خطوات استثمارية تطوير الأيدي العاملة

تعتبر الأيدي العاملة سواء الفنية المهنية، أو الإدارية العصب الرئيسي الذي يغذي شريان نجاح أي مشروع أو استثمار، وعلى الرغم من أنّ العديد من أصحاب الآراء الاستثمارية ينظرون إلى المعادلة باعتبار أنّ رأس المال هو الأهم، ونحن بطبيعة الحال لا ننفي أهميته، ودوره في إنجاح أي مشروع، ولكن رأس المال ما هو في النهاية سوى وسيلة لتوفير مجموعة مقومات للنجاح، ومن ضمنها الأيدي العاملة الإدارية والفنية، ولنجاح اختيار الأيدي العاملة لابد من جهة أولى أن يكون هذا الاختيار مبنيًا على أسس صحيحة تتوافق ومتطلبات العمل من حيث الخبرات والقدرات، ولابد أيضًا، من الجهة الأخرى، أن نسعى دومًا لتطوير هذه القدرات الخاصة بالأيدي العاملة، لضمان سيرها ضمن الخطة الموضوعة لتطور العمل واستمراره على حد سواء.

يقول الدكتور جمال الدين اليوسف أستاذ الاقتصاد: "إنّ أهم أنواع الاستثمارات هو استثمار داخل الاستثمار، وهو استثمار الأيدي العاملة، وتطوير قدراتها، والوصول بها لأقصى درجات الإنتاج والعطاء بما يخدم مصلحة العمل".

 

استثمار القدرات:

إنّ استثمار القدرات العاملة سواء تلك الإدارية، أو المهنية والفنية، هو من أسس تطوير ونجاح أي مشروع واستثمار على صعيد الأيدي العاملة، والمقصود باستثمارها هو ما نعني به في أي استثمار، فأي استثمار يكون الهدف منه بالنهاية العائد المادي الذي يغطي التكاليف، ويدر ربحًا معينًا يتوافق وحجم المشروع، بالتالي فإنّ استثمار القدرات يعني أن نحسن استغلالها، ونجندها، ونوجهها في الاتجاه المطلوب لكي نتمكن في النهاية من الحصول على خدمات تقدمها لنا تغطي التكاليف المنفقة عليها أولاً، ثم تدر علينا الأرباح والعائد.

 

خطوات استثمار القدرات:

يكون استثمار القدرات بالوجه الصحيح بتتبع مجموعة من الخطوات التي تمكننا بنهاية الأمر من الوصول لمبتغانا على الشكل التالي:

أولاً: تحديد ومعرفة نوعية وحجم القدرات:

ونعني هنا أن يكون القائم على اختيار الموظفين والعاملين قادرًا على تحديد إمكانيات كل منهم، وما المجالات التي يستطيع أن يعطي ويقدم من خلالها، وما هي أيضًا المجالات التي يتميز بها أكثر ويفضل العمل بها، ومدى حجم هذا العطاء وحدوده، ثم يقوم بتقييمه بناء على هذه القدرات، ومدى حاجة العمل لها.

ثانيًا: تحديد المكان المناسب:

تبدأ بعد ذلك خطوة اختيار الشخص المناسب للمكان المناسب، فبعد أن تمكّنا من معرفة قدرات وإمكانيات الموظف، لابد أن نضعه في الوظيفة والمكان اللذين يتناسبان وهذه الإمكانيات، بحيث نمكنه من العطاء بالشكل المطلوب منه.

ثالثًا: التوجيه وتحديد الهدف:

لابد وقبل كل شيء أن يشعر كل موظف بإمكانياته، وبمدى أهميته للعمل، والدور الذي يقدمه فيه، وذلك لكي يحاول أن يعطي، ويتميز من خلاله، ولابد لنا كمستثمرين أن نقوم بتوجيهه نحو نقاط القوة المتوافرة لديه، وأن نعمل على صقلها وتنميتها من ناحية، وكذلك عن أقصر الطرق التي يستطيع أن يسلكها للوصول بالنهاية للهدف المطلوب منه في موقعه.

رابعًا: التطوير وتنمية القدرات وتوفير الإمكانيات:

لكي يبقى الموظف دائمًا في قمة عطائه وبذله للجهد من المفترض أن نقوم بوضعه دومًا في قلب كل المستجدات التي يصل لها العالم والتي تختص بالجزئية التي يعمل بها؛ أملاً في تطويره، ومجاراته للتطورات التي تجري في العالم ككل، ويكون ذلك عن طريق الدورات، وورش العمل، والمؤتمرات الدولية كل في مجاله، وبذلك نضمن كمؤسسة ألا نكون في مؤخرة المنتجين سواء على المستوى المحلي، أو حتى العالمي، بل على دراية وعلم وتطبيق لكل ما هو جديد.

خامسًا: بث الروح المعنوية العالية لديه:

ويكون ذلك من خلال إشعاره أنه يقدم الأفضل، وأنه متميز فعلاً في مجاله، مما يساهم في خلق إحساس محفز لديه، وكذلك من خلال إشعاره بطرق علمية ودقيقة جدًا أنّ إمكانياته تتجاوز ما يقدمه، وأنّ بالإمكان تطوير الخدمة بحيث ترتقي بشكل أفضل، والعنصر المهم هنا هو الحذر في طريقة التبليغ والإشعار فلابد أن تكون بطريقة محفزة، لا تنفي عنه الإنجاز وبذل الجهد لإقناع الإدارة أنّ ما ينجز هو رائع، ولكنه أقل من إمكانياته، مما يساهم دومًا في الحصول على سقف الإنتاج الممكن من قِبله كموظف أو عامل، بصرف النظر عن المجال الذي يعمل من خلاله.

سادسًا: المكافأة:

وقد تكون هذه النقطة أهم نقطة، فالموظف أو العامل يعتبر العائد المادي من العمل هو السبب الأهم والرئيسي له للعمل نفسه، فهو في النهاية موظف، ويعمل للحصول على أجر، والمكافأة ربما تكون من أهم الوسائل التي قد تدفعه للعمل بجهد، وللوصول لأقصى درجات العطاء التي يستطيع الوصول إليها، ومن الأفضل أن تكون هذه المكافأة علنية، وعلى رؤوس الأشهاد مع ذكر السبب الذي دفع الإدارة إلى مكافأة هذا الموظف دون غيره، كدافع لبقية الموظفين للعمل وبذل الجهد للحصول على مكافأة مماثلة للتي حصل عليها.

هكذا وبتحقيق النقاط السابقة نعتقد أننا نستطيع الحصول على أقصى ما يمكن أن يعطيه الموظف والعامل، ونكون قد استثمرنا وجوده وعمله كركيزة من ركائز استثمارنا ككل.