مازالت الجدة تنتظر مسرورة موعد قدوم حفيدها الأسبوعي؛ لتقضي معه أسعد الأوقات ولتحكي معه أجمل الحكايات، وقبل الموعد بأيام نجدها تنشغل بالتفكير في أفضل الوجبات والحلويات التي ستعدّها لحفيدها، وتظل في حالة من البحث والتنقيب بمكتبتها عن القصص وأجمل ما قرأت لتقصُّه عليه.
ولأن كل العلاقات بين الصغار والكبار أساسها الاحترام، اختارت الجدة قصصاً تُعلم معنى الاحترام، وكيف يكون بالكلمة أو السلوك وحتى بمجرد الإحساس والشعور، وهذا الإدراك لمعنى الاحترام يُسهم بلا جدال في بناء شخصية الأطفال السوية، ولهذا على الآباء الحرص على غرس هذه القيمة المعنوية بالإشارة المباشرة أحياناً، ووفق مواقف عملية يشاهدها الطفل أمام عينيه مرات متتالية، إليك 7 قصص انتقتها الجدة من التراث العالمي، تحكي معظمها عن الاحترام قولاً وفعلاً وإحساساً.
القصة الأولى: الصغيرة والقلادة الثمينة

كانت هناك طفلة صغيرة تبحث في الأسواق عن شيء ما، وعندما وقعت عيناها على قلادة جميلة معروضة بإحدى نوافذ محلات المجوهرات، دخلت المحل على الفور بعدما أثارت إعجابها تلك القلادة.
الطفلة الصغيرة: من فضلك يا سيدي، أريد شراء تلك القلادة الجميلة المعروضة بهذه النافذة، أريد إهداءها لشقيقتي الكبرى، وأرجو منك أن تغلفها بشكل جميل ومذهل من أجلي.
نظر إليها صاحب المحل باستغراب-إنها ما زالت طفلة صغيرة-وسألها: وهل لديكِ نقود؟
وضعت الطفلة مجموعة من العملات المعدنية والتي لا قيمة لها مطلقاً بالنسبة لسعر القلادة، فالقلادة ثمينة وغالية الثمن للغاية.
الطفلة: هل ستكفي هذه النقود يا سيدي؟ إنني أردت شراء شيء جميل من أجل شقيقتي، فمنذ أن توفيت والدتنا وهي تعمل على تربيتنا ورعايتنا، وأريدها حقاً أن تبتسم من قلبها مجدداً كسابق عهدها، وهذه النقود حقاً هي كل ما أملك.
غلّف صاحب المحل القلادة بكل محبة وود، وأوصى الطفلة أن تحملها جيداً من أجل شقيقتها الكبرى، وقتها رأى الفرحة في عيني الطفلة البريئة.
بعدها بوقت قصير جاءت فتاة جميلة إلى المحل تحمل بيدها نفس العلبة التي غلّف بها القلادة، وأخذت تسأله بعدما ألقت عليه التحية والسلام، وأخرجت القلادة من العلبة: يا سيدي هل هذه القلادة تم شراؤها من هنا؟.
أجابها صاحب المحل بالموافقة، فسألته عن ثمنها ولكنه أجابها قائلاً: لا، لن أستطيع إخبارك بثمنها لأن أي صفقة بيع تتم هنا داخل المحل لا يمكن الإفصاح بها لأي أحد، إذ أنني أعتبرها بمثابة سر خاص لزبوني.
تركت الفتاة العلبة بالقلادة التي بداخلها وأخبرته: عذراً يا سيدي ولكن أختي الصغيرة كانت تمتلك القليل جداً من المال والذي لن يمكنها أبداً من شراء مثل هذه القلادة باهظة الثمن، لذلك لن يمكننا أخذها وتحمل عبء ثمنها.
صاحب المحل: لكن أختكِ الصغيرة دفعت ثمناً لا يمكن للكبار أمثالنا تحمله، لقد دفعت كل ما تملك مقابل رؤية ابتسامة واحدة منك.
سالت الدموع من عيني الفتاة الجميلة، وأخذت قلادتها التي أصر عليها الرجل طيب القلب أنها من حقها، ولابد لها من أخذها كما تمنت أختها الصغيرة.
العبرة: الفتاة طفلة صغيرة ولكنها حملت مشاعر التقدير والاحترام لأختها الكبيرة، وترجمته لسلوك ورغبة صريحة في مكافأتها، ما يعزز شخصيّة الطفل ويبني علاقات أخلاقية صحيّة.
3 قصص من أجمل ما قرأت تحفز طفلك على فعل الخير يمكنك مطالعتها بالتقرير التالي
القصة الثانية: الصداقة وحق الجار

في يوم من الأيام كان هناك طفلان تربطهما صداقة، يلعبان كرة القدم، وبينما يتبادلان الأدوار في اللعب وكل منهما يخطئ تارة ويصيب تارة أخرى، حدث أنه بإحدى الرميات تعلقت الكرة فوق شجرة جارهما، فقال الأول للثاني: اذهب واحضر سلماً حتى أتسلقه وأحضر الكرة حتى نواصل حينها لعبنا الممتع مرة أخرى.
تعجب الثاني من صديقه وأخبره: لا يمكننا فعل ذلك بالتأكيد.
الأول: ولِمَ لا؟!
الثاني: لابد لنا من استئذان جارنا، لا يمكن أن نتسلق على شجرته من دون علمه، فحق الجار يمنعنا من ذلك.
الأول: حق الجار!
الثاني: نعم، إن حقوق الجيران علينا متعددة، ويجب علينا الالتزام بها واحترامها دوماً.
الأول: وحقوق الجيران مثل ماذا؟
الثاني: حق الاستئذان، حق مساعدته عند حاجته، حق مواساته عند مصيبته، حق السعادة عند فرحته، حق تهنئته بالعيد، حق زيارته عند مرضه، حق احترامه واحترام كل احتياجاته مثل: ألا أرفع صوت التلفاز حتى لا أؤذيه، وألا ألقي بالقمامة مثلاً أمام منزله.
وهنا لم يختلف الصديقان؛ فقط كان واحد منهما يعرف حقوق الجار وبالتالي رفض سماع كلام صديقه بالصعود للشجرة، و الصديق الثاني لم يصر على عدم الاحترام ولم يقصد مخالفة حقوق الجار أو التقليل من شأنه، ولكنه لم يكن على علم بحقوق الجار، لذا عندما استمع إلى كلام صديقه استجاب له على الفور.
العبرة: الاحترام يقف في أعلى قائمة المهارات الاجتماعيّة التي يجب تعليمها للطفل، والتي ترتبط بحسن الاستماع للغير والتفاعل معه، واحترام حق الجار يكون بالكلمة والفعل معاً.
أجمل ما قرأت من قصص الأطفال: علي والأصدقاء الجدد! يمكنك الاطلاع عليها
القصة الثالثة: الفتاة والشجرة

من بين القصص الفولكلورية التي تحمل في طياتها دروساً قيمة، تبرز قصة "الفتاة والشجرة"، والتي يمكن أن تكون مصدر إلهام للأهل والمربين في تربية الأطفال على قيم الاحترام والتقدير.
تبدأ القصة في قرية صغيرة في الصين القديمة، وهناك كانت توجد فتاة صغيرة تدعى "مي"، و كانت مي تعيش مع جدتها في منزل صغير بجوار غابة كثيفة، وكانت الجدة دائماً تحكي لمي قصصاً عن الأشجار والحيوانات التي تعيش في الغابة، وتعلمها أهمية احترام الطبيعة وكل ما فيها.
ذات يوم، بينما كانت مي تلعب بالقرب من الغابة، لاحظت شجرة كبيرة وجميلة، وكانت الشجرة تبدو قوية ومهيبة، وكانت أوراقها تلمع تحت أشعة الشمس، اقتربت مي من الشجرة وبدأت تتحدث إليها كما لو كانت صديقة قديمة، فقالت لها مي: يا شجرة، أنت جميلة جداً، كيف أصبحتِ بهذه القوة والجمال؟
ابتسمت الشجرة وأجابت بصوت هادئ: "يا مي العزيزة، لقد عشت هنا لسنوات طويلة، ولم يكن الأمر سهلاً، لقد رأيت الفصول تتغير مابين شتاء شديد البرودة وصيف ترتفع فيه درجة الحرارة، وفصل خريف متقلب المزاج لدرجة سقوط الكثير من أوراقي التي تحميني وترسم جمالي وتحفز القادمين على الجلوس تحت ظلّي، ولم يبق لي سوى الربيع بجوّه الجميل الذي ينعكس علىّ وعلى الخضرة من حولي من زهور وأشجار ومزروعات.
وبمرور الأيام تعلمت أن أكون صبورة وأحترم كل ما حولي وما يحدث لي، الاحترام هو ما يجعلني قوية وجميلة، بعدها بدأت مي تزور الشجرة كل يوم، وكانت تتعلم منها دروساً قيمة، وفي إحدى المرات، قالت الشجرة: "يا مي، الاحترام ليس فقط للطبيعة، بل يجب أن نحترم الناس أيضاً، عندما نحترم الآخرين، نحصل على احترامهم وتقديرهم في المقابل".
العبرة: تعلمنا القصة أن الاحترام هو أساس العلاقات الجيدة، وعلى الأطفال أن يدركوا أهمية احترام كل ما منحه الله لهم، من نِعم، والطبيعة وما تحوي نعمة كبيرة.
أجمل قصص الأطفال من4-8 سنوات عن ذكاء الحيوان يمكنك مطالعتها بالتقرير
القصة الرابعة: الصديقان

في أحد الأيام، كان صديقان يسيران عبر الغابة، وكانا يعلمان أن الغابة مكان خطير وأن أي شيء يمكن أن يحدث، لذا وعدا بالبقاء قريبين من بعضهما البعض في حالة حدوث أي خطر، وفجأة، اقترب دب كبير منهما، وسرعان ما قام أحد الأصدقاء بتسلق شجرة قريبة، تاركاً الصديق الآخر وحده، ولم يكن الصديق الآخر يعرف كيفية التسلق، لذلك قرر استخدام المنطق السليم، اضطرب وبدأ يفكر في كيفية الهروب، ولكن بدلاً من ذلك، قرر أن يلعب دور الميت، بأن استلقى على الأرض وتظاهر بالموت، وقلبه ينبض بالقلق والتوتر.
عندما اقترب الدب من الصديق الذي كان ملقى على الأرض، بدأ الحيوان في شم أذنه قبل أن يتجول ببطء مرة أخرى، إذ تعتبر الدببة من الحيوانات التي لا تلمس الموتى أبداً، وبمجرد أن نزل الصديق الذي اختبأ في الشجرة، سأل صديقه الآخر بفضول: يا صديقي العزيز، ما السر الذي همس به لك الدب؟ رد الصديق الملقى على الأرض ببساطة: "الدب نصحني ألا أثق بأي صديق مزيف؛ لا يحترم صداقتنا، يرى مصلحته من دون تقديم مساعدة لصديقه.
العبرة: الصداقة لا تقتصر على طول مدة الصُّحبة أو الذهاب معاً إلى هنا وهناك، إنما تحمل في طياتها التعاون والمشاركة والرغبة في تقديم المساعدة وقت الحاجة.
القصة الخامسة: العجوز البخيل

كان هناك رجل عجوز بخيل يعيش في منزل به حديقة، وكان يخفي كل عملاته الذهبية تحت الحجارة في حديقته، وكان كل ليلة، قبل أن يذهب إلى السرير، كان البخيل يخرج إلى حديقته ليحصي عملاته المعدنية، ورغم تكرار هذا الروتين يوماً بعد يوم، إلا أنه لم ينفق قط عملة ذهبية واحدة.
وفي أحد الأيام، رصد أحد اللصوص البخيل العجوز وهو يخفي عملاته المعدنية، وفيما بعد ذهب اللص إلى المخبأ واستولى على كل الذهب، وعندما عاد البخيل العجوز إلى منزله، اكتشف فقدان الذهب وانهار وبدأ بالبكاء بصوت عالٍ، سمع جاره صراخه وجاء مسرعاً ليسأل عما حدث.
وبمجرد علم الجار بالوضع، سأله: لماذا لم تخزن المال داخل منزلك حيث يكون آمناً؟ فأجاب البخيل: وجوده داخل المنزل سيجعل من السهل الوصول إليه عند الحاجة لشراء شيء ما.
فقال الجار: لكن لماذا تخزن المال إذا كنت لن تنفقه أبداً؟
فأجاب البخيل: أعرف نفسي، أنا لن أنفق ذهبي أبداً.
العبرة: البخل صفة لا تتوقف على صاحبها فقط، إنما تمتد لتشمل علاقاته مع من حوله، ومن قبل علاقته مع نفسه؛ فالبخل جعله مقصراً في حق نفسه، فهو يحرمها ويبخل عليها رغم امتلاكه للمال.
طرق سهلة لرواية القصص للأطفال يمكنك التعرف إليها
القصة السادسة: الكلبة والبئر السحرية

عاشت كلبة مع صغارها في مزرعة خلابة حيث توجد بئر سحرية، وكانت الكلبة الأم تحذر دائماً جِراءَها الفضوليين من الاقتراب من البئر أو اللعب بجوارها، وفي إحدى اللحظات الفارقة، انتاب فضول لا يقاوم أحد الجِراء، مما جعله يسأل عن سبب الحرمان من استكشاف البئر، ولم يتردد في اتخاذ القرار بالمغامرة.
انخرط الجرو في رحلة تسلّق حائط البئر، ليكتشف ما يخفيه من أسرار، وبمجرد وصوله للقاع، وجد نفسه يواجه انعكاساً غامضاً لنفسه، هل كان هذا وهماً أم حقيقة؟ هذا اللقاء المفاجئ أثار غضبه، دفعه للانقضاض على تلك الهالة الغامضة، لكن سرعان ما اكتشف أن البئر لا تحتوي سوى على الظلال والصدى.
بدأ الجرو بنباح عالٍ بينما يصارع الهواء، لتأتي أخيراً يد المزارع لينتشله من الظلمة، ومنذ ذلك الحين تعلم الجرو الصغير الدرس، وعاد إلى أرض الواقع، متجنباً الغموض الذي تخفيها البئر.
العبرة: الاحترام صفة وقيمة خلقية تشمل الكثير من المعاني؛ وفي هذه القصة لم يحترم الجرو الصغير كلام أمه، ولم يعمل حساباً لتحذيراتها فوقع في الخطأ ومن الممكن ألا ينقذه أحد.
القصة السابعة: هدية الأب لصغيره

في أحد الأيام، كان هناك صبي صغير يعاني من صعوبة شديدة في السيطرة على غضبه، حيث كان يفقد السيطرة عند اندفاعاته العاطفية، في يومٍ من الأيام، قرر والده تقديم هدية غير تقليدية له، أعطاه مطرقة وحزمة من المسامير، ثم قال له: "عندما تشعر بالغضب، اذهب ودق مسماراً في سياج الفناء الخلفي.
بدأ الصبي باستخدام مسامير كثيرة في الأيام الأولى، ولكن مع مرور الوقت، أصبح يستخدم عدداً أقل من المسامير، وتدريجياً بدأ يسيطر على انفعالاته، وطلب والده منه بعد ذلك أن يقوم بإزالة مسمار واحد عن كل يوم يستطيع فيه السيطرة على غضبه، وهكذا بدأ يتحكم في أعصابه بشكل أفضل.
في ذلك اليوم الذي قلع فيه الصبي مسماره الأخير، قال والده له بابتسامة: "لقد أبديت إرادة وصبراً رائعين يا صبي، ولكن هل ترى الثقوب في الحائط؟ إنها تذكير بأيام كانت فيها الأمور تخرج عن السيطرة، السياج لم يعد هو نفسه، وكذلك عندما تقول كلمات سيئة في حالة الغضب، فستترك آثاراً مؤلمة كالندبات.
العبرة: هذه الكلمات تركت الصبي يفكر في العواقب المحتملة لأفعاله وأقواله، وأدرك أهمية السيطرة على ردود أفعاله؛ حتى لا يترك آثاراً سلبية دائمة على الآخرين وعلى نفسه.