تشاجري.. بحب!


عندما تغضب المرأة ويكون من حقها أن تعبر عن سخطها وتبرمها، هل تملك عندئذ الوعي بضرورة أن تحتفظ لنفسها بخط رجعة، وألا تقطع كل حبال الود التي تربطها مع زوجها، حتى يكون في استطاعتها حماية علاقتها بزوجها، والحفاظ على حياتها الزوجية؟

في دراسة أجراها الدكتور جون جوتمان، أستاذ الطب النفسي بجامعة واشنطن، على ثلاثين زوجًا وزوجة من الذين لا يكفون عن العراك، جاء فيها أن الأزواج المتحابين مهما استبد الغضب بهم، يحتفظون أثناء النقاش المحتدم، والغاضب بمساحة من الود، تتيح لهم خطوط رجعة، تعيدهم إلى صوابهم، وإلى علاقة الحب التي تجمع بينهم، وعلى عكس أزواج آخرين يقطعون كل حبال الود أثناء العراك، ولا يتركون لأنفسهم فرصة لبداية جديدة.

وبرأي جوتمان، فإن المعارك الزوجية تعتبر من أهم المؤشرات التي تدل على إمكانية بقاء الزوجين معًا، أو على ترجيح حدوث انفصال بينهما، مضيفًا أنه لا خوف على زوجين من فشل علاقتهما طالما أنهما يحافظان على مساحة من الود بينهما أثناء الخلاف، مع شيء من المرح والسخرية، أما الزوجان اللذان يصلان بخلافاتهما إلى الحد الفاصل، وإلى الطريق المسدود بعنادهما، ومكابرتهما، وبتبادل السباب، والشتائم، فإن علاقتهما مصيرها الفشل.

ويؤكد خبراء العلاقات الزوجية أن على الزوجة التي تعد العمود الفقري للبيت، أن تجيد أصول لعبة المشاحنات الزوجية، وأن تعرف جيدًا كيف تجيب عن التساؤل: كيف أتعارك مع زوجي بمودة؟ كذلك يتوجب على الزوجة أن تعلم أن زوجها سيكون على استعداد للحديث عن سبب عراكهما، وعن وجهة نظره فيما نشب بينهما من مشاحنات، عندما يشعر أنها بالفعل على استعداد للاستماع إليه؛ لذلك على الزوجة أن تظهر لزوجها رغبتها في سماع رأيه، من خلال اللجوء إلى استخدام بعض الكلمات الطيبة التي تهدئ من ثورة الخلاف بينهما؛ لأن الكلمة الطيبة تشعر الزوج بالهدوء، وتساعد على إنهاء الخلاف سريعًا..

وفي رأي الدكتور جون جوتمان، أن بعض الزوجات يشتعل غضبهن عندما يحاول الزوج أثناء الخلاف بينهما استخدام الفكاهة في النقاش؛ لتخفيف حدة التوتر؛ وإعطاء كل طرف مساحة يتنفس فيها بحرية، وفي رأيه أيضًا أن الزوجة الذكية تستطيع إيجاد المخرج لزوجها أثناء العراك؛ حتى يشعر بالارتياح، وذلك بأن تتوقف عن الشجار، والكلام إذا أحست بشدة عصبيته، على أن تعود إلى النقاش من جديد بعد أن تكون الأعصاب قد هدأت، فتصبح المناقشة عندئذ أكثر فائدة،

والزوجة الذكية عند الدكتور جون جوتمان لا تتصيد لزوجها الأخطاء على كل صغيرة، وكبيرة، بل تعطي زوجها حيزًا معقولاً من الأفكار الصغيرة حتى لا تفقد احترامه لها، والزوجة الذكية أيضًا هي الزوجة التي تعرف كيف تتجنب الهجوم الشخصي، وكيف تعرض أسباب ضيقها، وحنقها بطريقة عاقلة تجبر الزوج على الشعور بالندم داخله، فيحاول تفادي ما يزعجها في المستقبل..

ما يدل على ذكاء الزوجة هو تعقلها، ومنطقها أثناء الخلاف مع زوجها، وحسن اختيارها الوقت المناسب، والمكان المناسب لبدء الخلافات، وهو أيضًا علمها بأن المعارك الزوجية ظاهرة صحية للتفاهم، والتقارب، والحب بين الزوجين، وليست سببًا يصل بالعلاقة الزوجية إلى الفشل.