سؤال.. لو فرضنا أنَّ هناك من رغب بالزواج من امرأة تفوقه علمًا ومالاً ومكانة اجتماعيَّة، ورضي أن يكون في الوضع الأقل، وأن يعيش في الظل وينتسب لزوجته، فسيقولون عنه زوج فلانة. تُرى هل سيكون سعيدًا وراضيًا؟ من وجهة نظري لا أعتقد، ومن عاش سعيدًا بهذه الحياة أظن أنَّ له احتياجات نفسيَّة تتعلق بطفولته وتربيته ويكون بحاجة لامرأة أقوى منه لتحتويه. سؤال آخر. . ولو افترضنا أنَّ الرجل تزوج بامرأة عاديَّة، ثم مع مرور الوقت تفوقت عليه في علمها وعملها ومكانتها وثقافتها، وهو ظل ثابتًا ولم يتقدم لظروف قد تكون بإرادته أو من غير إراداته. بالتأكيد سيشعر بضعفه، وقد يغار من نجاحها ويحاول الحدّ من طموحها، ويحدث خلل في العلاقة وبعدها خلل في المشاعر، وبالتالي سيبتعدان نفسيًا وجسديًا، خاصة لو تعالت زوجته عليه، مما يؤدي إلى انهيار العلاقة.
حقيقة أنَّ هناك بعض الزوجات قد تتعالى على زوجها وتسيء معاملته، وهناك من يرفض هذا الوضع ولا يتقبله، لكن ليس لديه القدرة بأن يطلب منها أن تتنازل عن نجاحها أو تتخلى عن مركزها الذي حققته بجهدها ونشاطها وذكائها، وبالتالي نجده يمارس صلاحيته كزوج، ويحاول كسرها، علمًا بأنَّ هذه العدوانيَّة تؤثر سلبًا على علاقتهما وعلى الأبناء، وتصبح هناك حالة من الفوضى النفسيَّة، فبقدر ابتعادها وانشغالها عن زوجها، بقدر ما سينشغل ويبتعد عنها، وربما يصل لمرحلة الانفصال أو الطلاق، فما الذي يمنع أن تحتفظ الزوجة بزوجها وبنجاحها في وقت واحد؛ لكي تعيش حياة أسريَّة مستقرة وهادئة، وألا تتعالى على زوجها مهما بلغت من مكانة، ولا تنسى فضله عليها، وأنَّه من أهم أسباب تفوقها؟ ! فهو قد تغاضى عن تقصيرها وبعدها عنه وعن المنزل وعن الأبناء، ووفر لها أسباب الراحة لتنجح، فلولا مساندته لها لما وصلت إلى ما وصلت إليه، فالله سبحانه وتعالى فضّل المرأة في أشياء، وفضّل الرجل في أشياء أخرى؛ ليتكامل كل منهما مع الآخر، فلا وجود لشعور النقص أو التعارض بين دورهما، وأن يشعر كل منهما بالاحتياج الطبيعي للآخر، فلا معنى للحياة لأي طرف أن يعيش وحيدًا، بل تكتمل سعادته ورضاه مع سعادة الآخر ورضاه، وهذا هو معنى الزواج، لا أحد أفضل من أحد، كل طرف يحترم الآخر ويحتاج له، فالاثنان متساويان متكاملان في كيان واحد، والمجتمع لن يستطيع الاستغناء عن عمل المرأة، وعملها ضرورة لا بد منها، ومحاولة التوفيق واجب عليها، وعلى كل من حولها مساعدتها في عمل توازن وتوزيع المسؤوليات، فإذا وجدت المرأة الرجل المناسب الذي يشجعها ويدعمها، أو كانت تعيش داخل أسرة متفهمة، سيكون ذلك عاملاً مهمًا على النجاح في الدورين معًا، هذا لو كانت واعية ومتفهمة لأدوارها، ومن التدعيمات الفاعلة أن تشارك الموظفة ولو بجزء من راتبها في تحمل مسؤوليَّة البيت، لكن لا ينبغي أن يكون ذلك بتحايل الزوج على زوجته، أو أن يستغلها ليستولي على راتبها، فالمرأة في الإسلام لها ذمة مستقلة عن زوجها، ولها مطلق الحريَّة أن تتصرف في مالها كما تشاء.