أجمل ما في الطبيعة أنها تذكرنا دائما أن النقاء هو الأًصل، وأن العفوية وصفة بسيطة تفتح الأبواب وتصل إلى الداخل مباشرة. هذه الجبال التي ترتدي هذا البساط الأخضر لم يكن لبشر فضل فيها، بل هي هدية نتمتع بها ونتعلم منها. وهذه البحيرات التي ترينا عظمة الخالق في بناء هذا الكون، تدهشنا بهذه التفاصيل والدقة المتناهية. الطبيعة تعلمنا أننا متشابهون كبشر، وأن القواسم المشتركة أكثر من الفروقات. ويبقى الأشخاص المتصنعون الذين هم عالة ليسوا فقط علينا، بل حتى على أنفسهم.
ما من شي يصل إلى القلب مباشرة إلا ويكون صادرا من القلب. وأنت كالطبيعة، نقاء كالسماء الصافية، وإيثار مثل عطاء الأنهار التي تصب خيراتها في المحيطات دون مقابل. أنت والطبيعة تتشابهان ، فهي جاذبة في ملامحها ومريحة في النظر إليها، وأنت حالة جمالية منفردة، وأريحية تجعل الكون يستلقي بين يديك خجلا.
الطبيعة تعلمنا أن نعود إلى أصولنا، أن نكتشف الإنسان في داخلنا. حينما يسكب السحاب لونه الأبيض على سفوح الجبال، وتلتقي في نقطة مع مياه البحيرات، ويغازلها اللون الأخضر من كل صوب، فيما تحاول الزهور تسجيل بصمتها الحمراء، ولو على استحياء. تداخل عجيب يبدو للوهلة الأولى أنه فوضوي، لكنها الفوضى الخلاقة، التي تجعل من عشوائية التداخل، صورة محكمة للإبداع المتقن.
هناك أشخاص يأخذون من الطبيعة حنانها، لهم وهجهم الذي لا يخفت حتى تحت زحمة الأضواء، أشخاص أكبر من مساحة المكان، وأعمق من مدى الزمن. نتعلم منهم كيف يبثون الفرح في أي مكان يحلون فيه، وكيف حينما يتسامحون يشعروننا أننا نحن أصحاب الفضل. ولذلك كم أنا محظوظ بك. فحينما ترتبك خطواتي وتتوه للحظة اتجاهاتي، تمر صورتك في خيالي فأستعيد توازني وهدوئي. حينما نحتضن السعادة لا ننشغل بالتفاصيل الصغيرة. حقيقة اكتشفتها بالممارسة. أمتن لك كثيرا ليس فقط لأنك جعلتني أحب الحياة، بل أيضا لأكتشف جمال الطبيعة وسر البساطة.
اليوم الثامن:
القصور مهما تجملت وكبرت
بدون من نحب مساحات فارغة
والزاويا الصغيرة مع من نحب
فضاء شاسع ليس له حدود ...