المفكر الإسلامي والخبير البيئي مجدي الشرقاوي: تجاوزنا كل الخطوط الحمراء في التعامل مع البيئة

تفاقم المشكلات البيئية في العالم أجمع، وما ترتب عليها من مخاطر تهدد كل الكائنات على السواء أصبح من الأمور الملحة التي تحتاج لوقفة جادة، وتستوجب من الجميع المشاركة الفاعلة، وقد أمرنا ديننا الإسلامي القويم بالمحافظة على البيئة، وهذه المحافظة في مصلحة الفرد والمجتمع، وفي هذا السياق التقت «سيدتي» مع المفكر الإسلامي الدكتور مجدي الشرقاوي رئيس جمعية البيئة العربية وأمين عام مساعد الاتحاد العربي لحماية البيئة، على هامش ندوة دولية «حول الرؤية الإسلامية في البيئة؛ لإنقاذ كوكب الأرض»، والتي عقدت بمكتبة الإسكندرية.

 

 كمفكر إسلامي وخبير بيئي كيف ترى واقع البيئة في المنطقة العربية؟

أصبحت البيئة اليوم هي محل اهتمام البشر في كافة أنحاء العالم حكومات وشعوبًا،  نظراً للخلل الذي أحدثته الحضارة الحديثة من دمار وفساد على المستوى المادي من تلوث الماء والهواء والغذاء والأرض، أو على المستوى المعنوي من فساد القيم الأخلاقية والمجتمعية والثقافية وضياع لقيم العدل والجمال، ومسخ العنصر البشري، وفقدان التنوع الحيوي؛ مما يهدد بقاء الإنسان على كوكب الأرض. 

وأعتقد أننا نواجه مرحلة طوارئ بيئية؛ نظرا لأن اقتصاديات الكثير من الدول العربية مبنية على الاستغلال المكثف للموارد الطبيعية، والذي أصبح غير قادر على مواجهة الأخطار البيئية التي تتفاقم جراء تداعيات التغيير المناخي، وأجد أخطر المشاكل البيئية التي تواجهنا في المنطقة هي تلوث المياه خاصة في منطقة الخليج العربي، كذلك اعتماد عدد كبير من الدول العربية على أساليب التنمية السريعة، والتي تعتمد على الاستغلال المكثف للموارد الطبيعية، وباستخدام تقنيات الإنتاج الحديثة التي لا تلائم الظروف البيئية؛ مما زاد معدل التدهور البيئي والمشكلات البيئية، والقرآن الكريم دعانا إلى المحافظة على الطبيعة والتمتع بجمالها محرما الإفساد في الأرض، ولكننا للأسف لم نتبع هدى القرآن، وتجاوزنا كل الخطوط الحمراء في التعامل مع البيئة.

يف نحافظ على البيئة من خلال مبادئ الإنسان؟

الخطاب القرآني والهدي النبوي أوليا كل عناصر الكون الرباني من إنسان، حيوان، ونبات اهتمامًا كبيرًا، ووضعا الضوابط؛ للحفاظ على النظم البيئية الربانية، والحفاظ على النسق الجمالي وتشريعه لأحكام الحلال والحرام، وما يترتب عليه من الطاعة أو العصيان لضبط سلوك العنصر البشري مع سائر الكائنات؛ للحفاظ على النسق العام للكون، قال تعالى: «وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ »، وفي هدي رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام القدوة والمثل الأعلى في تحقيق الانسجام والعلاقة الحميمة مع الكون بكل مكوناته، فهو الرحمة المهداة لعالم النبات والحيوان والإنس والجن بل لكل العوالم، مصداقا لقوله تعالى «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ».

 

الإحسان للبيئة

 وكيف يحسن المسلم للبيئة؟

دعانا ديننا الحنيف للمحافظة على البيئة، بقوله تعالى: «وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ»، ومن الإفساد في الأرض  المنهي عنه الأعمال المضرة بالبيئة والثروة الحيوانية كاستئصال الغابات والأحراش وإتلاف المزروعات وتسميم المياه بما يؤدي إلى القضاء على الثروة الحيوانية فيها والإسلام لا يكتفي بتحميل الإنسان، وهو خليفة الله على الأرض، المسؤولية عن حماية البيئة وحفظها، بل يدعوه إلى الاقتراب منها ومصادقتها وإحيائها.

 حدثنا عن قيمة العدل والتوازن البيئي.

ضاع التوازن بين الطموح الإنساني علمياً وتكنولوجياً واقتصادياً وبين حماية البيئة وسلامتها وتحقيق مفاهيم استدامتها، ولابد من التعامل مع الكون وكل الكائنات بمفهوم العدل وعدم إفساد النظم البيئية، فحماية كل الكائنات والحفاظ على طبيعتها وعدم الإخلال بها هو أساس نظام الكون، وتوازن البيئة على أساس عادل.

 وكيف كان سلوك النبي صلى الله عليه وسلم مع البيئة؟

دعانا النبي صلى الله عليه سلم لإعمار الأرض في كل مكان، فهو يقول: «إذا قامت الساعة وكان في يد أحدكم فسيلة فليغرسها»، وكان يدعونا للاهتمام بالنبات، فيقول: «أكرموا عمتكم النخلة»، وغيرها من الأحاديث الشريفة، والتي تحثنا على الاهتمام بالبيئة، وهذا السلوك هو الذي دفع العالمة الهولندية فرنشيسكا دوشاتل بأن تطلق على رسولنا الكريم –صلى الله عليه وسلم- رائد البيئة ودعت كل شعوب العالم من يهود ومجوس ونصارى وعلمانيين وملحدين إلى اتباع هديه؛ لإنقاذ كوكب الأرض، وهاهو المستشار الأمريكي لشؤون البيئة  لمدينة نيويورك يصدر كتابه عن الإسلام «الدين الأخضر»، وهو دين بيئي يحافظ على الطبيعة، رؤية شاملة قائمة على التوحيد الخالص لله تعالى، واحترام وتقديس الأرض كمسجد وطهور ومسؤولية كل الناس عن حمايتها.

 

قوانين البيئة

 هل تعتقد أن الفقهاء أدخلوا البيئة والحفاظ عليها مادة في خطبهم ومواعظهم؟

رغم توافر النصوص والتعاليم والقواعد الإسلامية الصالحة أجد فقهاء الدين الإسلامي قد تأخروا في استنباط وسن القوانين البيئية من الكتاب والسنة، وفي تشكيل فقه بيئي وسن قوانين إسلامية بيئية، كما أجد أنهم تأخروا بشكل كبير في إدخال البيئة كمادة أساسية في خطبهم ومواعظهم، وهذا يتنافى مع حجم وضخامة المشكلة التي نحيا فيها. 

  ما الرؤية الإسلامية للبيئة لإنقاذ كوكب الأرض ووحدة شعوب العالم؟

جاء الإسلام بالوثيقة الأولى؛ للحفاظ على النسق العام للكون، وإدارة الموارد البيئية الطبيعية من خلال مفاهيم التوحيد والخلافة والعمارة والتسخير التي تؤصل النظرة الإنسانية للكون والإنسان والحياة وعلاقة الإنسان بالله والبيئة بمفهومها الشامل، وأركان البيئة في الإسلام ترتكز على عدة محاور منها التوحيد الخالص لله تعالى، والأمانة هي مسؤولية العنصر البشري، كما أن عمارة الأرض سر البيئة في الإسلام، وقد قدم الإسلام منظومة كاملة للكون على أساس عقيدة راسخة في سلوكيات الحفاظ على جميع المخلوقات أصغرها وأعظمها مراعاة لعظمة موجدها ومدبرها، فقيمتها العليا نابعة من تعبدها لله بالتسبيح والسجود.

ويضيف د. مجدي: «لم تحقق المعاهدات الدولية العديدة وقمة الأرض الأولى والثانية أهدافها حتى الآن بل ازدادت التحديات البيئية، وتدهورت النظم الإيكولوجية؛ نظراً لإغفال القيم والمبادئ والأخلاقيات الإيمانية التي تجعل من الضمير هو الرقيب الذي يحترم القانون الإلهي الداعي إلى رحمة الناس أجمعين، قال تعالى: «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ  وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ»، فالأرض مقدسة وطاهرة وحمايتها مسؤولية جميع الناس، ولابد أن تكون حمايتها وتعميرها هو أسلوب حياتنا.

 

التمكين الإنساني

 حدثنا عن مفهوم تسخير الله سبحانه وتعالى البيئة للإنسان

يعني تسخير العناصر البيئية لمصلحة الإنسان أن تكون معاونًا له على رسالته  كخليفة لله في الأرض ونهضته الحضارية وتمكينه الإنساني، والاعتدال هو شرط استثمار موارد البيئة وإمكاناتها والانتفاع بها واستعمالها يجب أن يكون من غير إفراط أو تفريط فيتم بالإحسان لا الطغيان والعدوان.

 ما هي حدود مسؤوليتنا في التعامل مع البيئة أمام الأجيال القادمة...؟

لدينا مسؤولية ضخمة أمام الأجيال القادمة، ويجب أن نعلن ليتنا لٌّ لمجتمع ا ل القادمة... فرفاهية  الإنسان تقتضي المحافظة على البيئة االحيوية وما يتبعها من نظم وتنوع حيوي، والقيم الأخلاقية لا تقتصر على المسؤولية تجاه الأجيال بل المسؤولية أمام الله بالأساس عن الموارد والكائنات، بدءاً من التوجيه النبوي بعدم الإسراف في الماء ولو للوضوء، مروراً بالرحمة الواجبة بالحيوانات التي قد تدخل الجنة، ونقيضها قد يدخل النار-مع تسخيرها للإنسان للأكل والانتفاع- وأخيرًا -وليس آخرًا- بالتواصل مع كل مكونات الكون النباتية بل والجمادات التي يؤمن الإنسان بأنها تسبح لله.

وفي مقابل رؤية الأيدلوجيات للبيئة كدائرة حيوية يجعلها الإسلام أمانة على الإنسان في التعامل معها بمنطق العمارة، والإنسان هنا يحمل قيمًا ربانية، ويستوي في حملها الرجال والنساء؛ وأجد أننا يجب علينا التزام التقوى والعدل والقسط، والرحمة وهي صفة المؤمن وهكذا في كل قضية تندرج تحت نظرية البيئة، تجد لها في خريطة الفكر والفقه الإسلامي موضعًا يرتبط بملامح تلك الخريطة المتأسسة على عقيدة التوحيد لله الأعلى الذي خلق الإنسان.

 ما النصيحة التي تنصحها للبيت المسلم للحفاظ على البيئة كمشروع حضاري؟

لا شك أن قضايا البيئة من أولويات المشروع الحضاري الإسلامي؛ لذلك لابد من تربية الأجيال القادمة على المسؤولية؛ لأنه يترتب علينا واجب أمام الله عن طريقة استخدامنا لخيرات الأرض؛ لذا يجب إدراك أهمية البيئة الصحية السليمة، فيجب أن يكون الأبوان والكبار عامة قدوة للصغار بتعاملهم بإيجابية مع البيئة فلا يسرفوا ولا يلوثوا، وأن نغرس في أنفسهم قيمة النظافة في كل شيء، وأن نعزز في أنفسهم النشاطات البيئية، ونتحدث مع أبنائنا عن ممارسات الإنسان مع البيئة سواء منها الإيجابية أو السلبية والفرق بينهما، كذلك أنصح كل مسلم بعدم الإسراف، وأن يحب البيئة التي يعيش فيها، وهذا الحب سيجعله لا يسيء لها ولا يلوثها.

 

 خدمة مواقيت الصلاة

لتصل رسالة مباشرة الى جوالك بموعد الصلاة في منطقتك

اشتركي معنا في خدمة مواقيت الصلاة

 

مواقيت صلاة حائل ارسلي الرقم  1110 .. مواقيت صلاة الجوف ارسلي الرقم 1111

مواقيت صلاة سكاكا ارسلي الرقم  1112 .. مواقيت صلاة حفر الباطن ارسلي الرقم 1113

مواقيت صلاة الاحساء ارسلي الرقم 1114 .. مواقيت صلاة الخبر ارسلي الرقم 1115

مواقيت صلاة الجبيل ارسلي الرقم 1116 .. مواقيت صلاة المجمعة ارسلي الرقم 1117

مواقيت صلاة نجران ارسلي الرقم 1118 .. مواقيت صلاة جيزان ارسلي الرقم 1119

مواقيت صلاة الرياض ارسلي الرقم 111 .. مواقيت صلاة ينبع ارسلي الرقم 1120

مواقيت صلاة خميس مشيط ارسلي الرقم 1121 .. مواقيت صلاة الطائف ارسلي الرقم 1122

مواقيت صلاة بريدة ارسلي الرقم 112 .. مواقيت صلاة عنيزة ارسلي الرقم 113

مواقيت صلاة الدمام ارسلي الرقم 114 .. مواقيت صلاة ابها ارسلي الرقم 115

مواقيت صلاة تبوك ارسلي الرقم 116 .. مواقيت صلاة مكة ارسلي الرقم 117

مواقيت صلاة المدينة ارسلي الرقم 118 ..  مواقيت صلاة جدة ارسلي الرقم 119