المشهد الذي خلفه العمل الإرهابي في مدينة نيس الفرنسية كان شبيهاً بعرضٍ مسرحي تراجيدي، فقد بدا مشهداً غارقاً في الحزن تتوسطه عشرات الجثث الملقاة على الأرض بعد أن دهستها شاحنة كان يقودها شاب تونسي في الحادية والثلاثين من عمره مستخدماً أقصى سرعته لمسافة أكثر من كيلومتر ونصف الكيلومتر فوق الممشى المخصص للناس، ما أودى بحياة أكثر من 84 شخصاً وجرح المئات، حالة نحو عشرين منهم حرجة.
صدمة وصراخ ورعب
كان الناس في تلك اللحظات، وبينهم عدد كبير من الأطفال، يتابعون الألعاب النارية التي تتزامن عادة مع العيد الوطني الفرنسي، ولم يتنبهوا إلى شاحنة الموت البيضاء التي داهمتهم كوحش ضار يفتك بكل من يصادفه من دون تمييز.
الشاب الذي قاد الشاحنة كان تونسياً وعربياً ومسلماً، إلا ان هذا لم يمنع من سقوط عشرات المسلمين والعرب في هذه المذبحة، ومنهم سيدة مغربية وابنها وثلاثة تونسيين وثلاثة جزائريين كحصيلة أولية.
وقد أكد شهود عيان رؤيتهم لنسوة يرتدين الحجاب ورجال بملابس عربية بين القتلى والجرحى، وسماعهم لكلمات عربية صادرة من امرأة كانت تصرخ بلوعة وهي تتفقد الجثث: أين ابنتي؟ او أصوات أفراد العائلة التي فقدت الأم وتبين منها كلمات مثل: إنها شهيدة.. لقد ماتت شهيدة!
إنهم يقتلون الأطفال
ونقلت وكالات الأنباء صورة موجعة لطفلة مقتولة وقد لفوا جسدها الصغير بغطاء، في حين بقيت دميتها بقربها شاهداً على فداحة الجرم وقسوة موت الأطفال في كل مكان من العالم، وقد أكد المستشفى في نيس استلامه جثثاً لأطفال بمختلف الأعمار، مع أكثر من 54 طفلاً مصاباً بعضهم بحالة غير مطمئنة. وكان من بين القتلى أيضاً رجل أمريكي في الواحدة والخمسين من عمره وابنه البالغ من العمر أحد عشر عاماً، وكانا مع العائلة في "الرحلة الحلم" التي كانا يخططان لها من زمن ويعدان لها العدة ولم يعرفا أنها ستكون "الرحلة القاتلة. والمؤلم أن الشاحنة قد دهستهما أمام أعين بقية أفراد العائلة التي شاء الحظ أن يكونوا بعيدين عن عجلاتها، وقد نشر الأهل صورة الطفل المقتول وهو يسبح سعيداً قبل موته بساعات. كما نشرت إحدى السيدات صوراً لعمتها المفقودة لعل أحدهم يتعرف إليها ويدلي بأية معلومة توصل إليها.
بماذا غرّد اللندنيون ؟
وقد خاطب الرئيس الفرنسي شعبه بعبارات مؤثرة جاء فيها: "فرنسا تبكي لأنها متألمة ولكنها متماسكة وستبقى قوية ودائماً أقوى من المتعصبين الذين يريدون إيذائها". أما اللندنيون فقد نشروا تغريدات وتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي جاءت في أغلبها تضامناً مع الضحايا وعوائلهم، فيما نشرت سيدة إنجليزية تعليقاً تقول فيه: "كنت في نيس مع طفلتي وقد طلبت منها أن تغلق عينيها كي لا ترى المشهد المروع، ولكنني رأيته للأسف". كما قالت سيدة أخرى: "سوف لن أصطحب أطفالي لأي مكان مزدحم بعد اليوم". وفي تغريدة جميلة لزوج النائبة البريطانية "جو كوكس"، التي قُتلت في الشارع قبل أسابيع قال: "لا تحاربوا الكراهية بالكراهية ودعونا نعمل معاً لتجفيف مستنقع الأحقاد الذي يُولد التطرف".
من بين القتلى
• معلمة ألمانية واثنان من تلاميذها كانوا في رحلة مدرسية إلى نيس مكافأة على تفوقهما
• امرأة مغربية وابنها
• ثلاثة تونسيين وثلاثة جزائريين
• امرأة فرنسية مسلمة وصفتها ابنتها "بالمسلمة الحقيقية"
• امرأة سويسرية في الخمسين من عمرها
• سيدة أوكرانية
• طالبة روسية في الحادية والعشرين من عمرها
• أمريكيان
شاحنة الموت تُغرق "نيس" في الحزن والدموع
- أخبار
- سيدتي - سميرة التميمي
- 15 يوليو 2016