تم في تونس منذ سنوات إصدار قانون: «الملكيّة المشتركة بين الزوجين» دعماً للاستقرار الأسري، وللحدّ من المشاكل التي قد تنجم عن التصرّف في الممتلكات بعد الطّلاق، وهذا النظام هو اختياري يصرّح به عند إبرام عقد الزواج أو بتاريخ لاحق، وهكذا أصبح بإمكان العروسين في تونس عند إبرام عقد القران الاختيار بين نظامين اثنين: إمّا أن تكون أملاكهما مشتركة، أو أن يكون لكلّ واحد منهما أملاكه الخاصّة به، وهو نظام يقطع مع الوضع القانوني السّابق المبني على التفرقة المطلقة في الأملاك، وقانون «الملكيّة المشتركة بين الزوجين» يشمل خاصّة العقارات بداية من تاريخ الزّواج ما عدا الهبة والوصيّة والإرث، فما ترثه المرأة من والديها فهو لها وحدها، ونفس الأمر بالنسبة للرجل.
إحصائيّات
وبيّنت الإحصائيّات بالنّسبة لعام واحد سابق أنّ نسبة 55 في المائة من المتزوّجين اختاروا نظام الملكيّة المشتركة في حين أنّ 45 في المائة فضّلوا نظام الفصل في الملكيّة، ولكن في المدّة الأخيرة فإنّ الكفة مالت نحو اختيار نظام الفصل في الملكيّة، ففي خلال عام واحد تبين، على سبيل المثال، بالنسبة لمنطقة واحدة هي تونس العاصمة أن3173 من المتزوّجين اختاروا نظام الفصل في الملكية من ضمن5716 عقدوا قرانهم في المنطقة نفسها، والبقيّة فضّلوا نظام الفصل في الملكيّة.
أسباب الاختيار
ويختلف الاختيار بالنّسبة لنظام الملكيّة بين الأزواج باختلاف المدن والأرياف أحياناً، وباختلاف المستوى الاجتماعي للعائلات المتصاهرة، فالأغنياء يفضّلون عموماً نظام الفصل في الأملاك. تقول أحلام(24 عاماً) وهي من عائلة ثريّة: «إن والدي لم يوافق على مسألة الأملاك المشتركة بين الزوجين، وطلب مني عند عقد قراني اختيار نظام الفصل في الملكية، وهو ما فعلته وقد أخبرت زوجي مسبقاً باختياري حتى يكون على علم، وقد قبل اختياري»، أمّا ساميّة فتقول إنها كانت أميل إلى اختيار نظام الملكية المشتركة، ولكن زوجها وبتأثير من أسرته الثرية اختار نظام الفصل في الملكية فوافقته، ولكنّها في أعماقها لم تكن راضيّة.
الموظّفون
أمّا الموظفون فيميلون إلى اختيار الاشتراك في الملكيّة، خاصة إذا كانت زوجاتهم موظفات وذلك لاعتمادهم على القروض البنكيّة لاقتناء المسكن مثلاً، ويشترك الزوجان في الانتفاع بالقروض البنكية، وبالتالي يشتركان في الأملاك التّي يكسبانها بهذه القروض.
فالاختيار بين الفصل في الملكيّة أو الأملاك المشتركة مرتبط بالوضع الاجتماعي وبالوعي وبالمستوى التعليمي أيضاً، وتتدخل العائلات في بعض الحالات في اختيار الزوجين لنظام دون آخر.
شهادات
ورغم أنّ المشرّع الذّي أراد عند سنّه لهذا القانون حماية المرأة عند طلاقها والأرملة، وضمان حقوقها فما يكتسب بمال الزوج والزوجة معاً من عقارات بعد الزّواج من البديهي أن يكون ملكاً للاثنين، ووفق شهادة امرأة فإنّ هناك حالات مأساوية ذهبت ضحيتها نساء بسبب طيبتهن، وعلى سبيل المثال هناك امرأة طلقها زوجها بعد أن ازدهرت مشاريعه التي ساهمت فيها بمالها، ويوم أصبح ثرياً احتفظ بثمار جهدها وكدها وعنائها ثمّ طلّقها وأخرجها بخفي حنين، ولو اختارت نظام الملكيّة المشتركة لأخذت نصف الأملاك وضمنت حقوقها.
ويقول أحمد ونعيمة - وهما عروسان اختارا نظام الملكيّة المشتركة - أنّهما تزوّجا وفي نيّتهما تقاسم الحلو والمرّ ورغم أهميّة المال والأملاك في حياة الإنسان فإنّ الاشتراك في الملكيّة بين الزوجين أسلم؛ لصيانة الأسر من الهزّات والتصدّع.