تفيد مجموعة من خبراء التغذية في عيادات "لندن كلينيك" The London Clinicبتقسيم الغذاء إلى أقسام ثلاثة رئيسة، هي: "أغذية الطاقة" التي تعدّ المواد الكربوهيدراتية والدهنية مصدرها الأساس، وتتوافر في الحلويات والزيوت والسمن، و"أغذية بناء الجسم" المتواجدة في "البروتين" النباتي والحيواني كاللحوم والبيض والألبان والأسماك والبقول، و"أغذية الوقاية والحماية" الغنية بالفيتامينات والمعادن.
ويستند الخبراء في تقسيمهم إلى أن المواد الغذائية تختلف في تركيبها لناحية القدرة على توليد الطاقة أو سرعة البناء أو زيادة الوقاية. وثمّة أنواع من الغذاء قد تدفع الطاقة، إمّا إلى أعلى الجسم فتحدث زيادة في الجزء العلوي منه، أو إلى أسفله مؤدّية إلى حدوث زيادة في منطقة الفخذين والوركين والأرداف.
"سيدتي" تطلع من الاستشارية في التغذية العلاجية والحاصلة على دكتوراه في الفلسفة الغذائية الدكتورة رويدا نهاد عبد القادر ادريس على أهمية كل قسم غذائي في مدّ الجسم باحتياجاته من الطاقة والنمو والوقاية.
1- أغذية الطاقة والحرارة
تنتج طاقة حرارية عن بعض أنواع الطعام، أثناء عمليّة الأيض، تمكّن الجسم من الحركة والعمل، مع الاحتفاظ بدرجة حرارته ثابتة. ويرى الخبراء أن عملية احتراق الطعام تتمّ داخل الجسم ببطء شديد وبدرجة حرارة منخفضة نتيجةً لاتحاد الغذاء مع الأوكسجين المنقول عبر الدم، علماً أن المواد الغذائية لا تستعمل جميعها لتوليد الطاقة والحرارة اللازمتين للجسم، فالمواد الكربوهيدراتية والدهنية والبروتينية يؤكسدها الجسم لتوليد الطاقة والحرارة، بينما لا تستعمل الفيتامينات والمعادن في توليد الطاقة إلا أنها ضرورية للصحة والنمو. ويشير الخبراء إلى أن الجسم يظلّ في احتياج دائم للطاقة للقيام بالعمليات المستمرة كحركة القلب والتنفس وحفظ الحرارة والمجهود الحركي. وفي هذا الإطار، يقسّم الباحثون أغذية الطاقة إلى:
أ- المواد الكربوهيدراتية: تمثّل النوع الأول من أغذية الطاقة، وتشمل المواد النشوية والسكرية والتي تنقسم بدورها إلى أقسام ثلاثة، هي:
السكريات الأحادية: تعرف بـ "السكريات البسيطة"، وتمتاز بسهولة امتصاصها من خلال جدران الأمعاء الدقيقة بدون الحاجة إلى تبسيط تركيبها الكيميائي، كما يحدث في السكريات الثنائية والسكريات المتعدّدة، وتشمل: الغلوكوز (سكر العنب) والفركتوز (سكر الفاكهة) والغلاكتوز الذي نحصل عليه بتحليل سكر اللاكتوز (سكر الحليب).
السكريات الثنائية: تتكوّن عبر ارتباط وحدتين من السكريات الأحادية، وتشمل:
"- السكروز" أو سكر القصب: يتكوّن من اتحاد وحدتين من "الفركتوز" و"الغلوكوز"، ويتواجد في قصب السكر والبنجر وغالبية أنواع الفاكهة وعسل النحل.
- "اللاكتوز" أو سكر الحليب: يتكوّن من اتحاد وحدتين من "الغلوكوز" و"الغلاكتوز". وفي هذا الإطار، ينصح خبراء التغذية بإضافته لدى إعداد الحلويات، وذلك لقيمته الغذائية العالية واحتفاظه بدرجة معقولة من حلاوة المذاق.
- "المالتوز" أو سكر الشعير: يتكوّن من وحدتين من "الغلوكوز"، ويتواجد في النشاء.
السكريات المتعدّدة: تتألّف من وحدات عدّة من السكريات الأحادية المترابطة بطرق مختلفة، وتعدّ أكثر أنواع الكربوهيدرات تعقيداً، أبرزها:
- النشاء: يُستخلص من مصادر غذائية عدّة كالحبوب (الأرز والذرة والقمح والشعير) والخضر الجذرية (البطاطا) والبقول (البازيلاء والفول والعدس)، وبعض أنواع الفاكهة (التفاح والموز غير الناضج).
- "الدكسترين": يتواجد في الطبقة الخارجية للأطعمة النشوية عند خبزها في الفرن كالبسكويت والخبز والفطائر.
- "الغليكوجين": مركّب يساعد الجسم على الاحتفاظ بـ "الغلوكوز" الزائد عن حاجته عن طريق تحويله إلى "غليكوجين" وتخزينه في الكبد، كما للجسم القدرة على إعادة تحويله إلى "غلوكوز" عند الحاجة إليه.
- "همي سليلوز": يتواجد في الطبقة الخارجية من النباتات، يمتصّ كميّة كبيرة من الماء في الطعام، ما يعمل على تكبير حجم الكتلة الغذائية التي تنبّه الأمعاء فتسهّل عملية الإخراج، كـ "البكتين" الذي يوجد في قشر التفاح والليمون والبرتقال والمشمش.
فوائد الكربوهيدرات
- توليد الطاقة والحرارة اللازمتين للحركة والعمل، إذ أن كلّ غرام منها يمدّ الجسم ب 4 سعرات حرارية.
- وجودها بكميات كافية يعمل على توفير "البروتين" في الجسم للقيام بعمليات بناء الأنسجة العضلية وتعويض المفقود منه.
- إتمام عملية إحراق الدهون في الجسم، إذ أنه في حال عدم توافر الكربوهيدرات من الغذاء، سيقوم الجسم بإحراق الدهون المستمدة من الطعام للحصول على الطاقة، ما يخلّف أحماضاً وشوادر حرّة تضرّ الجسم.
- تساعد على تنبيه الأمعاء فتسهّل عمليّة التخلّص من الفضلات.
ب- المواد الدهنية: تمثّل النوع الثاني من أغذية الطاقة والحرارة. ويرى باحثو "منظمة الصحة العالمية" أنه قد تختلف نسبة المواد الدهنية في الغذاء تبعاً للعادات الغذائية وطرق الطهي والبيئة والمناخ. وفي هذا الإطار، تدلّ التجارب العلمية الصادرة عن هذه "المنظمة" أن متوسّط ما يتناوله الفرد يومياً من المواد الدهنية في بعض الدول الآسيوية يبلغ 10 غرامات حصراً، وهي كمية ضئيلة للغاية إذا ما قورنت بمتوسّط ما يتناوله الفرد في الولايات المتحدة والتي تتجاوز 30 غراماً من الدهون يومياً. ورغم ذلك، يؤكّد الخبراء عدم ظهور أية أعراض تدلّ على نقص الدهون في طعام الفئة الآسيوية، ويرجع السبب إلى أن كمية بعض الدهون التي يتناولها الجسم ولا يستعملها في توليد الحرارة أو القيام بالمجهود البدني تُخزّن على هيئة شحوم تحت الجلد وفي العضلات، وتقود نحو الإصابة بالسمنة على المدى الطويل.
فوائد الدهون
- إنتاج الطاقة والحرارة، إذ تعتبر الدهون مركز وقود الطاقة في الجسم، وذلك لأن كلّ غرام منها يمدّ الجسم بـ 9 سعرات حرارية.
- مصدر لعدد من الفيتامينات الهامة والأحماض الدهنية الأساسية اللازمة لصحة الجسم.
- يحمي وجودها بعض أعضاء الجسم كالكليتين والكبد، وذلك عبر تكوين طبقة من الدهن حولها تحفظها عند ارتطام الجسم بالأرض أو اصطدامه بشيء صلب.
- يؤكّد الخبراء أن احتواء الطعام على نسبة من الدهون يساعد على بقائه فترة أطول في المعدة، ما يعزّز الشبع ويؤخّر الشعور بالجوع. في هذا الإطار، ينصح الخبراء بتناول اللحم الأحمر قليل الدهن والدجاج والأسماك.
- تحافظ الطبقة الدهنية الموجودة تحت الجلد على حرارة الجسم ونضارة الجلد.
- يساعد الطعام المحتوي على نسبة من الدهون على امتصاص وهضم الغذاء، كما يليّن الأمعاء ما يقلّل من حالات الإصابة بالإمساك.
2- أغذية بناء الجسم
تشمل أغذية بناء الجسم المواد التالية:
- المواد البروتينية: يمثّل "البروتين" مصدراً رئيساً لإمداد الجسم بالوحدات البنائية لتكوين أنسجته وتعويض ما يفقد منها. ويتكوّن من أحماض أمينية يزيد عددها عن عشرين نوعاً توجد بنسب مختلفة. ويوضح خبراء التغذية أنه أثناء هضم المواد البروتينية في الجسم تتحوّل في القناة الهضمية إلى أحماض أمينية يمتصها الجسم ويستعملها في بناء الأنسجة وتعويض التالف منها. ومن جهة أخرى، يؤكّد باحثو "الجمعية الوطنية للعناية الأساسية" NAPC) ( National Association of Primary Care أن هناك أحماضاً أمينية لازمة وضرورية لا يمكن لخلايا الجسم أن تكوّنها من أيّة أحماض أمينية أخرى، ما يوجب الحصول عليها من الغذاء كالأحماض الأمينية الأساسية. وبصورة عامّة، تعدّ البروتينات الموجودة في الأغذية الحيوانية أعلى في قيمتها الغذائية من بروتينات الأغذية النباتية.
فوائد المواد البروتينية
- تبني وتعوّض ما يفقد من أنسجة الجسم. لذا، يجب الاهتمام بتوفيرها بالكميّات الموصى بها خصوصاً في غذاء المراهقين والأطفال والحوامل.
- تعزّز عملية إنتاج الأجسام المضادة في الجسم لمقاومة الفيروسات وتقوية المناعة.
- تحفظ نسبة البروتين طبيعية في بلازما الدم، علماً أن النقص فيها يؤدّي إلى تسرّب السوائل الموجودة في الدم إلى أنسجة الجسم، ما يؤدّي إلى انتفاخها. وتعرف هذه الحالة بـ "أوديما الجوع" أي زيادة نسبة السوائل في الأنسجة نتيجة النقص الشديد في "البروتين".
- توليد الطاقة والحرارة، إذ أنه في حال نقص المواد الكربوهيدراتية والدهنية عن احتياجات الجسم فإن الجسم يستعمل المواد البروتينية في توليد الطاقة، فيمدّ كل غرام من البروتين الجسم بـ 4 سعرات حرارية.
3- أغذية الوقاية
تعدّ الوقاية مرادفاً للفيتامينات التي تشكّل المواد الضرورية للحياة وصحّة الجسم وسلامته.وتنتج أمراض وسوء تغذية عن النقص في الفيتامينات. وفي هذا الإطار، يقسّم باحثو التغذية في "هيئة الغذاء والدواء الأميركية" FDA الفيتامينات إلى قسمين رئيسين، هما:
أ- الفيتامينات التي تحتويها الدهون الحيوانية، أهمها:
- الفيتامين "أ": تشكّل الألبان والزبدة وصفار البيض والأسماك الدهنية أبرز مصادره. ويفيد الخبراء بأنّه يمكن للجسم تحويل "الكاروتين"، وهي المادة الملوّنة الموجودة في النباتات (البندورة والجزر والمشمش والفلفل الأخضر والأحمر) إلى فيتامين "أ" بواسطة أغشية الأمعاء.
- الفيتامين "د": يتواجد في الزبدة والبيض والأسماك ومنتجات الألبان. ومن المؤكّد علمياً أن أشعة الشمس تؤثّر على الطبقة الدهنية الموجودة تحت الجلد، وتحوّلها مادة "الاجسترول" إلى فيتامين "د".
- فيتامين "هـ": يتواجد في غالبية الزيوت النباتية وكبد اللحم وصفار البيض والحليب والمكسرات.
- فيتامين "ك": يتواجد في الدهون والزيوت الحيوانية والنباتية وفول الصويا وبعض أنواع الخضر (الملفوف والبندورة). ويتكوّن هذا الفيتامين في الأمعاء بفعل البكتيريا، لذا نادراً ما ينقص معدّله في الجسم.
ب - الفيتامينات التي تذوب في الماء، وهي:
- مجموعة الفيتامينات "ب": تشتمل على فيتامينات عدّة، لكل منها دور خاص في الجسم، ولكنها توجد وفق النسب عينها تقريباً في غالبية الأطعمة النباتية والحيوانية، كما تعتبر عاملاً مساعداً في عمليات التمثيل الغذائي، وأبرزها: الفيتامين ب1 (الثيامين) والفيتامين ب2 (الريبوفلافين) والنياسين.
- الفيتامين "جـ": هام لسلامة أنسجة الجسم وجدران الشعيرات الدموية ونخاع العظام وتكوين كرات الدم الحمراء وتعزيز مناعة الجسم ضد الأمراض، وخصوصاً نزلات البرد. يتوافر في البرتقال والليمون الحامض والملفوف والبندورة والبقدونس والبطاطس والحبوب والبقول.