، وهو يعلم أن الخروج على التقاليد يسبب لك ولأسرتك ولسمعتك أضرارًا كثيرة، وحين رفض حبك له بهذا الأسلوب المهين أثبت أنه يفتقر إلى الشهامة والإنسانية.

هذا النوع من الرجال يجد في إخضاع الأنثى لإرادته إثارة كما الصياد الماهر الذي يصيب هدفًا فتسقط الفريسة، لقد ذكرت في رسالتك كم انتظر وصبر إلى أن ذوب مقاومتك، واعترفت له بالحب.

مثله يعتبر أي رفض إهانة، ويحاول، ويستميت في المحاولة إلى أن يتمكن ثم يملي الشروط الملائمة لغرضه.

حين رفضت الخروج معه، ومنحه صورك، أفسدت متعته، وآثر أن يختصر الطريق، ويبحث عن صيد آخر.

تأكدي أن الألم هو أفضل معلم، وأن هذه التجربة المؤلمة علمتك الكثير عن نفسك، وعن العلاقة مع الجنس الآخر، أنت الآن أقدر على حماية نفسك في المستقبل.

مثل هذا الرجل لا يستحق دموعك، ما أنصحك به حاليًا هو أن تحتفظي بأسرارك لنفسك، ورغم أن العلاقة بين الجنسين في المجتمع العربي تشوبها التناقضات، فإن العلاقة السوية هي التي تبدأ بداية صحيحة، الشاب يعتبر الفتاة حصنًا؛ لأنه لو تزوج يريد أن يشعر بالأمان، انتظري أن يأتيك من يريدك في النور، وانتظري من يأتي من الباب، وليس من وراء ستار، أو عبر الرسائل السرية.