أكدت دراسة أميركية صادرة حديثاً عن «منظمة الغذاء والدواء الأمريكية» أن تناول الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون قد تؤدي إلى ارتفاع نسبة «الكوليسترول» في الدم، وأن 75% من عدد الوفيات بالولايات المتحدة الأميركية سنوياً ناتج عن الإصابة بأحد مسبّبات أمراض القلب، أهمها «كوليسترول الدم». وأشار الباحثون إلى أن الإكثار من تناول دهون الطعام قد يؤدي إلى تراكم المادة الدهنية (الكوليسترول) في شرايين القلب والأوعية الدموية، ما يؤثر سلباً على سريان الدم وكفاءة عمل الدورة الدموية بالجسم، ويشكّل عاملاً خطراً للإصابة بالذبحة الصدرية والنوبة القلبية وارتفاع ضغط الدم.
«سيدتي» اطلعت من رئيس قسم الكيمياء الحيوية في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور جلال أعظم جلال على طرق التحكّم في معدّل «الكوليسترول» بالدم، وخصوصاً في شهر رمضان.
يعدّ «الكوليسترول» بمثابة مادة شمعية بيضاء معدومة الرائحة مشابهة في خواصها لخواص الدهون، توجد بطبيعتها في جميع خلايا الجسم، تحافظ على سلامة الأغشية المحيطة بالخلية والأجهزة الحيوية الداخلية ودورة سريان الدم ومرونة الشرايين. وهو ينتمي الى مجموعة الشحوم التي لا تذوب في الماء، ولكنه يختلف عن الدهون في أنه لا يمدّ الجسم بأية سعرات حرارية، إلا أنه يعدّ من المواد الضرورية التي يحتاجها الفرد لصحّة جيّدة وإنتاج بعض الهرمونات الهامة. وقد صنّف باحثو التغذية «الكوليسترول» إلى مصدرين أساسيين: المصدر الأوّل يأتي عن طريق الجسم اذ يقوم كبد المرء بتصنيع ما بين 70% إلى 75% من «الكوليسترول» في الدم، بينما يأتي المصدر الثاني والذي يشكّل نسبة تتراوح بين 25% و30% عن طريق تناول الأطعمة المحتوية على نسبة كبيرة من الدهون مصدرها المنتجات الحيوانية (الزبدة والبيض والحليب بمشتقاته والروبيان واللحوم الحمراء بأنواعها وخصوصاً لحم الكبد والطحال والكلاوي). ويؤدّي استعمال الزيوت النباتية بكثرة في الطعام إلى ارتفاع مستوى الدهون في الدم. وفي هذا الإطار، أشارت دراسة حديثة الى أن زيت الزيتون والسمسم هما من أفضل زيوت القلي، وذلك لأنهما لا يتأكسدان كباقي أنواع الزيوت النباتية (زيت الذرة ودوّار الشمس). لذا، ينصح الخبراء بإضافة بعض الأعشاب النباتية كالصعتر والبردقوش عند استخدام زيت نباتي في القلي، ما يحدّ من أضرار الأكسدة ويقلّل من مستوى «الكوليسترول» بالدم.
أنواع «الكوليسترول»
يعزو الباحثون أسباب ارتفاع مستوى «الكوليسترول» في الدم الى خلل وراثي يسبّب انتاج الكبد له بافراط أو الى ضعف قدرة الكبد على تخليص الدم وتنقيته منه أو الإصابة بأمراض ترتبط بارتفاع نسبة «الكوليسترول» بالدم كأمراض الكلى والسكري وارتفاع معدّل الدهون الثلاثية على الكبد والغدة الدرقية، إلى جانب الإفراط في تناول الغذاء الغني بالدهون والسعرات الحرارية. وبالطبع، ان ارتفاع المحتوى الدهني للطعام وزيادة عدد الوحدات الحرارية المتناولة يشكّلان أبرز الأسباب المؤدية الى ارتفاع «الكوليسترول» في الدم، اذ يصبح الكبد أقل كفاءة في تخليص الدم من الدهون الزائدة فيه. كما يشكّل الإفراط في تناول الطعام سبباً رئيساً في زيادة إنتاج «الكوليسترول» بواسطة الكبد، فإذا ازداد استهلاك الفرد من «الكوليسترول» الغذائي بكمية تتراوح من 100 ملليغرام إلى 400 ملليغرام يومياً أي ما يعادل تناول صفار بيضة واحدة، فمن المتوقع أن تصل زيادة معدّل «الكوليسترول» في الدم إلى 60 ملليغراماً. لذا، ينصح الخبراء بألا يزيد المتناول من «الكوليسترول» الغذائي عن 100 ملليغرام يومياً لكل 1000 سعرة حرارية من احتياجات الفرد اليومية.
ونظراً الى كون «الكوليسترول» مادة شحمية تتنقل في الدم بواسطة نواقل تسمى
بـ «البروتينات الشحمية»، فقد تمّ تقسيمها إلى نوعين تبعاً لدرجة الكثافة، وهما:
- الكوليستــرول الجـيّـد HDL المعـروف بـ «البروتينات الشحمية عالية الكثافة» والتي تعمل على نقل «الكوليسترول» الزائد من الأنسجة وإعادته إلى الكبد لإجراء عمليتي التكسير والإفراز مرّة أخرى. لذا، يعدّ ارتفاع نسبة هذا النوع من «الكوليسترول» في الدم نوعاً من أنواع الوقاية التي تجنّب تراكم «الكوليسترول» في الأنسجة والأوعية الدموية.
- الكوليسـتـرول السيئ LDL المعــروف بـ «البروتينات الشحمية منخفضة الكثافة» والتي تعمل على نقل «الكوليسترول» من الكبد إلى أنسجة الجسم المختلفة. وبالتالي، فإن حدوث أية زيادة في نسبة هذا النوع من النواقل في الدم ستؤدي بطبيعة الحال إلى زيادة في ترسّبات «الكوليسترول» داخل الأوعية الدموية والإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين.