عندما يكون آخر توقعات الأسر هو أن يصاب أحد أبنائها بمرض السكري، فإن ذلك يصيبهم بالهلع، ليتغير بذلك نمط حياتهم كلياً على إثره، وفي إحصائية أخيرة بجريدة الرياض وضحت أن نسبة السعوديين المصابين والمعرضين للإصابة بمرض السكري تصل إلى 38%، وتحتل المملكة المركز الأول في نسبة المصابين بالمرض في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وسجلت الأرقام 3.6 ملايين سعودي مصابين بالسكري.
«عبير عمر» أم لـ 5 بنات، تقص على سيدتي قصة إصابة ابنتها «حور» بمرض السكري منذ أن كان عمرها 4 أعوام، وكيف كان أثر وقع هذا الخبر عليهم، والتغييرات التي طرأت على حياتهم.
كذبت نفسي
عندما بدأت لدى «حور» أعراض المرض، جاء في بالي أنَّها «حمى الضنك» لتشابه الأعراض، ولكوني أصبت بها مسبقاً، لكن المختلف هو رغبتها بالتبول باستمرار لدرجة أنَّها أصبحت تتبول على نفسها، وعندما لاحظت انخفاض وزنها بشكل سريع كذبت نفسي في أن تكون أصيبت بالسكري، فذهبت بها إلى المستوصف وبعد الكشف وضحوا لي بأنَّه مجرد ارتفاع في درجة الحرارة وسيزول بعد أخذ العلاجات اللازمة، لكن وضعها لم يتحسن، فذهبت بها إلى مستوصف آخر لأطمئن، وبعد الفحوص والتحاليل، خرج لنا الدكتور بخبرٍ كالصاعقة، ومن حينها تغيَّرت حياتنا.
«حور» والتغيير
تغيَّرت أمور كثيرة في أسرتنا بشكل عام، وعلى «حور» بشكل خاص، فقد أصبحنا نحرص على أن يكون غذاؤنا صحياً ومنظماً؛ لنواكب التغيير الذي حدث، ونأخذ الموضوع من منحى إيجابي.
أما «حور» فقد أصبحت حساسة جداً، تحزن وتتحسس من أي شيء، وتغيَّرت طريقة أكلها وصارت تحاسب نفسها على كل لقمة، وتمتنع عن الحلويات والسكاكر والشوكولاتة، وأشياء أخرى كانت تحبُّها، فلم يكن أمراً سهلاً لها كطفلة.
أما أخواتها فقد أصبحن يحرصن دائماً على متابعتها والاطمئنان عليها، ومراقبة نوعيَّة طعامها عندما لا أكون موجودة معها، وقياس السكر لها للاطمئنان.
أحداث مرعبة
ومن الأعراض تحدث لها وتدخلنا في هلع وخوف، ولا تنفع معها جرعات الأنسولين، هو عندما تصاب «حور» بحموضة الدم، التي تتمثل عوارضها في الاستفراغ، والإسهال وآلام بالبطن، التي يتطلب على إثرها التنويم بالعناية المركزة.
أمورٌ صحيَّة يجب مراعاتها
قياس السكر من الأمور المهمَّة التي أقوم بها 3 مرَّات باليوم؛ لأنَّ سكري «حور» غير ثابت، رغم أنَّها تبلغ من العمر الآن 10 سنوات، ونحن كأسرة نحاول حمايتها من كل الجهات، خاصة مع وجود عارض مرضي كالسخونة والزكام وغيرهما.
ورغم صغر سنها، إلا أنَّها أصبحت واعية ومتيقظة لمصلحتها، من خلال حرصها على ما ينفعها واجتناب ما يضرها، فمثلاً في لبسها للأحذية أصبحت «حور» تحرص على عدم ارتداء المكشوف منها؛ لاستشعارها أنَّ العناية بالقدم مهمَّة، وأيضاً تحرص على العناية بجسدها والمحافظة عليه من الجروح.
قناعة راسخة
حالياً تجاوزت كأُم مرحلة الصدمة، وأصبحت متيقِّنة بأنَّ كل ما يريده المولى عزَّ وجل خيرٌ لنا، فأصبحت إلى جانب حرصي على صحة وسلامة عائلتي بشكل عام، و«حور» بشكل خاص، حريصة على أن أجعل سير الحياة يسير طبيعياً، لذلك أصبحت أركز في إقناع «حور» بأنَّها ليست مريضة، ولا ينقصها شيء عن قريناتها، وإنَّما هو أسلوب حياة يجب أن تتعايش معه لكي تنشأ بنفسيَّةٍ سليمة، وتركز على التفوق والتميُّز في حياتها.
حموضة الدم
الحموضة في الدم تعرف بما يسمى الكيتونات الدموية أو البولية keton body، وزيادتها تعتبر من أكثر المضاعفات الحادة تأثيراً على جسم مريض السكري نتيجة إخلال جميع أملاح الدم من صوديوم وبوتاسيوم وكالسيوم وفوسفات ونحوها، وتسبب جفاف الجسم وفقدان السوائل والغيبوبة في نهاية الأمر، وقد تؤدي للوفاة لا سمح الله.
وعن أسبابها وضح الدكتور عبدالرحمن الشيخ، أستاذ الأمراض الباطنية والسكر والغدد، أن حموضة الدم سببها نقص الأنسولين، فالمريض الذي لديه نقص أنسولين يتم لديه تكسير الدهون والتي يمنع الأنسولين حدوث ذلك وعندما يحصل تكسير الدهون تتحول إلي حمضيات دهنية وكيتون ولذا فأي مريض سكر يعاني من النوع الأول معرض للحموضة عندما يوقف الأنسولين أو يقوم بتأخيره، أو يتناول وجبات تحتوي علي سكريات عالية أو مع الالتهابات، منبهاً أن الأم يجب عليها أن تنتبه لطفلها المصاب بالسكري، من خلال الانتظام علي الأنسولين، وفي حالة الالتهابات تحتاج مراقبة السكر أكثر، وإعطاء جرعات أنسولين إضافية حسب ارتفاع السكر، تحت إشراف الطبيب المعالج.