ككل عام، تضع «سيدتي» في ميزان النقّاد الأعمال الرمضانية لتقييمها وفقاً لمعايير فنية دقيقة، تكون خلاصة مشاهداتهم من جهة ونقل وجهة نظر المشاهد بها. وإذا كانت آراؤهم كل عام تجمع على تصدّر أعمال ونجوم المراتب الأولى، فالمسلسلات المهمة قد تكون شبه غائبة هذا الموسم، لإجماعهم على عدم وجود أعمال قوية، لا بل أتى بعض الأعمال برأيهم مخيّباً للآمال بالإضافة لسقوط نجوم في فخ التكرار والملل. فهل ستتطابق آراؤهم ونتائج استفتاء «سيدتي» لمسلسلات رمضان 2011 التي ستظهر قريباً من اختيار القراء؟
المركز الأول
الصحافي السعودي طلال عبد الله (رئيس القسم الفني بجريدة «الرياضي») يؤكّد أن مسلسل السيرة الذاتية الذي استقطب اهتمامه هو «الحسن والحسين». ويضيف قائلاً: «أعتقد أنه استقطب الكثير من المشاهدين، لأن القضية شائكة جداً، وقد أثار العمل من قبل عرضه العديد من الآراء، وهذا العمل يكشف الكثير من الأمور التي قد يجهلها الناس. العديد من أعمال السير لم ينجح لأنها ظاهرة باتت مستهلكة، فمسلسلا «الشحرورة» و«في حضرة الغياب» وغيرهما من الأعمال لم تحصد نسبة مشاهدة عالية، حيث أن الناس بدأوا يملّون هذه المسلسلات.
وأتوقّع أن يكون مسلسل «بو كريم في رقبته سبع حريم» الأقرب لحصد اللقب في استفتاء «سيدتي» هذا العام يليه مسلسلا «فرصة ثانية» لسعاد عبد الله و«الجليب» لحياة الفهد، لأن جميع هذه الأعمال تستحقّ التنافس على المركز الأول، ففيها الأداء عالٍ ومتقن، وقوة إنتاجية ضخمة، وأسماء تستحق أن تحصد اللقب. أما الذين أراهم تألّقوا في أدوارهم فهم الممثلون: السعودي فايز المالكي وسعد الفرج وحياة الفهد وسعاد عبد الله وتيم حسن. بينما جاء مسلسل «قول في الثمانيات» مخيّباً للآمال والتوقّعات، والذين تراجعوا هم: هدى حسين وحبيب الحبيب وفهد الحيّان وجمال سليمان.
خطايا درامية
قال الكاتب الصحفي والسيناريست المصري وائل عبدالحميد: «الإنتاج الدرامي المصري في رمضان هذا العام هو الأقل في مثل هذا الموسم منذ أكثر من 10 أعوام. وبشكل عام، ليس هناك أي تجديد على مستوى الكتابة أو الأداء التمثيلي، وهو أمر متوقّع نظراً لظروف الثورة المصرية بالنسبة للكمّ، ولكن الكيف هو التساؤل الأهم. وهناك بعض الأعمال حاولت إقحام الثورة في الدراما ومنها مسلسل «آدم»، حيث لم يتقبّل الجمهور أن يتحدّث بطل العمل تامر حسني عن الثورة وهو الذي تمّ طرده من ميدان التحرير خلال الثورة. وأوضح أن غادة عبدالرازق في «سمارة» كانت نمطية جداً وملّ الجمهور من تكرارها والتعرّي الذي لم يعد مقبولاً في رمضان، بخلاف موقفها المعادي للثورة وحملات المقاطعة لمسلسلها، مشدّداً على أن الجمهور لم يتقبّل «الدالي3» لأن الجزء الثاني عرض منذ 3 سنوات، ولم يعاد عرضه قبل رمضان، كما أنه لم يلامس الثورة حيث صوّر منذ سنتين.
واعتبر أن هناك عدّة «خطايا درامية» هذا العام، ومنها تجسيد خالد صالح لدور شاب في «الريان» وتجسيد كارول سماحة لدور صباح وعمرها 16 عاماً في «الشحرورة» وعدم تجاوز جمال سليمان لحاجز اللهجة المصرية في خامس أعماله بمصر «الشوارع الخلفية»، وهو ما يعدّ فشلاً وعدم انسجام تيم حسن مع الممثلين المصريين في «عابد كرمان». وأشاد عبدالحميد بأداء خالد الصاوي في «خاتم سليمان» معتبراً أنه الأفضل في رمضان بجانب يوسف الشريف وأحمد صفوت وهيثم زكي.
أعمال مميّزة قليلة
قال الكاتب الصحفي الكويتي نايف الشمري: «الأعمال الخليجية المميّزة هذا العام قليلة جداً، ومنها «الملكة» الذي تضمّن فكرة جديدة وموضوعاً جديداً خارج السياق الدرامي الخليجي، وساعد على ذلك اللغط الذي أثير حول العمل قبل رمضان وبعد عرضه، لما قيل عن أنه تجسيد لقصة حياة المطربة الإماراتية أحلام دون إذن منها.
وأوضح أن عملي النجمتين سعاد عبدالله وحياة الفهد لم يشهدا أي تجديد عن أعمالهما السابقة سواء في الطرح أو الكتابة أو التمثيل والمستوى الفني بشكل عام، حيث قدّمتا الأدوار ذاتها، وكذلك لم يظهر النجم عبدالعزيز الجاسم بمستواه المعروف ولم يتمكّن من جذب الجمهور كعادته في مسلسل «فرصة ثانية».
وأكد الشمري أن هناك العديد من الأسماء الشابة التي برزت خلال رمضان ومنها الممثلة شهد التي ظهرت في 3 أعمال وأيضاً الممثلة حلا، فيما لا توجد أسماء ذكورية شابة لمعت بالموسم الرمضاني.
بين التهريج والتراجع
أشار الناقد الفني السوري أحمد خيري إلى غياب الأفكار الجديدة عن أغلب الأعمال السورية رمضان هذا العام، موضحاً أن أغلبها يدور في إطار أجزاء جديدة لأعمال نجحت سابقاً أو إعادة لأعمال أخرى بمسمّيات جديدة، مؤكداً أن الأعمال الكوميدية راوحت مكانها بشكل عام مع تقدّم طفيف لبعض المسلسلات ومنها «خربة» واستثمار نجاح «ضيعة ضايعة» في مسلسل «صايعين ضايعين». أما «يوميات مدير عام 2» فلم يقدّم جديداً حتى على مستوى «القفشات» والمقالب أو المستوى الفني والتمثيل.
واعتبر خيري أن «العشق الحرام» محاكاة للأعمال التركية من خلال معالجة موضوعات هي «تابوه» في الدراما العربية مثل علاقة عاطفية بين أب وابنة بالتبنّي. وأضاف: «بصورة عامة، المسلسلات الاجتماعية السورية حافظت على مستوى جيد مثل «السراب» و«الغفران» للمخرج حاتم علي، منتقداً مسلسل «في حضرة الغياب» خاصة وأن محمود درويش الشاعر توفّي قريباً ولا زال حضوره طاغياً بالمشهد الثقافي. ولم يحاكِ كاريزما درويش التي ظهرت بشكل باهت مع أداء تمثيلي سيّئ للفنان فراس ابراهيم». كما انتقد مسلسل «صايعين ضايعين» الذي استهتر بالمشاهد وحاول استغلال وجود ممثلين سوريين ومصريين ولبنانيين، معتبراً أنه سيّئ جداً وتهريج كبير.
وبالنسبة للنجوم، فقد أوضح خيري أن عدداً منهم تراجع مستواه الفني ومنهم أيمن زيدان، موضحاً أن باسل خياط وسلافة معمار ظهرا بمستوى جيد جداً.
أشفقت على المسلسل
رسمي محاسنة ناقد سينمائي وتلفزيوني أردني قال: «أول عمل سيرة ذاتية جذبني وشدّ اهتمامي بشكل كبير هو «في حضرة الغياب»، لأنه يدور حول شاعر عربي مهم، حفر بصمته الثقافية في وجدان وعقل كل مثقّف ومفكّر عربي. فتابعت من باب الفضول والشغف الإنساني حلقاته الأولى لمعرفة مدى تطابقه مع صورة الشاعر الشخصية خاصةً وأني حظيت بمعرفته شخصياً خلال إقامته الطويلة في عمان، والتقيته مرّات عدة خلال إحيائه أمسيات شعرية في مهرجان جرش للثقافة والفنون، ومن بداية مشاهدتي، أشفقت على هذا المسلسل لأنه مهما كان منفّذاً بصورة محكمة درامياً، فلن يرقى إلى مستوى ما هو موجود ومتخيّل وثابت ومحفور في وجدان وذاكرة المشاهد العادي عن شاعرهم، فما بالك بالمحفور بقوة في وجدان المشاهد المثقف الذي يعرفه جيداً بكل تفاصيله حتى اليومية منها والدقيقة؟ فمحمود درويش قامة ثقافية ما زال تأثيرها حاضراً بقوة في الثقافة العربية، وصورته الشعرية والإنسانية محفورة في وجدان القارئ العربي وتكرّست من فترة السبعينيات لليوم، فكيف لأحد أن ينساها ويصدّق أن محمود درويش في هذا العمل هو نفسه الشاعر محمود درويش؟
وأتوقع من الآن تصدّر عدّة مسلسلات استفتاء مجلة «سيدتي» الدرامي السنوي لعام 2011 وعلى رأسها: «الريان» بطولة خالد صالح لأنه بأحداثه وروعة أداء خالد صالح، جاء متقناً فنياً إلى حدّ كبير. وربما يفوز أيضاً المسلسل التاريخي «الحسن والحسين» لكن ليس جرّاء أسباب درامية من العمل نفسه، ولكن لأسباب مذهبية، وأيضاً مسلسل البيئة الشامية «الزعيم» لاتّكائه على إرث البيئة الشامية الذي كرّسه مسلسل «باب الحارة» بأجزائه الخمسة، وأراهن على فوز المخرجة رشا شربتجي بمسلسلها الجريء الذي قدمته هذا العام «الولادة من الخاصرة» لأنها متمكّنة، وتحسن اختيار نصوصها المعاصرة الواقعية.
وبالطبع برز كثير من النجوم هذا العام وعلى رأسهم الفنان المصري خالد صالح الذي أصبح «غول» الشاشة المصرية متفوّقاً على النجوم الكبار، والفنان السوري عابد فهد الذي نجح بإمساك شخصية الضابط رؤوف في مسلسل «الولادة من الخاصرة»، والنجم الأردني إياد نصار الذي قدم الضابط بأداء جديد من نوعه ومتمكّن في مسلسل «المواطن x» والأردنية صبا مبارك لتقديمها شخصية مخالفة لطبيعة شخصيتها الحقيقية في مسلسل «الزعيم»، والسورية سلاف فواخرجي التي أرى أنها بذلت مجهوداً كبيراً لتقديم دور مركّب نفسياً في المسلسل الجريء «الولادة من الخاصرة»، والممثلة الأردنية الصاعدة ركين سيلاوي التي تسير بخطوات فنية ثابتة وذكية وأتوقع لها مستقبلاً جيداً إن واصلت تقدّمها على غرار إطلالتها في مسلسلي: «القدس» و«بيارق العربا».
وخاب أملي إلى حد كبير بمسلسل «في حضرة الغياب» وأيضاَ بأول مسلسل درامي للفنان تامر حسني "آدم".
وفي رمضان 2011، تراجع عدد كبير من النجوم على رأسهم الفنان نور الشريف الذي لم يكن عليه أن يوافق على تقديم جزء ثالث من مسلسله «الدالي» الذي استهلك، وغادة عبد الرازق وسمية الخشاب.
وما شاهدته لليوم من أعمال الممثلة سلافة معمار والممثل المبدع بسام كوسا يجعلني أقول إنهما ليسا في نفس مستوى العام الماضي".
ماذا قال الناقد الفني السوري ماهر جلو والكاتب الصحفي السعودي عبدالرحمن الناصر والصحفي الفني السعودي مشعل العنزي والناقدة المصرية ماجدة خير الله والناقدة المصرية ماجدة موريس وغيرهم في مجلة سيدتي في المكتبات