الصديق وقت الضيق والارتياح في صحبته شيء لا يخفى على بشر، ولكن لماذا يتحول في السفر إلى سبب للضيق والكدر والشعور بأنه شخص جديد لا نعرفه؟ وبماذا نفسر وجود صلة قوية بين الأصدقاء وأثناء السفر تحدث خلافات ومشاحنات؟ وكيف نتعامل حتى نكمل الرحلة بسلام؟ العديد من الأمور نبرزها في تحقيقنا الآتي:
تقول سارة المدني، موظفة في إدارة الجودة بإحدى شركات التأمين، وتذكرت رحلتها مع بعض من قريباتها وصديقاتها إلى دبي قبل خمس سنوات تقريباً، ومشكلتها كانت هي عدم التزامهن بالوقت المحدد للاستيقاظ في الصباح لاستغلال اليوم كاملاً على عكسها تماماً، فهي تستيقظ باكراً؛ للتسوق أو غيره من الأنشطة، وهذا ما سبب الغضب، وأضافت: "لهذا السبب أفضل السفر مع من يقدر الوقت، ويكون نفس ذائقتي وأن لا يعكر مزاجي بالتأخر في الخروج من الفندق، أما تجربتي مع زوجي فهو يماثل شخصيتي، وهذا يقلل المشاكل ونكد السفر، ويجعلنا نستمتع بالسفر على عكس صديقات من عائلتي ليس لديهن هدف محدد في السفر، لذلك رفيق السفر من المهم جداً أن يكون قريباً من ذوقك، وإلا سينقلب السفر إلى مشاكل وعدم تفهم.
• سفرة غريبة وغير مريحة
وشاركنا يزيد الغريبي «شريك في إحدى الشركات الناشئة» تجربته في السفر، وبدأ حديثه بمثل يقال في الخليج «تبي تعرف خويك سافر معه»، ذاكراً أن هذا المثل ينطبق على تجربته تماماً مع صديقه الذي تربطه به علاقة قوية على أرض الواقع، حيث جمعتهما أمور كثيرة مشتركة، وذات مرة قررا السفر إلى إحدى دول الخليج لكسر الروتين، وأضاف: كانت تجربة غريبة واكتشفنا أن لكل منا طريقة مختلفة للترفيه عن النفس، فحبي للتصوير في السفر وزيارة المتاحف غير موجود عند صديقي، واهتماماته لا تشدني أبداً، وأصبح كل منا لا يريد السفر مع الآخر، هذه التجربة علمتني أن السفرة حتى تكون نعمة لا نقمة يجب الاتفاق على الجو العام للرحلة مسبقاً.
• أشياء بسيط ومزعجة
نجود اليوسف «طبيبة أسنان» تحكي لنا قصتها مع صديقاتها قائلة "نحن عادة نسافر ثلاث بنات، ولكن هذه المرة زدنا العدد حتى وصل إلى عشر بنات نسكن مع بعضنا البعض، وأثناء السفر أصبح هناك تضارب في الأفكار وكل واحدة مزاجها مختلف، فعندما تكبر المجموعة تكثر المشاكل وتختلف الآراء، وتحدث المشاكل بيننا، وتجعل الشخص عصبياً، وهذه الخلافات أوجدت حساسية بين بعضنا البعض، وبعد ذلك لم نكرر السفر أبداً مع بعضنا البعض، وحتى نكمل الرحلة على خير قسمنا بعضنا إلى مجموعات، وكل مجموعة تذهب إلى مكان معين؛ لأن الهدف من السفر الفرح والانبساط وليس كما حدث معنا.
• استثمار الصداقة
ثامر الغريبي «مدير التسويق الحاصل على الماجستير من لندن» تجربته كانت موفقة مع صديقه الذي جمعتهما سفرة دراسة وسياحة، وسرد قصته ذاكراً أنه تعرف على صديقة في البداية عن طريق الإنترنت، وتوالت السنوات في معرفتهما حتى استشاره زميله ونصحه ثامر بأن يدخل الأكاديمية التي دخل بها وجمعتهما صدفة نفس المدينة والأكاديمية، وقويت بينهما العلاقة، وأضاف: "السفر يعطيك العديد من التجارب ومعرفة حقيقية بطباع الناس أو الأصدقاء، واستمرت صداقتنا حتى بعد أن عدنا إلى الرياض، وتوالت سفرات السياحة مع بعضنا؛ لأن صديق السفر تكسبه في جميع الأحوال، فهو ليس فقط صديقاً، بل إنه صديق غربة".
• اختلاف جذري
فاطمة محمد الأمين «صحافية» قالت: السفر سمي سفراً؛ لأنه يسفر أو يكشف عن الوجه الآخر للشخصية، وفي سفري مع صديقات لي وجدت اختلافاً في الشخصية والاهتمامات، وللأسف كان لابد أن نكمل الرحلة؛ لأننا لسنا في رحلة داخل المدينة وكل واحد يستطيع أن يرجع إلى بيته، فواحدة لم تجعل ميزانية للمواصلات في الرحلة، وأخرى تريد التسوق، كما حدث اختلاف على مستوى المطاعم التي تفوق ميزانية البعض، لذلك لا أظن أنني سأسافر بهذه الطريقة".
• لن نسافر مجدداً
نجوان عبدالمحسن دسوقي «مسؤولة إدارية في الأمم المتحدة» تحدثت عن سفرها مع صديقاتها إلى إسطنبول، حيث حدث اختلاف في وجهات النظر وفي الاتجاهات بين من يريد زيارة أماكن سياحية أو التسوق وحدث شد؛ لأن من الصعب أن يُفرض رأي على المجموعة كلها، وكنت أحاول أن نتغاضى عما يحدث ليكتمل السفر، ولكن لا أفضل أبداً السفر معهن مجدداً.
• احترام آراء الآخرين
أخصائية التغذية العلاجية غدير حمدان السوسي، حدثتناعن تجربة على الصعيد الشخصي وأخرى في سفر عمل، حيث حدثت مشاحنات بين الأصدقاء في السفر وكانت مجموعة كبيرة، وقد تجنبت الرد حتى لا تغضب باقي الأطراف؛ وفي العمل مع مجموعة شكت لها إحدى الفتيات انتقادهن ملابسها وأصلحت فيما بينهن، وقالت: يجب أن يحترم كل شخص ذوق الآخر ولا يسبب له أي جرح أو إهانة.
• الرأي الاجتماعي
فسر لنا الأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن علي الغريب، بروفسور التغير الاجتماعي والثقافي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ما يحدث بين الأصدقاء في السفر أن الصداقة ليست ترفاً، بل هي حاجة للإنسان، وللأسف الصداقة حالياً ليست بالمفهوم الحقيقي، بل لقاء للترفيه أكثر منه صداقة حقيقية ومشاركة بين طرفين، ودائماً المعرفة الحقيقية للصديق تحدث في السفر، فالسفر هو الاغتراب الذي يبين معادن الزملاء والأصدقاء وعلاقتهم الحقيقية بين بعضهم البعض، لذلك نجد الكثيرين يخسرون صداقاتهم بمجرد سفرهم لاختلاف الميول أو الآراء والاهتمامات، لذلك يجب عند سفر الأصدقاء أن يتولى شخص قيادة المجموعة حتى لا تحدث خلافات ويعودون أكثر عداوة وليس صداقة فيما بينهم، ويجب التخطيط للسفر مالياً وسياحياً وزمنياً، ويجب التوافق في الميول والاهتمامات ووجود برنامج مسبق للرحلة ومتفق عليه يوافق رغبات الجميع.