دشّن مستشفى الزهراء في دبي أول قسم لتقنية الولادة تحت الماء في الإمارة، وذلك في إطار سياسته الصحّية العامة التي تهدف إلى تعميق الوعي بأنماط الحياة الصحّية، ومن بينها الولادة الطبيعية، وذلك في ظلّ زيادة حالات الولادة القيصرية بصورة ملحوظة على مستوى المنطقة والعالم.
ويشهد العالم حالياً عودة قوية للولادة تحت الماء، لما له من آثار صحّية على صحّة الأم والطفل معاً، الأمر الذي لقي أصداءً واسعة في دبي، بوصفها أحد الوجهات العالمية التي يتردد الحديث في أوساطها الطبية عن ضرورة التوجه إلى هذا النوع من الولادات بما يسهم في الحد من العمليات القيصرية وتخفيف حدة الآلام الناجمة عن المخاض، إذ أجمعت الدراسات الطبية التي أجريت في هذا الحقل، أن الولادة تحت الماء تحد من شعور الألم بنسبة تتراوح بين 60% - 70%.
الدكتورة يميني دهار: طريقة جديدة ومثيرة تمنح المرأة شعوراً نفسياً أفضل
بدورها، أشادت رئيس قسم النسائية والتوليد بمستشفى الزهراء، الدكتورة يميني دهار، بهذا التوجّه، مؤكدةً أنه وبالرغم من أن عمليات التوليد تحت الماء ما تزال في مهدها في الإمارات، إلا أن مستقبلاً عريضاً ينتظرها وذلك لعدة اعتبارات طبية أهمها: تخفيف آلام الولادة بنسبة عالية جداً لا يعود معها استخدام المخدر الموضعي ضرورياً أو بكميات بسيطة إن تطلب الأمر، فضلاً عن أنها توفر الخيار أمام المرأة لاختبار طريقة جديدة ومثيرة تمنحها شعوراً نفسياً أفضل، الأمر الذي يصب في صالح عملية ولادة أكثر يسراً وسهولة. ولفتت دهار إلى أن المستشفى سعى إلى توفير أفضل المعدات المستخدمة في هذه الولادات، وأمهر المختصين من ذوي الكفاءة و الخبرة لاجرائها.
ولا تقف الفوائد المترتبة على الولادة تحت الماء عند هذا الحدّ، فهي تؤمن لجسم المرأة الطفو على الماء، مما يسهم في تخفيف الضغط على المعدة والظهر، ومنح الأم شعوراً بالاسترخاء، وبالتالي الاستغناء عن معظم الأدوية التي تُعطى أثناء عملية الولادة القيصرية وحتى الطبيعية، إلى جانب الحد من حالات تمزق الجهاز التناسلي عند المرأة، الأمر الذي ينعكس إجمالاً على الحالة النفسية للمرأة كونها باتت أقل عرضة للتوتر المرافق لعملية الوضع.
الولادة تحت الماء تخفف آلام المفاصل وتمنح قوةً للمرأة المتقدّمة في السن
وتبرز ناحية أخرى في غاية الأهمية في موضوع الولادة تحت الماء، وهي أنها تخفف آلام المفاصل وتمنح قوةً وتوازناً أكبر عند المرأة المتقدّمة نسبياً في السن أو التي سبق لها أن أنجبت عدة مرات، كما يعزز الانعكاسات (الاستجابات) الفسيولوجية للألم من خلال إعادة ضخ الدم في الجسم. ويسهم الماء كذلك بتسهيل خروج الجنين من رحم الأم جراء ضغط الماء التي يساعد في اتساع محيط الحوض وانزلاق الجنين بصورة أكثر سلاسة.
وتجدر الإشارة إلى أن أحد الأفكار الرئيسية لدى الأطباء في التوجّه إلى هذا الخيار، هو محاكاة شعور الغشاء الجنيني المحيط بالطفل طوال فترة أشهر الحمل التسع، الأمر الذي يخفف ما يُعرف طبياً بصدمة الولادة أو الخروج الأول إلى الدنيا، وإقصاء أي احتمالات لإصابته بالتهابات الجهاز التنفسي.
وتوفر وحدة الولادة تحت الماء في الزهراء دبي بيئة مريحة للأم
وتوفر وحدة الولادة تحت الماء في الزهراء دبي بيئة مريحة للأم والكادر الطبي المسؤول عن عملية الولادة في آنٍ معاً. وتضم هذه الوحدة، بركة ماء مجهزة بأحدث المعطيات التكنولوجية، كالبلوتوث المدمج ونظام الإضاءة المصمم لخلق أجواء مثالية تخدم ولادة سلسلة، إضافة إلى عدة أدوات وتسهيلات أخرى تصب في هذا الإطار.
هذا وتستلزم الولادة تحت الماء وجود عدة مقومات، قبل اعتمادها كطريقة آمنة وفاعلة للولادة، كأن يتراوح عمر الأم بين 17 – 35 عاماً، وأن يخلو سجلها الطبي من أي مضاعفات صحية أو أمراض نسائية قد تهدد عملية الولادة أو تحمل أي تأثيرات صحية على المولود.
واستدركت دهار قائلة: "إن الفوائد الجمة المترتبة على الولادة تحت الماء، تجعل منها خياراً مثالياً لولادة طبيعية سهلة بدون ألم، لكن هذا لا يعني إطلاقاً أنها خالية من بعض المحاذير ولا أقول المخاطر، لأننا في مستشفى الزهراء دبي نستوفي كافة الشروط التي تكفل نجاح هذه الولادة، وذلك عبر دراسة التاريخ الطبي للحامل والتأكد من أن ولادتها تحت الماء لا تحمل أي مضاعفات طبية، وتشكل قناعة تامة لدى فريق التوليد أن هذا النوع من الولادات يناسبها تماماً".
وشدّدت الدكتورة يميني على أن الطواقم الطبية في قسم التوليد تحت الماء، يتمتع بأعلى درجات الوعي الطبي بمخاوف الحوامل، لذا فهو يعمد إلى إجراء تمرينات قبل عملية الولادة وذلك لتوفير أعلى درجات الراحة والاستقرار النفسي لهن، وتحقيق عملية ولادة آمنة وسليمة.