غـزة الفيصل
العراق
همسة
بين الحلم واليقظة فتحت عينيها بتعب ورغبة النهوض من سريرها، بل كابوسها الذي لا يُؤخره سوى الضياع.. "هل أنهض"؟
تجولت عيناها في تلك الغرفة، تلك الساعة المعلقة في غرفتها أم عمرها بدأت تك تك، جلست على حافة السرير، وأنزلت ذلك (الشيء الوحيد المتبقي من طفولتها) قدميها الصغيرتين، بقوة تناثرت خصلات شعرها فوق وجهها الرقيق، ولأول مرة تشعر بالدماء تتدفق في شريانها حياة.
اتجهت إلى النافذة وبنعومة أصابعها لامست الستار، والستار بـدوره انصاع لها بابتسامة مكشرة تكشف عن نهار باهت مصفر كاصفرار أسنانها من «السكاكر»، عفوا السجائر، أو الاثنان معا، «أين الشمس»؟
وقفت أمام المرآة تضع بعض الكريمات وصففت شعرها، ولــكن مهلا بدت لها ملامحها تتغير، تجاهلت ما رأت.. «أين القهوة»؟
جلست على أريكتها، امرأة تسكنها طفلة، أضاعت دربها في أول خطوة، بينما التهم الذئب خلسة براءتها، والسنون تمضي هدرا، «كفى دعي عنك تلك الغلطة عفوا الطفلة»، واشربي تلك القهوة.
هي على موعد مع صديقتها..”همسة”، لتناول الفطور في إحدى مقاهي الغربة، وبكل الأحوال ستقنعها للبقاء وتناول الفطور معها في البيت «كفاني هلوسة»، وضعت الفنجان على الطاولة التي أمامها، ووقع نظرها على (هاتفها)، تناولته لكي تتصل بـ”همسة” وأحست فجأة بـفراغِ صامت مخيف، نظرت إلى فنجان القهوة أمامها قلبته مرة أخرى لتقرأ المستقبل، وأخافها ما رأت في تلك القهوة، للغابة بوابة خروج شائكة تحيطها الوحوش، لم ترها من قبل!! وطفلة أم امرأة ثوبها ممزق تشق طريقها خارج غابته، وجهها مألوف نوعا ما! يشبه همسة، قفزت من فوق الكنبة ورمت الفنجان أرضا فتساقطت أشلاؤه كسقوط أشلاء تلك الطفلة في فك الذئب أول مرة، ورن الهاتف فجأة، قالها المتصل بلحظة وببرودة محترف قتل الجملة، فركضت إلى الحمام تضرب ذلك الماء البارد على وجهها لطما أو فزعا، ومابين المرأة والمرآة أحست بيديه تهزها بعنف، “استيقظي.. استيقظي”، قفزت من ذلك السرير بنفس تلك القوة، وخصلات شعرها تناثرت فوق وجهها المخذول، وابتسم لها مكشرا عن أنيابه.