يتحسس بعض الفضلاء، ومدعو «الرُقي» من تناول البول، بوصفه من الأشياء التي لا ينبغي الحديث عنها ومنها.
ولكن هذا التحسس ليس له مكان من إعراب جملة الحياء والخجل؛ لأن هذه مادة بشرية يمارسها كل الأسوياء، وتطرح نفسها على كل الجوانب.
ففي الجانب الطبي هناك قسم المسالك البولية وفي جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 17/2/2005م يقول طبيب سعودي: إن 30 % من السعوديات يشتكين من سلس البول «وهو عدم القدرة على التحكم في البول»، وفي شأن آخر يحرص الرجال على تناول البقول التي تساعد على «در البول وانسيابه»!
وفي الشأن الأدبي يقول الشاعر المهم محمد الماغوط: إن الشاعر العملاق سعيد عقل كان يغضب من رائحة البول في القصيدة، قلت له: حتى البول والبراز يمكن أن تكون كلمة شاعرية، ولكن كيف تستخدمها، فقال سعيد عقل: معك حق!
وفي عالم الطفولة هناك التبول اللاإرادي الناتج عن أسباب كثيرة لعل أهمها الخوف،
ولا أخفي سراً أنني عانيت من هذا «البول اللاإرادي» عندما كنت طفلاً في المهد صبيا!
وفي عالم المُثل والأخلاق يقول الحكماء: «من يشرب من النهر لا يبول فيه»!
وفي عالم الطرائف والدعابة، تروي كتب التراث أن أعرابياً حضر مجلس قوم كانوا يتذاكرون قيام الليل، فقيل له: هل تقوم الليل يا أخا العرب؟
قال: نعم. قالوا: فما تصنع؟
قال: أبول وأرجع إلى النوم!
ومن الجدل الذي يفرض نفسه هنا في بريطانيا، أن كثيراً من المنتسبين إلى الإسلام يتحسسون أو لنقل يتجنبون، ما يُعرف بــ«المبولة» أو الحمام المعلق وهي فتحة تُوضع
في الجدار، يستخدمها المتبول وهو واقف؛ الأمر الذي يطرح سؤالاً عن حكم التبول واقفاً!
وقد اضطررت إلى الرجوع لمصادري؛ لأخذ العلم من منابعه، فعثرت على سؤال طُرح على أحد أعضاء هيئة كبار العلماء، يقول فيه السائل: «هل يجوز أن يبول الإنسان واقفاً؟ علماً بأنه لا يأتي الجسم والثوب شيءٌ من ذلك»! وكان الجواب ما يلي: «لا حرج في البول قائماً، ولا سيّما عند الحاجة إليه إذا كان المكان مستوراً، لا يرى فيه أحد عورة البائل، ولا يناله شيءٌ من رشاش لما ثبت عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: «انتهى إلى سِباطة –أي حائط- قوم فبال قائماً»، ولكن الأفضل البول عن جلوس؛ لأن هذا هو الغالب، وأسترُ للعورة، وأبعدُ عن الإصابة بشيءٍ من رشاش البول»!
وفي سؤال آخر يقول أحدهم: «يوجد لدينا في العمل، وعلى حائط داخل دورة المياه ما يُسمى (الحمام المعلق)» يأتي إليه بعض الأخوان الذين يلبسون البنطلونات، ويبول
الواحد منهم وهو واقف، وفي يوم من الأيام نصحت شخصاً، فقال: إن الرسول صلى الله
عليه وسلم لم ينه عن ذلك، أرجو النصح والإرشاد.. وكان الجواب يقول: «يجوز للشخص البول وهو واقف إذا تحرز من رشاش البول على بدنه وثيابه؛ لا سيما إذا كان يحتاج إلى ذلك لضيق ملابسه، أو لآفة في جسمه إلا أنه يكره من غير حاجة»!
ماذا بقي؟
بقي القول: «لا حياء في الدين»، ويا معشر الفضلاء تأكدوا أن الزيادة والمبالغة في الأدب تدل على قلة الأدب!