عندما يأتي المساء وينخفض الضوء، وتسود حالة من الهدوء بالمنزل، يتحول وقت النوم إلى وقت ممتع مضيء وفرصة ذهبية تتلألأ لتقوية الروابط بين الآباء وأطفالهم، وبينما قد يظن البعض أن حدوتة قبل النوم مجرد قصة بسيطة تُروى لتهدئة الطفل، وبث غير مباشر للقيم والأخلاقيات، نجد أن الحقيقة تحمل مفاجأة مذهلة، هذا الطقس الليلي ليس مجرد عادة، بل هو أداة قوية تؤثر بشكل عميق في نفسية الطفل وتنميته العقلية والعاطفية والاجتماعية.
في هذا التقرير يشرح أستاذ طب النفس التربوي الدكتور عوض القاسم أثر حكايات قبل النوم على الطفل، وفوائدها النفسية والتعليمية واللغوية والاجتماعية، مع تقديم لعدد من النصائح لجعل هذه اللحظات أكثر متعة وتأثيرًا.
حكايات قبل النوم
حكاية قبل النوم أشبه بهدية يومية لا تُقدّر بثمن، فهي ليست مجرد وسيلة لجعل الطفل ينام بهدوء؛ إنها تجربة عاطفية وتعليمية تحمل الكثير من الفوائد، إنها فرصة لتعزيز الروابط العائلية، وتطوير المهارات اللغوية، وزرع القيم الأخلاقية.
بالرغم من بساطة هذه العادة، إلا أن تأثيرها يمتد لسنوات طويلة، حيث تساعد الأطفال على النمو بشكل صحي ومتوازن، لذا إذا كنت تبحثين عن طريقة لإثراء حياة طفلك، فلا تترددي في جعل الحدوتة جزءًا أساسيًا من روتينه اليومي.
في النهاية، كل قصة تُروى، تحمل هدية من الحب، الحكمة، والخيال لطفلك، لهذا يدعوك التقرير للبدء الليلة بقصة جديدة، وامنحي طفلك فرصة للنمو بفرح وأمل.
حكاية لقبل النوم.. أرنوب وأرنوبة.. وآذانهما الطويلة!
فرصة لمزيد من التواصل العاطفي:
منذ القدم، كانت القصص تُروى للأطفال كوسيلة لتعليمهم القيم والمبادئ الأخلاقية، اليوم تطورت هذه العادة لتصبح جزءًا من الروتين الليلي للطفل والأم معاً، وأداة فعالة لخلق رابط عاطفي قوي بين الوالدين والطفل.
تقوية العلاقة مع الوالدين:
الأم بجانب طفلها تقرأ أو تحكي، والطفل ملتصقاً بجلبابها يتعلق قلبه وتشرئب أذناه لسماع كلماتها أثناء وقت السرد، شاعراً بكل الدفء والاهتمام، مما يعزز شعوره بالأمان والانتماء، وهذا التواصل البسيط يجعل الطفل أكثر انفتاحًا على مشاركة أفكاره ومشاعره.
تحفر بالذاكرة لحظات لن تُنسى:
غالبًا ما يتذكر الأطفال تلك القصص الجميلة التي كانوا يستمعون إليها قبل النوم، فتصبح هذه الذكريات مفعمة بالحب ولقطات تترك أثرًا إيجابيًا دائمًا في حياتهم.
تأثير حدوتة قبل النوم على نمو الطفل
- تطوير القدرات اللغوية والخيالية: حيث تعمل على زيادة المفردات، من خلال الاستماع إلى القصص، يتعلم الطفل كلمات جديدة ويطور قدرته على التعبير عن المشاعر بطريقة أفضل.
- تنمية الخيال: الحدوتة تفتح أبواب الخيال أمام الطفل، مما يساعده على التفكير الإبداعي وحل المشكلات، عندما يسمع عن أبطال مغامرين أو مخلوقات خيالية، يبدأ في تخيل عوالم وأحداث جديدة.
- تعزيز التركيز والانتباه: فعندما ينغمس الطفل في تفاصيل الحدوتة، يتعلم كيفية التركيز لفترة أطول، وهي مهارة تساعده لاحقًا في المدرسة وفي حياته اليومية.
- تعليم القيم والمبادئ الأخلاقية: القصص تحمل دائمًا رسائل تربوية، سواء عن الشجاعة، الصدق، التعاون، أو العفو، و من خلال الحدوتة يتعلم الطفل هذه القيم بطريقة غير مباشرة.
- تهدئة العقل وتحسين النوم: الروتين الثابت لسرد القصص يساعد الطفل على الشعور بالراحة والاسترخاء، مما يسهل عملية النوم. الصوت الهادئ والمطمئن للوالدين يعمل كإشارة للدماغ للانتقال إلى وضع الراحة.
- تعزيز الاستقلالية العاطفية: من خلال سماع قصص عن أبطال يواجهون تحديات ويتغلبون عليها، يكتسب الطفل الثقة بأنه قادر على مواجهة التحديات في حياته.
فوائد حدوتة قبل النوم على المدى البعيد
تحفيز حب القراءة: الاستماع إلى القصص يجعل الطفل يتطلع لقراءة الكتب بنفسه في المستقبل، مما يعزز حبه للقراءة ويساعده على تحسين مهاراته الدراسية.
تقليل التوتر: الأطفال الذين يستمعون إلى القصص بانتظام قبل النوم يظهرون معدلات أقل من التوتر والقلق، لأن الحدوتة توفر لهم متنفسًا للتخلص من مخاوف اليوم.
تعزيز الذكاء العاطفي: من خلال التفاعل مع الشخصيات المختلفة في القصص، يتعلم الطفل كيفية فهم مشاعر الآخرين والتعاطف معهم، وتحسين العلاقات الاجتماعية.
5 -أسرار وراء نجاح حدوتة قبل النوم
- اختيار القصة المناسبة: اختر قصصًا تتناسب مع عمر الطفل واهتماماته، على سبيل المثال الأطفال الأصغر سنًا يفضلون القصص البسيطة ذات الصور الملونة، بينما يفضل الأطفال الأكبر سنًا القصص التي تحمل حبكة معقدة ومغامرات.
- سرد القصة بأسلوب مشوق: استخدم تعبيرات صوتية مختلفة للشخصيات واجعل القصة تنبض بالحياة، لا تخجل من إظهار مشاعرك أثناء السرد.
- التفاعل مع الطفل: هيا اطرح أسئلة مثل: "ماذا كنت ستفعل لو كنت مكان البطل؟" أو "ما رأيك في تصرف هذه الشخصية؟"، هذا يعزز التفاعل ويجعل الطفل يشعر بأنه جزء من القصة.
- الإبداع في السرد: لا تقتصر على القصص المكتوبة فقط، ابتكر قصصًا خاصة تعتمد على أحداث يومية أو استخدم الشخصيات التي يحبها طفلك.
- الانتظام: اجعل حدوتة قبل النوم عادة يومية، هذا الروتين الثابت يعزز شعور الطفل بالأمان ويساعده على النوم بشكل أفضل.
خطوات.. تحفزين بها طفلك على حب القراءة
تأثير بعض القصص
يعزز الثقة بالنفس ويشجع الطفل على مواجهة تحدياته.
تعلم الطفل أهمية العمل الجماعي والمساعدة المتبادلة.
تحفز الطفل على السعي وراء أهدافه والتغلب على العقبات.
عندما يسمع الطفل قصة عن طفل حزين بسبب فقدان لعبته، يتعلم كيفية التعاطف مع مشاعر الحزن.
إذا تضمنت القصة شخصية تواجه الفشل ثم تحاول مرة أخرى، يتعلم الطفل أهمية المثابرة.
الحدوتة وأهمية القراءة المبكرة
تُعد حدوتة قبل النوم تمهيدًا مثاليًا لتشجيع الأطفال على القراءة في المستقبل.
عندما يرى الطفل أن القراءة مرتبطة بلحظات جميلة ودافئة، يصبح أكثر انفتاحًا على الكتب والقصص.
استخدمي كتبًا ملونة ومليئة بالرسوم لتجذبي انتباه الطفل.
شاركي الطفل في اختيار الكتب التي يريد الاستماع إليها.
اجعلي الطفل يشارك في سرد القصة بتكرار الكلمات أو تقليد الأصوات.
*ملاحظة من"سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.